1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أردوغان والأكراد: سياسة الجزرة والعصا؟

ألماس طوبجو
١٧ نوفمبر ٢٠٢٤

ترسل أنقرة إشارات مبهمة للأكراد؛ فمن جهة تحاول إغراء زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبدالله أوجلان، ولكنها تضرب في الوقت نفسه بقوة السياسيين الكرد. فما الذي يريده الرئيس رجب طيب أردوغان وحليفه دولت بهجلي بالضبط؟

https://p.dw.com/p/4n3aD
على اليسار الرئيس التركي إردوغان، وعلى اليمين شريكه القوي في الائتلاف دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية التركية (MHP) المتطرف.
على اليسار الرئيس التركي إردوغان، وعلى اليمين شريكه القوي في الائتلاف دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية التركية (MHP) المتطرف.صورة من: DHA

كانت مفاجأة كبيرة عندما توجه فجأة في تشرين الأول/أكتوبر دولت بهجلي - زعيم حزب الحركة القومية (MHP) المتشدد قومياً - إلى السياسيين الأكراد في حزب المساواة الشعبية والديمقراطية (DEM) وصافحهم. وبالرغم من أنَّه كان يزعم طيلة سنين أنَّ حزب المساواة الشعبية والديمقراطية اليساري  المؤيد للأكراد يعتبر مثل حزب الشعوب الديمقراطي السابق مجرد امتداد لتنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي، ولذلك يجب حظره.

وزادت المفاجأة عندما اقترح بعد بضعة أسابيع إمكانية الإفراج عن زعيم  حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بشرط إعلانه حل حزب العمال الكردستاني. فهذه خطوة غير متوقعة من رئيس حزب الحركة القومية، الذي تفرعت منه حركة الذئاب الرمادية اليمينية المتطرفة ويعرف بإيديولوجيته المعادية للأقليات.

وفي الأيام التالية، زارت عائلة زعيم حزب العمال الكردستاني للمرة الأولى منذ 43 شهراً أوجلان في سجنه. ويقبع أوجلان البالغ من العمر 76 عاماً منذ عام 1999 في حبس انفرادي داخل سجن شديد الحراسة.

وجرت محادثات سلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني بين عامي 2013 و2015. وعاد التوتر من جديد بعد إعلان حزب العمال الكردستاني مسؤوليته عن هجوم مسلح أودى بحياة خمسة في أنقرة في تشرين الأول/أكتوبر 2024.

وبدأت الحكومة التركية في التعامل بشدة وقمع مع  السياسيين الأكراد في داخل تركيا وبشن عمليات عسكرية في شمال العراق وشمال شرق سوريا. حيث يقع في جبال قنديل في العراق مقر حزب العمال الكردستاني. وفي سوريا، تأسس مع تأسيس الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا (روج آفا) حكم ذاتي عموده الفقري الأكراد.

زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (عمره 76 عامًا) - مسجون منذ عام 1999 في حبس انفرادي داخل سجن شديد الحراسة. هل يطلق سراحه قريبًا بشروط؟
زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (عمره 76 عامًا) - مسجون منذ عام 1999 في حبس انفرادي داخل سجن شديد الحراسة. هل يطلق سراحه قريبًا بشروط؟صورة من: HURRIYET/dpa/picture-alliance

تركيا تعزل 3 رؤساء بلديات موالين للأكراد من مناصبهم

ومنذ دعوة دولت بهجلي أوجلان للحضور إلى البرلمان لإعلان حل الحركة، مقابل إطلاق سراحه، انتشرت في تركيا تساؤلات وتكهنات حول نوايا أنقرة. ولماذا يسعى ممثلو الحكومة من ناحية إلى التقارب من أوجلان، في حين يتم في الوقت نفسه عزل السياسيين المنتخبين من الأكراد؟ وهل أجرت الحكومة التركية مفاوضات سرية مع زعيم حزب العمال الكردستاني ولكنها مع ذلك فشلت في تحقيق ما أرادته؟

وقبل أسبوعين فقط، اعتُقل رئيس بلدية منطقة إسنيورت في إسطنبول بتهمة صلات مزعومة  بحزب العمال الكردستاني. وبعد أيام قليلة، تم عزل ثلاثة رؤساء بلديات أكراد في جنوب شرق تركيا واستبدالهم برؤساء بلديات فرضتهم الدولة. وهذا ما حدث لأحمد تورك، وهو سياسي كردي مخضرم. فهذا الرجل البالغ من العمر 82 عاماً، تم انتخابه ثلاث مرات في الماضي رئيساً لبلدية ماردين، ثم تم عزله ثلاث مرات.

وفي هذا الصدد يتفق المراقبون على أنَّ أردوغان يريد أن يترشح لرئاسة تركيا من جديد. ومن أجل توليه ولاية رابعة، سيكون من الضروري إجراء تعديل دستوري، ولكنه بحاجة إلى الأغلبية الضرورية في البرلمان. ولتحقيق هذه الأغلبية، يخطط أردوغان لاستخدام سياسة العصا والجزرة من أجل كسب تأييد  الأكراد وحزب المساواة الشعبية والديمقراطية المؤيد للأكراد. ولذلك فهو يغريهم بتقديم تنازلات، مثل فرض إقامة جبرية مخففة على أوجلان وكذلك احتمال إنهاء سياسة الإدارة البدلية المفروضة في المناطق الكردية. وبهذه الطريقة قد يشتت أردوغان المعارضة ويقسمها.

- انتُخب ثلاث مرات وتم عزله ثلاث مرات: السياسي الكردي أحمد تورك.
- انتُخب ثلاث مرات وتم عزله ثلاث مرات: السياسي الكردي أحمد تورك.صورة من: Kivanc El/DW

تغير موازين القوى في الشرق الأوسط؟

وتوجد أسباب أخرى تلعب دوراً حاسماً في هذه الخطوة الأخير، بحسب باحثة العلوم السياسية أرزو يلماز من جامعة كردستان هولير في أربيل شمال العراق: "يأتي في المقام الأول الوضع غير المستقر في الشرق الأوسط وقرار الإدارة الأمريكية سحب الجنود الأمريكيين من العراق وسوريا بحلول عام 2026"، كما تقول. وتضيف أنَّ ذلك يمكن أن يحدث بسرعة أكبر بعد إعادة انتخاب دونالد ترامب. 

واليوم ما يزال يوجد 2500 جندي أمريكي متمركزين في العراق و900 جندي أمريكي في سوريا. والأمريكيون يتعاونون في سوريا بشكل وثيق مع  الميليشيات الكردية هناك. "موازين القوى تتغير في الشرق الأوسط، ولكن بالرغم من طموحات تركيا، إلَّا أنَّها لا تُعد لاعباً مهماً هناك"، كما تقول أرزو يلماز. وتضيف أنَّ أنقرة ربما ترغب في تغيير ذلك.

وقد تحدثت بهذا المعنى بيسي هوزات، الرئيسة المشاركة لمنظومة المجتمع الكردستاني، وهي منظمة رئيسية يتبعها  حزب العمال الكردستاني. وقالت في حوار إنَّ وضع تركيا الجيوسياسي والجيوستراتيجي وكذلك نفوذها في المنطقة باتا يضعفان تدريجياً. وهذا يؤدي بحسب تعبيرها إلى إصابة الحكومة التركية بحالة من الخوف والذعر. ولذلك فإنَّ الحكومة التركية تبحث عن مخرج وتحاول استغلال الزعيم الكردي عبد الله أوجلان لتحقيق أهدافها الخاصة.

حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا مقره الرئيسي في شمال العراق.
حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا مقره الرئيسي في شمال العراق.صورة من: Younes Mohammad/IMAGO

توقع تنفيذ تركيا عمليات عسكرية جديدة

ومن جانبه أعلن أردوغان يوم الأحد أنَّه سيغلق قريباً "الثغرات الأمنية على الحدود التركية الجنوبية". وهذا يهدد بتنفيذ تركيا المزيد من العمليات العسكرية في سوريا والعراق.

وبحسب رأي أرزو يلماز، لا يتعين على  لأكراد العراقيين أن يقلقوا بشأن مستقبلهم، لأنَّ وضعهم الراهن راسخ في دستور العراق. أما منطقة الحكم الذاتي "روج آفا" في شمال شرق سوريا فمستقبلها غير مؤكد وغامض: "لقد تم دعمها حتى الآن من الولايات المتحدة الأمريكية. ومن غير الواضح ماذا سيحدث بعد انسحاب القوات الأمريكية من هناك ومَنْ سيملأ فراغ السلطة. والمهم هو كيف يتعاون الأكراد مع بعضهم تركيا وسوريا والعراق وإيران". 

ووفقاً لمصادر قريبة من حزب العمال الكردستاني، فقد أقيم الأسبوع الماضي في بروكسل أول اجتماع لأحزاب كردية من العراق وإيران وسوريا وتركيا من أجل مناقشة الوضع في الشرق الأوسط والعلاقة مع الحكومة التركية. ولم يرشح أي شيء عن نتائج هذا الاجتماع.

والأكراد هم أكبر شعب في العالم من دون دولة خاصة بهم. ويوجد بحسب التقديرات أكثر من اثني عشر مليون شخص كردي يعيشون في تركيا، ونحو اثني عشر مليون كردي نصفهم في العراق ونصفهم الآخر في إيران، بالإضافة إلى نحو ثلاثة ملايين كردي في سوريا. كما أنَّ أكبر جالية كردية في الشتات تعيش بألمانيا، ويبلغ عدد فرادها مليون شخص تقريبًا. وقد دعت الجالية الكردية في ألمانيا إلى الخروج يوم 16 تشرين الثاني/نوفمبر في مظاهرة كبيرة بمدينة كولونيا الألمانية من أجل الاحتجاج ضد الحكومة التركية.

أعده للعربية: رائد الباش