أطباء أتراك يخشون من تكرار سيناريو الموت الإيطالي في بلدهم
٢٧ مارس ٢٠٢٠الحكومة التركية جادة في حربها ضد فيروس كورونا، هذا هو الاعتقاد السائد لدى شريحة واسعة من المجتمع التركي. ويبدو أن الحكومة قد اتخذت العديد من الإجراءات، ففي وقت مبكر تم إغلاق المدارس وإلغاء تظاهرات كبرى وإغلاق الحدود مع بلد المخاطر إيران، بل حتى فرض حظر التجوال على كبار السن الذين يتجاوزن الخامسة والستين.
ووزير الصحة التركي يطلع الرأي العام على الوضع المتطور عبر تويتر: وأعلن بسرور عن عدد التجارب التي تم إجراؤها. وحتى المعارضة التي عادة تكون في خصام مع الحكومة التركية تبدو راضية عن تعامل الحكومة مع الأزمة.
الأطباء لهم نظرة أخرى
تحدثت دويتشه فيله DW مع أطباء يعالجون مرضى كورونا في مستشفيات تركية. والأطباء الذين يريدون جميعا الحفاظ على السرية يشككون ـ بعكس الرأي العام ـ بتجاوز أزمة كورونا، ويتحدثون بقلق عن تقصير هائل. "المشكلة لا تكمن في وفيات الفيروس. المشكلة هي العدد الكبير للمصابين. والعدد يرتفع بسرعة ـ وحتى في العالم بأسره لا توجد تجهيزات طبية كافية وأجهزة تنفس لمواجهة الإقبال"، يشكو طبيب لا يريد ذكر اسمه لأسباب عملية قانونية.
تجارب كورونا بضاعة نادرة
وزير الصحة التركي يؤكد للسكان إجراء ما يكفي من التجارب لضبط الفيروس: إذ جاء في تغريدة له "3.952 تجربة أُجريت في الساعات الـ 24 الأخيرة". لكن العديد من الأطباء يشيرون إلى العدد القليل جدا للتجارب، وبالتالي فإن العدد الخفي للمصابين بكورونا مرتفع جدا. "90 في المائة من مرضانا يخضعون حاليا لعلاج خاص بكورونا، لكن لم يتم تشخيص كوفيد 19 عند أي مريض، لأن التجارب لا تتم. فقط تجربة أو اثنتين تتمان لكل 100 شخص"، يقول طبيب يعمل في أحد المستشفيات الحكومية الكبرى، ويضيف "حتى لو ظهرت عوارض كورونا مثل الالتهاب في الرئتين والحمى والسعال، فإنه لا يتم إجراء تجارب"! وحتى أخصائي في الطب العام الذي يوجد في حجر صحي ونقل فيروس كورونا لزوجته وابنه يرى في العدد القليل للتجارب مشكلة رئيسية في محاربة الفيروس.
"سواجه أياما سيئة صعبة"
كما أن أطباء أتراك ينتقدون عدم الالتزام بإجراءات الحجر الصحي للمصابين بكورونا. ويقول موظف في مستشفى " أولئك الذين يتم الشك فيهم بحمل كوفيد 19 يتم عزلهم أولا في جناح منفصل عن المرضى الآخرين... لكن لا يمكن وصف ذلك كحجر صحي كامل، لأن أقارب المرضى يدخلون ويخرجون" وهم يزورونهم.
كما أن الأطباء يتحدثون عن مشكلة إضافية لا يعرفها الرأي العام التركي، وهي أن عدد الأطباء والعاملين في مجال الرعاية الطبية المصابين بالفيروس مرتفع جدا. "لدينا زملاء مصابون يرقدون في أقسام العناية المركزة ويتنفسون عبر أجهزة التنفس الاصطناعي الطبية"، يقول جراح عام يعمل في مستشفى حكومي.
وهذا الجراح قلق لكون الناس يواجهون ظروفا مثل تلك السائدة في ايطاليا وفرنسا حيث يعم العجز في التعامل مع المرضى وكل الأسرة محجوزة. "سنواجه أياما سيئة صعبة، في إيطاليا يجب على الأطباء اتخاذ القرار بشأن من ينبغي أن يموت أو أن يبقى على قيد الحياة. أتساءل كيف يمكن ان اتخذ مثل هكذا قرار؟ إنني أشعر بالخوف من ذلك".
عدم التعامل بجدية مع خطر الفيروس!
ورغم مناشدات الحكومة التركية والرئيس رجب طيب أردوغان للسكان بالبقاء في بيوتهم، فإن الكثيرين لا يتجاوبون مع هذه المناشدات، وكبار السن الذين فُرض عليهم حظر التجول يغادرون البيت. ورغم وقف المواصلات العامة لم يتغير شيء في حشود الناس بمدينة اسطنبول التي تضم 16 مليون نسمة، وفيديوهات مجموعات كبيرة تحتفل بأعراس تنشر في وسائل التواصل الاجتماعي. "إذا كنا لا نريد فقدان الناس الكبار والمرضى، فلا يحق لأحد أن يغادر البيت. إنه حلنا الوحيد"، يشدد طبيب يرفض الإفصاح عن هويته
وطبيب آخر يريد استغلال الفرصة للتأكيد على الخطر الذي يشكله هذا الفيروس المستجد. ويقول بأن الكثير من الناس لا يأخذون خطر الفيروس على محمل الجدية، لأن بعض الفيروسات المشابهة تتسبب أيضا في نسبة عالية من الوفيات. وما يساهم في هذا الإدراك الخاطئ هو أن 80 في المائة من المصابين لا تظهر عليهم أعراض جدية.
أمينة آلغان/ م.أ.م