ألمانيا ـ "الهيدروجين الأخضر" مصدر واعد للطاقة وصديق للبيئة
٢١ نوفمبر ٢٠٢٠الهيدروجين يعد معقد آمال إذا تحقق النجاح في تسيير الاقتصاد حتى 2050 بطريقة "محايدة التأثير على المناخ". فهذا الغاز يُعتبر باستخدامه المتعدد الجوانب في الصناعة وحتى في حركة الشاحنات وربما حتى في الطيران مصدر طاقة مثالي. وبالنسبة إلى الحكومة الألمانية يكون الهيدروجين بكل حال "مكون محوري في تحول سياسة الطاقة".
والمحللون في المعهد البريطاني Aurora Energy Research يرون ذلك بنفس الطريقة: فقد لاحظوا في مقارنة دولية للسوق الأوروبية أن "المانيا لها الخطة الطموحة والمفصلة وكذلك سلسلة تزود قائمة بالهيدروجين". فألمانيا هي بفارق كبير السوق الأكثر جاذبية للهيدروجين. والألمان يتفوقون في ذلك على هولندا وبريطانيا وفرنسا والنرويج. وباستمرار يتبين أن مستثمرين كبار مهتمون ويعلنون عن مشاريع هيدروجين جديدة في المانيا. والحكومة الألمانية قررت من جهتها وفقا لـ"استراتيجية الهيدروجين" إقامة شراكات مع موردين أجانب ودعم الإنتاج المحلي بتسعة مليارات يورو.
بمثال يحتذى به في المقدمة
وعلى هذا النحو أعلنت شركة الطاقة البريطانية بي بي وشركة الطواحن الرياح أورستيد من الدنمارك الثلاثاء (11 نوفمبر 2020) تشييد منشأة لتوليد الهيدروجين في لينغن في وسط شمال المانيا. وبـ 50 ميغاوات سيتعدى هذا المشروع الطاقة المبرمجة لمشروع Westküste 100 في ولاية شليزفيش هولشتاين. والشركة الدنماركية أورستيد مشاركة في المشروع. والمشغل الدنماركي للطواحن الهوائية في بحر الشمال يُتوقع أن يقدم الكهرباء ـ الأخضر ـ. وموعد انطلاقة التشغيل في كلا الحالتين مقرر لعام 2024. وحتى شركة النفط شيل تتطلع لتصبح عارضا رائدا "للهيدروجين الأخضر"، وهذا ما أعلنت عنه في سبتمبر. كما أن الشركة تريد من خلال المزج بين طواحين الرياح البحرية وإنتاج الهيدروجين المشاركة في إنتاج الطاقات المتجددة وحتى 2030 توفير نحو 1000 محطة شحن للسيارات الكهربائية في محطات الوقود لديها.
استراتيجية ألتماير
وزير الاقتصاد الألماني يضغط حاليا لاعتماد معايير مشتركة في استراتيجية الهيدروجين للاتحاد الأوروبي. وهذه من شأنها تحديد ما هو الهيدروجين "الأخضر"، كما طالب الوزير مطلع أكتوبر في مستهل مؤتمر دولي:" التوجهات الأحادية الوطنية لا تخدم أحدا". وحسب استراتيجية الهيدروجين لدى ألتماير يجب حتى 2040 على أبعد تقدير تشييد طاقات تحليل كهربائي بقوة عشرة ميغاوات ـ وهذا يعادل طاقة عشر محطات نووية. والإنتاج يراد دعمه هنا من خلال الإعفاء من الرسوم على الكهرباء من الرياح أو الشمس.
ومفوضة الطاقة الأوروبية كادري سيمسون أشارت أيضا إلى ضرورة التعاون الدولي وذكرت بلدانا مثل أوكرانيا والمغرب كشركاء. وألمانيا سبق وأن أبرمت اتفاقيات أولى للتعاون مع بلدان افريقية حيث تُستخدم الشمس والرياح كمصادر طاقة بشكل أقوى. "الهيدروجين يمثل فرصة لا نحصل عليها في الغالب"، كما قالت سيمسون.
نقص في الشبكات
ووزير الاقتصاد في ولاية شمال الراين وستفاليا، اندرياس بينكفارت أشار إلى مشكلة في المانيا: فحسب تقديرات، كما قال الوزير، ستكون هناك حاجة في المانيا حتى عام 2050 إلى نحو 6000 كلم من أنابيب الهيدروجين، وإلى حد الآن لا يوجد إلا جزء صغير. وتنظيم شبكات الهيدروجين وجب بالتالي استيعابه في أسرع وقت ممكن ضمن قانون اقتصاد الطاقة. والهيدروجين المستخرج من الطاقات المتجددة وجب تحريره من الضريبة، كما قال بينكفارت:" فقط على هذا النحو يمكننا إيجاد تحفيز اقتصادي لإنتاج واستخدام الهيدروجين الأخضر". والضريبة لدعم الطاقات المتجددة تعرقل إلى حد الآن تنفيذ استراتيجية الهيدروجين الألمانية.
حاجة متزايدة
وتبين دراسة أخرى الجانب الملح لتشييد البنية التحتية بحكم أن الحاجة إلى الكهرباء في المانيا حتى عام 2050 ستزداد. بنسبة 60 في المائة بالمقارنة مع 2018 سيرتفع الاستهلاك من خلال التحول من النفط والغاز إلى الطاقة الكهربائية ويجب تغطيته كليا من مصادر متجددة، كما يفيد أصحاب الدراسة. ومنذ 2030 ستكون الحاجة للكهرباء أعلى مما افترضته وزارة الاقتصاد.
إنتاج الهيدروجين كمحرك وظائف
ومن الناحية الاقتصادية قد تصبح الاستثمارات في تقنية الهيدروجين مثمرة: بتفويض من اتحاد الطاقات المتجددة حسَب معهد المناخ والبيئة والطاقة وشركة الاستشارة DIW Econ أنه من خلال تنفيذ استراتيجية الهيدروجين قد تنشأ مئات آلاف فرص العمل. فإذا تم تحصيل 90 في المائة من الهيدروجين في المانيا لتحقيق هدف الحياد المناخي من الإنتاج المحلي، فمن الممكن الحصول في عام 2050 على أكثر من 800.000 فرصة عمل إضافية ومفعول ذو قيمة مضافة حتى 30 مليار يورو.
والهيدروجين المنتج في المانيا ليس تلقائيا أغلى من الهيدروجين من شمال افريقيا أو مناطق أخرى، كما يؤكد أصحاب الدراسة. والسبب هي تكاليف النقل العالية. وألمانيا تتطور باستراتيجيتها الطموحة في الهيدروجين والطاقة المتزايدة لاستغلال الشمس والطواحين الهوائية في مقارنة أوروبية إلى السوق الأكثر جاذبية لاستثمارات، لاسيما في "الهيدروجين الأخضر".
ديرك كاوفمان/ م.أ.م