ألمانيا - ذكرى خاصة بالمبعَدين من المناطق الشرقية السابقة
١٣ يناير ٢٠١٤يبلغ عمر السيد ليبهارد فرانكه 82 عاما. ورغم سنه المتقدم، فإنه يتذكر جيدا ذلك اليوم في عام 1946 عندما تلقت أمه رسالة رسمية من السلطات التشيكوسلوفاكية تخبرها فيها بقرار إبعاد أسرتها من مدينتها. فمرة أخرى أصبحت المنطقة التي سكنت فيها الأسرة الألمانية إلى حين انتهاء الحرب العالمية الثانية تشيكوسلوفاكية. كان السيد ليبهارد فرانكه آنذاك في سن الرابعة عشرة. وبعد تلقي الرسالة بأشهر قليلة تم نقل الأسرة التي كانت تتألف آنذاك من الأم وأطفالها الثلاثة وجدتهم إلى غرب ألمانيا.
الحفاظ على الذكريات
يشبه مصير أسرة فرانكه مصير الملايين من الألمان في المناطق الشرقية لألمانيا آنذاك والتي أصبحت بعد الحرب العالمية الثانية مناطق تشيكوسلوفاكية وبولندية. والآن ومن خلفية تلك الأحداث الماضية قررت الحكومة الألمانية الجديدة إدراج موعد سنوي للتذكير بهؤلاء المبعدين.
عندما وُلد ليبهارد فرانكه عام 1932، كانت تشيكوسلوفاكيا مسقط رأسه، غير أن السكان كانوا يتحدثون باللغة الألمانية، كما يقول. ويشير إلى أن عدد التشيكيين في تلك المنطقة كان قليلا. من خلال اتفاقية ميونيخ عام 1938 أصبحت المنطقة جزءا من ألمانيا النازية. وبعد استسلامها في نهاية الحرب العالمية الثانية لم يكن هناك من مجال يسمح للألمان المنهزمين بالمحافظة على تلك المناطق. وقد شكلت القرارات التي اتخذتها الدول المنتصرة في الحرب عام 1946 أساسا لذلك، حيث إنها تنص على إعادة توطين الألمان الذين كانوا يقيمون في مناطق شرقية لألمانيا السابقة.
ارتفاع عدد سكان غرب ألمانيا بثمانية ملايين شخص
تمت عملية إبعاد الألمان من المناطق الشرقية سابقا من خلال نقلهم في عربات السكك الحديدية. وقد تم توزيعهم على غرب ألمانيا وشرقها. بعد ثلاثة أيام من السفر وصل ليبهارد فرانكه مع أسرته إلى مدينة صغيرة في جنوب غرب ألمانيا. " بكل بساطة تم الزج بالناس في المدن والقرى. ووجدت أمي نفسها مجبرة على البحث عن مأوى لأسرتها"، كما يتذكر ليبهارد فرانكه.
وقد وجب على المواطنين المحليين أن يقدموا غرفا في منازلهم أو جزءا كاملا منها للقادمين الجدد من المواطنين المبعدين. "كان ذلك وضعا حرجا بالنسبة للمحليين وللمبعَدين على حد سواء"، كما يقول فرانكه. ويضيف أن أباه عاد عام 1946 من الأسر وأنه ساهم بعد ذلك في إعادة بناء الكنائس المدمرة. ولذلك كان وضع الأسرة أفضل مقارنة بوضع غيرها من الأسر، فعدد كبير من المبعَدين أُعتبروا متطفلين في وطنهم الجديد. ويشير المؤرخ مانفريد كيتل مدير مؤسسة الهرب والإبعاد والمصالحة إلى أن المبعَدين ساهموا بشكل كبير في إعادة بناء ألمانيا بعد الحرب.
محيط جديد يتطلب التكيف معه
ابتداء من عام 1950 تأسست منظمات خاصة بالمبعَدين، حيث إنها أخذت على عاتقها "الحفاظ على ثقافة الوطن المفقود، ورفعت مطالب سياسية أيضا بهذا الشأن". ويبلغ عدد تلك المنظمات، حسب كيتل 20 منظمة حاليا، غير أن عدد أفرادها في تراجع مستمر.
مثل هذا التطور لا يفاجئ السيد ليبهارد فرانكه. فهو يرى أنه لا يمكن إبقاء تقاليد معينة على قيد الحياة إلا إذا تم التمسك بها داخل محيط مجموعة شعبية متجانسة. وفي حال انتقال أفراد هذه المجموعة الشعبية إلى محيطات أخرى، فإن تلك التقاليد تفقد أهميتها. "لا بد من التكيف بالمحيط الجديد"، كما يقول ليبهارد فرانكه. ورغم فكرة إقامة ذكرى جديدة، فإن ذلك لن يؤدي إلى إحياء تقاليد المبعَدين، غير أن ذلك سيعمل على التذكير بمصيرهم على الأقل. حتى الآن لم يتم بعد الاتفاق على موعد للتذكير بهم. غير أنه من المحتمل أن يكون في اليوم العالمي للاجئين، أي في العشرين من حزيران/يونيو من كل عام.