أين تكمن أهمية القمة العربية- الأمريكية اللاتينية الأولى في البرازيل؟
دويتشه فيله: تهدف القمة إلى تعزيز مكانة أمريكا اللاتينية والعالم العربي في المجتمع الدولي بهدف الحد من تبعيتهما إلى ما يُسمى العالم الأول، هل تخشى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من تبعاتها؟
حاطوم: صحيح أن الهدف من القمة هو تخفيف التبعية ولكن دون أن يكون ذلك موجهاً ضد أحد، ففي زمن العولمة هذا تحتاج أمريكا اللاتينية إلى بدائل اقتصادية. ويمثل العالم العربي أحد هذه البدائل كونه يشكل سوقاً تضم نحو 300 مليون مستهلك.
منذ جولة الرئيس لولا العربية خلال العام الماضي ارتفعت الصادرات البرازيلية إلى بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا بنسبة 20 بالمئة. وهنا لا بد من القول أن تحقيق مثل هذه النسبة غير ممكن مع البلدان الصناعية كونها تعتمد إجراءات حمائية قاسية تجاه بضائع البلدان النامية والفقيرة رغم مناداتها بالليبرالية.
من جهتها تشكل قمة البرازيل محاولة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين بالشكل الذي يخدم مصلحة الطرفين. كما أنها محاولة لوضع السياسة الخارجية الأحادية الجانب للولايات المتحدة موضع تشكيك وتساؤل. يجدر ذكره أن هذه السياسة تلقى التنديد من قبل الأمم المتحدة وبلدان أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا وأسبانيا.
دويتشه فيله: القمة أصدرت بياناً يدين الإرهاب، غير أنه يعتبر الكفاح المسلح ضد الاحتلال حق شرعي. إزاء ذلك أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن قلقها، كيف ترى الأمر من جهتك؟
حاطوم: أنا ضد كل أنواع العنف، ولكن لماذا لا تتحدث الصحافة عن إرهاب الدولة؟ وفي هذا الإطار يشهد تاريخ الشرق والغرب على أن كل الشعوب قاومت الاحتلال. هذا ما كان عليه الحال مثلاً أثناء الاحتلال النازي لفرنسا وأثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر. كما واجه شعب جنوب أفريقيا النظام العنصري بمساعدة نيلسون مانديلا. وبدون مقاومة ما كان لهذه الشعوب الحصول على حريتها واستقلالها. رغم ذلك أنا أفضل حل النزاعات بشكل سلمي على أساس الحوار.
دويتشه فيله: هل تعتقد بإمكانية إقامة حوار سياسي جدي بين أمريكا اللاتينية والعالم العربي، أم ترى أن الأمر مجدي فقط من الناحية الاقتصادية؟
حاطوم: مثل هذا الحوار مهم ليس فقط من الناحية الاقتصادية. هناك على سبيل المثال روابط ثقافية بين أكثر من 20 مليون أمريكي لاتيني من أصول عربية وخاصة من بلدان مثل لبنان وسورية. وفي البرازيل لوحدها يعيش 8 ملايين من أصل عربي. ويحافظ الكثيرون على روابطهم العائلية والثقافية من بلدان أجدادهم.
ينبغي الاستفادة من الثقافة أكثر لتحقيق التقارب بين الشعوب. انظري مثلاً إلى اوركسترا ديوان الشرق والغرب التي أسسها موسيقيون عرب وإسرائيليون. كانت هذه فكرة المفكر الفلسطيني- الأمريكي الراحل ادوارد سعيد والملحن الأرجنتيني- الإسرائيلي بارينبويم. مثل هذه المبادرات تشكل وسيلة ذكية لتقريب الشعوب من بعضها. وعليه آمل أن لا تقتصر القمة على الاهتمام بالشأن الاقتصادي وإنما بالتعاون في مجالات الموسيقى والأدب الفيلم والعلوم.
غاب موضوع الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية في العالم العربي عن أعمال القمة، هل ترى أن اللقاء فشل على ضوء ذلك؟
حاطوم: أنا ضد جميع أنواع الحكم الشمولي، غير أن على المرء الإقرار بأن الكثير من الملكيات والحكومات القمعية تحظى بدعم القوة العظمى. الديمقراطية عملية تتم من الداخل ولا تُفرض من خلال الاحتلال الأجنبي. لقد صمتت الدبلوماسية خلال القمة تجاه مشاكل كهذه إذ لم تتطرق إلى الأنظمة القمعية ولا إلى احتلال العراق.
دويتشه فيله: جاءت الدعوة إلى القمة من قبل الرئيس لولا وهو الذي يعرف أن العالم العربي غير متجانس، هل يريد لولا لعب دور فعال في عملية السلام؟
حاطوم: أمريكا اللاتينية غير متجانسة كذلك. هل يمكنك المقارنة مثلاً بين لاباز، ساو باولو، السلفادور أو بيونس آيرس؟ يكمن التحدي الأكبر في تعزيز التبادل الثقافي بين مختلف الشعوب. ينبغي على الحكومة البرازيلية المساهمة في عملية السلام، لاسيما وأن العرب واليهود يعيشون فيها جنباً إلى جنب بسلام. وقد تزوج الكثيرون منهم من بعضهم أو من الأقليات العرقية الأخرى. هذه الخصوصية تشكل مصدر غنى لتراثنا وثقافتنا.
تعريف بالكاتب: ولد في ماناوس البرازيلية من أبوين هاجرا من لبنان. صدر له كتابين بالألمانية هما "رسائل من ماناوس" و " أخوان اثنان". يتحدث كلا الكتابين عن النزاعات بين عالمين، عالم الأمازون الاستوائي وعالم الشرق.
أجرت الحوار: ثريا فيليلا