أموال ألقاعدة من أين ؟
٢٤ أكتوبر ٢٠١٣شهدت ندوة مكافحة تمويل الإرهاب في 9 سبتمبر 2011 التي استضافتها وزارة الخزانة الأميركيةتركيزا على أساليب المنظمات الإرهابية الجديدة في البحث عن مصادر تمويل، منخلال خطف السياح وطلب الفدية والسطو على البنوك والاتجار في المخدراتوالبشر. وركزت الندوة على جوانب سياسية لقطع التمويل عن منظمات تعتبرهاالولايات المتحدة إرهابية، مثل حماس وحزب الله اللتين تمولهما إيران. وكانت اللجنة التي تأسست في العام 1999 بمقتضى القرار رقم 1267 لمجلس الأمن؛ تشرف على تطبيق العقوبات التي يفرضها المجلس على كيانات تصنف على أنها تنتمي إلى أو على علاقة بطالبان والقاعدة أو أسامة بن لادن.
وأوضح وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنرانذاك حول تجفيف التمويل قائلا: "إنه يعتمد على أربعة أمور أساسية وهي العمل الإستخباريوفرض عقوبات والتعاون مع الشركاء والحلفاء الدوليين وإشراك القطاع الخاص منأجل تحديد الجهات المانحة والممولين والوسطاء المتورطين في دعم المنظمات الإرهابية، وذلك بهدف تعطيل قدرتهم على تمويل هذه المنظمات." واستعان غايتنر بمقولة المؤرخ اليوناني ثوسايدايدس، الذي قال : "إنالحرب لا تتعلق بالأسلحة بقدر ما تتعلق بالمال"، مؤكدا على أهمية مناقشةكيفية تجفيف مصادر تمويل المنظمات الإرهابية. وأشار إلى أن أحد كبار قادةتنظيم القاعدة في أفغانستان قد صرح بأنه من دون المال يتوقف "الجهاد ".
القاعدة تحصل على ملايين الدولارات مقابل الفدى
وأضاف كوهين نائب وزير المالية آنذاك، أن تنظيم القاعدة واجه أسوا أزمة مالية في عام 2010، وأصبحالموقف المالي للقاعدة غير مستقر، مما أضر بقدرة التنظيم على العمل،وتؤكد أجهزة الاستخبارات أن تنظيم القاعدة يكرس اهتماما وجهدا كبيرا لجمعالأموال وإدارة الميزانية وتكاليف تشغيل التنظيم من حيث الأسلحة والوقودوالرواتب. وأكد كوهين زيادة الجهود في مكافحة شبكات الدعم المالي لتنظيم القاعدة فيشبه الجزيرة العربية وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وحركة الشباب فيأفريقيا. ومكافحة استخدامهم المتزايد للخطف والحصول على فدية، وسرعان ماأصبح ذلك مصدر تمويل مهما لتنظيم القاعدة وفروعه، وقال: "لدينا معلومات بأنتنظيم القاعدة حصل على عشرات الملايين من الدولارات منذ من خلالالخطف والحصول على فدية في عمليات في أفريقيا."
وفي هذا السياق يقول "مايكل جاكوبسون"، المتخصص في تمويل الإرهاب في الخزانة الأمريكية : "إن مصادر تمويل القاعدة اختلفت كثيرًا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. فقبل الأحداث كان تنظيم القاعدة تنظيمًا مركزيًّا قادرًا على تمويل عملياته، بالإضافة إلى دعم جماعات جهادية أخرى، وبالتالي جعلها تدور في فلكه. أما الآن فقد أصبح هناك العديد من الخلايا على اتصال بتنظيم القاعدة، ولكنها تقوم بتمويل عملياتها من خلال الخطف والاحتيال وتهريب المخدرات وتشير التقديرات إلى أنه منذ عام 2007 استطاع تنظيم القاعدة في المغرب العربي تحقيق تمويل ضخم وصل إلى حوالي 130 مليون دولار من أعمال الخطف ومساعدة تجار المخدرات.
تنظيم القاعدة في اليمن
قام تنظيم القاعدة في اليمن والجزيرة العربية عن طريق عناصره بعمليات اختطاف الرهائن الغربيين من أجل الحصول على مبالغ مالية كفدية وبفترات متعددة ، وقبل القاعدة وبعدها كان رجال القبائل في البلاد يلجأون إلى خطف السواح الغربيين من أجل الحصول على مطالب معينة لدى الحكومة وهي تختلف عن غرض الفدية.
وفي عام 2009 ذكر مصدر حكومي ان تسعة أجانب بينهم سبعة ألمانخطفوا في منطقة صعدة بشمال اليمن.وأضاف المصدر أن أحد الألمان طبيب في مستشفى محلي كان يزوره الألمانالآخرون وبينهم أطفاله الثلاثة. وقالت الحكومة اليمنية، أن متمردين في صعدة نفذوا جريمة الخطف،وإضافة إلى الألمان السبعة خطف أيضا مهندس بريطاني ومعلمة كورية جنوبيةتعمل بوكالة اغاثة. ونفى مصدر بين الحوثيين في صعدةضلوعهم في الخطف، واتهموا تنظيم القاعدة بترتيب الخطف على أراضيهم ـ الحوثيون الزيديون ـ لتأليب الرأي العام ضدهم.
يقول الكاتب اليمني رياض الأحمدي أن خطف القبائل لرهائن غربيين ظاهرة معروفة خلال السنوات الماضية في اليمن، لكن الجديد فيها الآن دخول القاعدة على الخط، إن اتضح أن رجال القبائل يبيعون رهائنهم لتنظيم القاعدة. وتعد القاعدة مسألة خطف الرهائن الغربيين ضرورية لها لتمويل عملياتها بعد الحرب الاقتصادية التي شنت عليها من قبل الولايات المتحدة التي استهدفت جمعيات ومؤسسات وأشخاص يشتبه في أنهم على علاقة بعمليات تمويل للقاعدة بشكل عام ولقاعدة جزيرة العرب الموجودة في اليمن بشكل خاص. على سبيل المثال كشفت صحيفة خليجية في 26 يناير 2013 ، قيام تنظيم القاعدة في اليمن باختطاف ثلاث رهائن غربيين في منطقة المناسح في مديرية رداع بمحافظة البيضاء
القرصنة عمل منظم.
القرصنة من مصادر التمويل الهامة
برزتمشكلة القرصنة قبالة شاطئ الصومال عام 2008 كنتيجة حتمية لانهيار وتضعضعالسلطة الحكومية إثر نشوب الحرب الأهلية وقد ظهرت هذه المشكلة بداية الأمرفي الموانئ الساحلية للبلاد وكانت القرصنة كرد فعل من قبل الصيادينالصوماليين ساكني المدن الساحلية مثل مدينة ايل، كيسمايو، وهراردير،لمهاجمة سفن الصيد الأجنبية الموجودة بالمياه الإقليمية.وأعتمدمجلس الأمن بالإجماع القرار الرقم 1918 في 27 أبريل 2010 الذي قدمتهروسيا وطلب من كل الدول أن تعتبر القرصنة مخالفة جزائية تقتضي ملاحقةواعتقال الأشخاص المسؤولين عن أعمال القرصنة قبالة السواحل الصومالية.
ومايحصل من عمليات قرصنة قبالة السواحل الصومالية هي ليست عمليات قرصنةعشوائية بل عمل منظم من قبل القاعدة والقراصنة وفي تحقيق وثائقي مصور ل "سي ان ان"نشرته في فبراير 2012 اظهر بان عمليات القرصنة لمتكن عشوائية بل تقف ورائها كارتلات ومافيات دولية، أما السكان المحليونفهم مأجورون يقبضون رواتبهم الشهرية وعمولات إزاء كل عملية، واظهر الفلمالوثائقي وجود هيكلية إدارية مهنية منظمة في إدارة القرصنة يستخدم فيهاخبرات كبار المعنيين في الحسابات والبنوك وكذلك استخدام تقنيات حديثةمتطورة في زوارق وبوارج القرصنة التي أصبحت افضل تجارة مربحة في ظل الأزماتالمالية بتدفق الاستثمارات عليها و مصادر تمويل للتنظيمات الجهادية والقاعدة.
فقد كشفَ مسؤولون في وكالة الاستخباراتالمركزية الأمريكيةCIA أن تنظيم القاعدة لجأ إلى نقل مركز عملياته لمنطقةالقرن الأفريقي، بعد تصاعد الملاحقات الأمنية ضد عناصره الذين كانوا ينشطونفي المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان.
القاعدة في المغرب العربي
اما تنظيم القاعدة في المغرب فقد قام في 2009 باختطاف مجموعة من السائحين الأوروبيين واحتجازهم في دولة مالي لعدة أشهر قبل إطلاق سراحهم مقابل فدية يعتقد أنها وصلت إلى حوالي 5 مليون دولار لكل منهم، ولكنهم قاموا بقتل سائح بريطاني لرفض بريطانيا تنفيذ مطالبهم بإطلاق سراح أبو قتادة. وفي نفس السياق ذكرت الحكومة الجزائرية، إن عمليات الاختطاف التياستهدفت غربيين في الساحل الإفريقي جلبت للإرهابيين أكثر من 150 مليون يوروفي الخمس سنوات الأخيرة. لتتحول عمليات الاختطاف إلى مصدر تمويل للقاعدة وتجارة مربحة. وكانت موجة الاختطافات المتصلة بالإرهابيين قد انطلقت في 2003 عندما قام الزعيم الإرهابي الجزائري عبد الرزاق البارا باختطاف أكثر من ثلاثين سائحًا أوروبيًا في الصحراء الجزائرية.
ووافقت ألمانيا في نهاية المطاف على دفع 5 مليون أورو فدية. وأكد إلياس بوكراع مدير المركز الإفريقي للدراسات حول الإرهابCAERTأن القاعدة جمعت 100 مليون يورو من الفديات وتهريب المخدرات، ما منحالإرهابيين ميزانية تفوق ميزانيات بعض البلدان في المنطقة. وقال وزير الدفاع المالي السابق سوميلو بوبي مايغا"أن تنظيم القاعدة جمع منذ 2006 أكثر من 50 مليون دولارمن خلال مختلف الأنشطة كالاختطافات وعمليات التهريب".
سوريا: فردوس التنظيمات الإرهابية
إن سوريا مازالت تعاني من فوضى ألتنظيمات الجهادية وهنالك تشابك معقد في خارطة تلك التنظيمات والقيادات بسبب التنقلات داخل التنظيمات واشتداد المعارك وتغيير موازين اللعبة في سوريا على مستوى دولي وإقليمي ومحلي. وكانت لعبة اختطاف الأجانب إحدى وسائل وطرق عمل بعض التنظيمات والتي أصبحت مصدر لتمويل عمليات التنظيمات الجهادية والقاعدة ، ومن أبرزها:
كان لواء التوحيد أحد أكبر التنظيماتالعسكرية في الشمال السوري قد رعى اتفاق في سبتمبر2013لوقف إطلاق النار في أعزاز بينلواء عاصفة الشمال بعد سيطرةالتنظيم على المدينة القريبة من الحدود وتعزى التقارير، بان هذه المواجهات قامت اصلا على اختطاف طبيب الماني في اعزاز من قبل داعش.
كذلك اختطفت الجماعات المسلحة مصور فرنسي عند حاجز تفتيش ، وذكر المصور الفرنسي - الأميركي جوناتان البيري في اوغسطس 2013، الذي اختطف لأكثرمن شهرين، بالظهور على المحطات الأميركية، ليروي تجربته ، وذلك بعد أسابيع قليلة على إطلاق سراحه وعودته إلى نيويورك. البيري الذي أمضى 81 يوما مخطوفا من قبل إحدى هذه المجموعات، أسرته في أواخر شهر ابريل 2013 لدى توقف سيارته على حاجز مسلح فيما كان متوجهاً إلى منطقة رنكوس في ريف دمشق مع مترجم وشخص آخر، يقول البيري "فهمت لاحقا أنّ المترجم وصديقه قاموا ببيعي". وفي نفس السياق اشارت مصادر إلى ان مسلحين اختطفوا الصحافي البولندي "مارتن سودر " في يوليو 2013 من داخل المكتب الإعلامي خلال قيام بعمله.
أوروبية " مختطفة" ارتدت النقاب وصارت إرهابية بعد استلام الفدية
ألتمويل يعتبر اساس عمل تنظيم القاعدة والجهاديين،ألتقارير ألإستخبارية تعطي تفاصيل حول أهمية التمويل.
لكن من بين المفارقات الإستخبارية ، هو ان يتم الاتفاق مابين الضحية الأجنبي ـ المخطوف ـ والتنظيمات الجهادية او الجماعات المسلحة الأخرى وبعد الحصول على الفدية يتم دفع حصته، على سبيل المثال : اختطفت القاعدة في العراق سيدة أجنبية تحمل جواز أوربي وبعد مفاوضات طويلة مع الحكومة المعنية، توصلا الى دفع الفدية.
بعد استلام الضحية من قبل أجهزة استخبارات تلك الدولة والوسيط وعودتهم الى مبنى السفارة في بغداد، فتش رجال الاستخبارات أمتعة الضحية ـ المخطوفة ـ ووجدوا عملات ورقية ذاتها التي تم دفعها الى الجماعة المسلحة. وبعدها استضافتها قناة الجزيرة بعد أن أعلنت إسلامها حسب ما تدعي وبدأت ترتدي النقاب، ورفضت أن ترجع إلى بلدها الأصلي خوفا من التحقيقات والعقوبة. وهذا يعني ان الفدية وعمليات الخطف أصبحت تجارة مربحة .
إن القاعدة والمجموعات المسلحة تدير العديد من عمليات غسل الأموال، هذه الأموال تدار أحيانا من داخل دول أوربية وعربية. ويلعب القطاع الخاص دورا في تمويل الإرهاب، فمكاتب الصيرفة الخاصة وتحويل الأموال عبر العالم قد تم استغلالها من قبل القاعدة في تدوير الأموال وغسيلها. بالإضافة إلى تدوير الأموال بواسطة المقايضة بعمليات الاستيراد والتصدير .
فرض الرقابة الشديدة على الشركات المالية الخاصة ومتابعة أصولها المالية من شأنها أن تعمل على تجفيف مصادر التمويل ومكافحة الإرهاب. لذا من التوصيات في تجفيف مصادر تمويل القاعدة و"الجهاديين" هو العمل الإستخباريوفرض عقوبات والتعاون مع الشركاء والحلفاء الدوليين وإشراك القطاع الخاص منأجل تحديد الجهات المانحة والممولين والوسطاء المتورطين في دعم المنظمات الإرهابية . إن أيجاد تعاون مشترك دولي في مراقبة وتعقب الأصول المالية للجماعات المسلحة، لا تقل عن العمليات المسلحة في مواجهة الإرهاب.