ألمانيا تود الاستفادة من خبرات اللاجئين
٣٠ أبريل ٢٠١٥يزداد عدد المسنين في ألمانيا باستمرار ما يدفع بالشركات للبحث عن من يعوض هؤلاء في أماكن العمل. ورغم ارتفاع عدد العاملين الذي من المتوقع أن يبلغ هذا العام رقما قياسيا بمستوى حوالي 43 مليون عامل، إلا أن الاقتصاد يعاني من نقص في العمالة المتخصصة. كذلك أماكن التكوين المهني تبقى فارغة في كثير من الحالات ولاسيما في المهن التي لا تشهد عادة إقبالا كبيرا عليها. وحسب دراسة قام بها معهد أبحاث سوق العمل والمهن فإن اليد العاملة آخذة في التقلص في ألمانيا وستتراجع بنسبة الثلث مع حلول عام 2050.
من ناحية أخرى تشهد ألمانيا تدفق المزيد من اللاجئين إليها والكثير منهم يتقن مهنة أو حاصل على شهادة جامعية. ويرى ميشائيل هوثر، مدير معهد الاقتصاد الألماني في كولونيا، أن هؤلاء اللاجئين يشكلون "إمكانات كبيرة"، فكل لاجئ من أصل خمس لاجئين حاصل على شهادة جامعية، وكل لاجئ من أصل ثلاث لاجئين له تأهيل مهني يعادل مستوى مهارة العمالة الألمانية.
عائق اللغة
أدرك المسؤولون في ألمانيا أهمية اليد العاملة في صفوف اللاجئين المقيمين بألمانيا وإمكانية الاستفادة منهم، وأطلق مكتب العمل الألماني ومكتب الهجرة واللاجئين مشاريع رائدة لاختيار يد عاملة متخصصة وتوظيفها في سوق العمل الألمانية. ومنذ شهر أكتوبر من عام 2014 تم الحصول بهذه الطريقة على قرابة 8 آلاف متخصص من بين اللاجئين، حيث يمكن إدماجهم في سوق العمل الألمانية. لكن هذا المشروع يفتقر إلى التمويلات المرتبطة بتدريس اللغة الألمانية، فمن بين 8 آلاف مهني محتمل لم يحصل على دورة تعليمية لغوية إلا مائتي شخص فقط.
ويعبر بيتر فايس، برلماني من الحزب الديمقراطي المسيحي، عن أسفه لهذا الوضع ويرى أن مثل هذه المشاريع الرائدة لا تحصل على تمويل كاف. وتقدم البرلماني فايس مؤخرا بطلب للكتلة البرلمانية لاتحاد الحزبين المسيحيين بهدف تقديم دعم مالي لمكتب الهجرة واللاجئين وكتب العمل الألماني. كما أكد فايس على ضرورة تحسين دورات اللغة الألمانية وإعدادها جيدا بالموازاة مع سوق العمل الألماني.
ولاية ساكسونيا السفلى ولاية رائدة
استطاعت ولاية سكسونيا السفلى تطوير مشاريع التنمية الاقتصادية بالاستفادة من اللاجئين وخلق نهج خاص لتصبح نموذجا في ألمانيا. وبما أن اللاجئين، وبالخصوص اللاجئين من سوريا، لا يستطيعون العودة إلى بلادهم بسبب الحرب الأهلية فإن توسيع مستوى البحث عن مهنيين متخصصين في صفوف هؤلاء اللاجئين أمر قائم، كما قالت وزير الاقتصاد والعمل والنقل في ولاية ساكسونيا السفلى. وتضيف الوزيرة: "هؤلاء الناس يجب أن يحصلوا على آفاق مستقبلية للعمل والاندماج في المجتمع لأنه من المتوقع أن يقضوا فترة طويلة هنا في ألمانيا بسبب الوضع المتأزم في بلدهم".
وتطلق ولاية سكسونيا السفلى على هذا المشروع شعار "التعرف على الكفاءات - للنجاح في ولاية سكسونيا السفلى". وبالفعل فموظفو مكتب العمل هناك يعملون منذ اليوم الأول لوصول اللاجئين إلى مراكز الاستقبال في ولاية سكسونيا السفلى بتحديد مؤهلات اللاجئين وكفاءاتهم المهنية وخبرتهم العملية ومهاراتهم اللغوية وما إذا كانوا يتناسبون مع سوق العمل الألمانية.
إجراءات الحصول على تصريح عمل
وكانت الحكومة الألمانية قد قامت في شهر (يوليو/تموز 2014) بإطلاق قانون يسمح لطالبي اللجوء بالبحث عن عمل في ألمانيا. وبإمكان طالبي اللجوء الآن تقديم طلب للعمل بعد ثلاثة أشهر من دخولهم ألمانيا فيما كانت المدة سابقا تسعة أشهر. كما يمكن أيضا للحاصلين رسميا على لجوء في ألمانيا وللمعرضين منهم للخطر في بلدانهم الأصلية أن يعملوا في ألمانيا.
ويبث مكتب الأجانب في قرار تصريح العمل فيما يقوم مكتب العمل بفحص هذا الملف والموافقة عليه في حالة عدم وجود مواطن من أصل ألماني أو مواطن من دول الاتحاد الأوروبي يمكنه القيام بتلك الوظيفة. ولا يتم البث في ملف اللاجئ إذا تواجد لأكثر من 15 شهرا متتالية في ألمانيا أو كانت لديه إقامة قانونية في ألمانيا أو اشتغل في وظيفة متدنية لا تناسب شهادته الجامعية.
الاقتصاد الألماني في حاجة إلى يد عاملة متخصصة
يرى ميشائيل هوثر، مدير معهد الاقتصاد الألماني، أن هذه الإجراءات غير كافية ويدعو إلى إصلاح جذري في قانون اللجوء. ويطالب بأخذ مؤهلات اللاجئين بعين الاعتبار عند فحص طلبات اللجوء. كما يطالب وزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابرييل كذلك بتغيير قانون اللجوء وبضرورة إدماج الشباب في سوق العمل الألمانية، ويقول: "مطلبنا هو السماح لكل من يريد أن يدرس أو يحصل على تكوين مهني أن نساعده على ذلك للبقاء هنا في ألمانيا بشكل دائم، وإذا قرروا العودة بعد ذلك إلى بلدانهم فهذا مفيد لتلك البلدان أيضا".
العمل وسيلة في طريق الاندماج
يطالب هيرفارت برونه، مدير أكبر وكالات العمل، بضرورة تقديم تصاريح عمل لكل اللاجئين في ألمانيا فورا ويقول: "إذا حصل اللاجئون على عمل فيمكنهم الاندماج بسرعة ويمكن للمجتمع أن يتقبلهم بسرعة أيضا". ويعتبر أن بقاء اللاجئ لفترة قصيرة في ألمانيا والعمل فيها أمر مفيد لخزينة الدولة وللاجئ أيضا.
ويطالب برونه أيضا بضرورة تبسيط قوانين الاعتراف بالمؤهلات الأجنبية لطالبي اللجوء إسكان اللاجئين في مناطق تحتاج ليد عاملة، لأن معظم الوظائف الشاغرة في حاجة إلى ذوي المهارات المناسبة لها. ويضيف أن هناك وظائف خالية لتشغيل أكاديميين وغيرهم من اليد العاملة.
التغلب على البيروقراطية
ولكن كيف الأمر إذا لم يتوفر اللاجئون على شهادات ودبلومات تثبت قدراتهم، حيث لا يمكن الحصول عليها بسبب الأوضاع الأمنية المزرية التي تتخبط فيها بلدانهم؟ في هذه الحالة أطلقت وزارة التعليم مشروعا تدريبيا يقضي بوضع خبرات اللاجئ التقنية تحت المجهر لتقييم مهاراته وقدراته ومعرفته العملية. وتساهم 9 مدن ألمانية كبرى في هذا المشروع النموذجي. وفي حال نجاحه سيتم توسيع نطاق العمل به في مناطق أخرى من البلاد.