أردوغان في أفريقيا لاقتحام "أسواق المستقبل"
٢٦ يناير ٢٠١٧خلال زيارته إلى موزمبيق الثلاثاء (24 يناير/كانون الثاني) حث رجب طيب أردوغان نظيره هناك على الكفاح المشترك ضد الداعية فتح الله غولن. وكان قد أدلى من قبل بمثل هذه التصريحات أثناء محطته في تنزانيا حيث قال أردوغان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس تنزانيا جون ماغوفولي: "لدينا أدلة على أن الذين حاولوا الإطاحة بحكومتنا ينشطون في دول أخرى". ويقصد بالدول الأخرى دولا إفريقية نشرت فيها حركة غولن على مدى سنوات طويلة الثقافة التركية وبالخصوص مدارس خاصة. ويعد غولن حاليا عدو الدولة التركية، إذ تحمل حكومة أردوغان فتح الله غولن الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية المحاولة الانقلابية في يوليو 2016.
مدارس غولن: مثيرة للجدل في إفريقيا، لكنها محبوبة
خلال جولته الإفريقية التي تستمرعلى مدى خمسة أيام يسعى أردوغان إلى ممارسة ضغوط على السلطات المعنية لإغلاق مدارس غولن، غير أن هذه المدارس بالذات تجد ترحيب فئات متوسطة في المجتمعات الإفريقية، حيث إنها تعرض بديلا بأسعار معقولة مقابل المدارس الفرنسية، كما يقول إبراهيم بانوم باري، الخبير في علم الاجتماع بجامعة سونفونيا في غينيا. "إذا كان الآباء يرسلون أطفالهم إلى المدارس التركية، فهذا لا يرجع لكونها تركية وإنما لأنها تتوفر على مدرسين جيدين. والشريحة الاجتماعية المتوسطة تبحث عن مدارس جيدة"، كما يضيف الخبير باري.
في كوناكري عاصمة غينيا يوجد حوالي 20 فرعا لتلك المدارس التركية. وفي السنوات الأخيرة أقيمت في كل إفريقيا مدارس تركية. ويبدو أن سياسة نشر الثقافة والتكوين التركية في إفريقيا مرتبطة بحركة غولن.
الخبير تيبيباس من مركز الدراسات الإفريقية بجامعة بازل السويسرية يحذر من إجراءات صارمة ضد هذه المدارس ويلاحظ: "يجب على الحكومة التركية أن تتبع في هذه العملية إستراتيجية حذرة وأن تتحلى بالصبر". ويضيف أنه يجب على أردوغان أن يقدم أدلة قوية وحلولا بديلة لإقناع شركائه الأفارقة بموقفه. "وإلا فإن بعض الدول ستنظر إلى ذلك كتدخل قوي في شؤونها الداخلية، وهذا يشكل خطرا على العلاقات الثنائية".
أسواق جديدة للقطاع المتوسط
حتى الآن يبدو أن العلاقات مع تنزانيا لم تتضرر، فالرئيس ماغوفولي طلب من اردوغان قروضا واستثمارات لتوظيفها في بناء خط السكك الحديدية المتوقع مده بين دار السلام وزامبيا. ومن المنتظر أن يربط هذا الخط البلاد مع دول بوروندي وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. ولشركة تركية فرصا جيدة للفوز بمناقصة المشروع، خاصة بعد تراجع بعض الدول المانحة عن المشروع بسبب فضيحة فساد عام 2015.
كريستيان براكيل من مؤسسة هاينريش بول في إسطنبول يعتبر أن المصالح الاقتصادية التركية تشكل السبب الرئيسي خلف جولة أردوغان الإفريقية، ملاحظا أن "تركيا تتطلع بالخصوص إلى قطاع الشركات المتوسطة الحجم وإلى فتح أسواق جديدة". وفي هذا الإطار لا تأخذ حركة غولن إلا مكانة ثانوية في ذلك، كما يرى الخبير. "تركيا تمارس ضغوطا قوية على الشركاء الأفارقة. لكن ليس ذلك هو الهدف الرئيسي، رغم قيام الصحافة بتضخيم الموضوع". ويرى براكيل أن تركيا تبحث -على المدى المتوسط والبعيد - عن أسواق بديلة لأخرى انهارت في الشرق الأوسط، مثل سوريا والعراق.
إفريقيا والمنافسات عليها
في تركيا وخاصة خلال حكم حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوعان، تطور القطاع الاقتصادي المتوسط الحجم بشكل قوي. ويعتبر الخبير براكيل من مؤسسة هاينريش بول أن هذه "الفئة من التجار التي تتمتع بالثقة" تعمل على دعم حزب العدالة والتنمية، وبالتالي فإن أردوغان يبذل جهودا لخدمة "نمور الأناضول". فهو لا يركز في هذه الجولة على فتح أسواق جديدة، بل من أجل ضمان حضور تركي هناك. ويضيف براكيل أن الأتراك يتطلعون الآن إلى ولوج أسواق قد تصبح مهمة في المستقبل، لاسيما تلك الأسواق العاملة في مشاريع الصناعات البنائية والتي تتوافق مع مشروع خط السكك الحديدية في تنزانيا، ولكنه يشير في نفس الوقت إلى أنه لا يمكن مقارنة النفوذ التركي هناك مع الالتزامات الصينية في إفريقيا.
كريستينه هارجيس/ م.أ.م