إجراءات أمنية مشددة حول كنائس مصر والأقباط يتهمون الحكومة بالتقصير
٢ يناير ٢٠١١شارك خمسة آلاف شخص على الأقل مساء السبت (01 يناير /كانون الثاني 2011) في تشييع ضحايا الكنيسة القبطية في الإسكندرية بعد الاعتداء الذي أودى بحياة 21 شخصاً في أول أيام العام الجديد. وأقيمت مراسم التشييع في دير مارمينا في كينج مريوط على بعد نحو 30 كيلومترا عن المدينة المتوسطية، ورفعت حشود المشيعين شعارات دينية، كما رددوا هتافات رافضة لقبول تعازي الرئيس المصري حسني مبارك إليهم. وتسبب الهجوم في اندلاع مظاهرات من جانب مئات المسيحيين المصريين الذين رأوا أن الحكومة لم تأخذ تهديد الإرهاب على محمل الجد.
ولم تعلن أي جماعة حتى الآن مسؤوليتها عن الاعتداء الذي يأتي بعد شهرين من التهديدات التي أطلقها الفرع العراقي لتنظيم القاعدة ضد الأقباط في مصر. وأعلنت وزارة الداخلية أنها "ترجح" أن يكون الاعتداء من تنفيذ انتحاري وتدبير خارجي، بعد أن ذهبت في بادئ الأمر إلى ترجيح فرضية السيارة المفخخة.
التوتر مستمر
وسادت أجواء التوتر طوال يوم أمس، السبت، في محيط الكنيسة، وقام مئات من الشبان الموزعين في مجموعات صغيرة برشق قوات الأمن المنتشرة في المنطقة بالحجارة وعبوات المياه، فردت عناصر الأمن بإطلاق قنابل مسيلة للدموع وطلقات مطاطية.
وفرضت أجهزة الأمن المصرية في القاهرة ومحافظات أخرى إجراءات أمنية مشددة لتأمين الكنائس وأعدت مئات الأكمنة على مداخل ومخارج المحافظات. وصرحت مصادر أمنية مسؤولة ان وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي أصدر تعليمات بفرض حراسة إضافية من مجندين سريين خارج الكنائس وتزويدهم بالأسلحة للتصدي لأي هجوم، حسبما ذكر موقع "إيجي نيوز" الإلكتروني. وأضاف الموقع أن كنائس عين شمس وشبرا والقليوبية شهدت إجراءات أمنية مشددة. كما كثفت أجهزة الأمن في الأقصر وقنا وبني سويف تواجدها حول الكنائس والأديرة والمناطق السياحية والأثرية واحتجزت مئات المشتبه بهم.
دعوة دولية لحماية المسيحيين
وقد توالت ردود الفعل العربية والعالمية المنددة بالاعتداء الذي استهدف ليلة رأس السنة "كنيسة القديسين" في الإسكندرية. وأعلن البيت الأبيض في بيان السبت أن الرئيس الأميركي باراك أوباما "يدين بشدة" هذا الاعتداء.
وقال أوباما "المحرضون على هذا الاعتداء يستهدفون المؤمنين المسيحيين، ولا يحترمون إطلاقا الحياة البشرية" معربا عن الأمل في أن "يُحاكم المسؤولون عن هذا العمل الهمجي والوحشي". وأكد أيضا أن بلاده "مستعدة لتقديم المساعدة اللازمة للحكومة المصرية"، كما أعلن عن استعداد بلاده لتقديم مساعدة مماثلة لنيجيريا حيث أودى انفجار قنبلة في سوق مزدحمة بالعاصمة أبوجا بحياة أربعة أشخاص على الأقل أثناء الاحتفالات عشية العام الجديد.
وأدانت الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون "بلا تحفظ" التفجير الذي استهدف كنيسة القديسين في الإسكندرية، وأعربت عن شعورها "بالأسف العميق" لما حدث. وأكدت أشتون على ضرورة "حماية حق الأقباط في حرية التجمع والعبادة".
الصحافة المصرية تخشى المزيد من التوتر
ومن جهتها حضت الصحافة المصرية بكافة اتجاهاتها المسيحيين والمسلمين على الوقوف صفا واحدا في أعقاب اعتداء الإسكندرية، مبدية خشيتها من توترات دينية أكثر خطورة. وكتبت صحيفة روز اليوسف الموالية للحكومة "هناك من يريد أن يفجر هذا البلد وأن يشعل النار بين أبنائه"، وأشارت الصحيفة إلى أن "المؤامرة" ترمي إلى "حرب أهلية دينية طائفية".
ودعت صحيفة "المصري اليوم" "الدولة إلى ألاَ تستمر في معالجة هذا الملف الحساس بالمسكنات واعتباره ملفا أمنيا فقط دون تنبه لأبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية". وأضافت الصحيفة المستقلة: "مع ترجيح البعض وجود أصابع خارجية تقف وراء هذا الإجرام، إلا أننا نؤمن بأن نسيج الوطن لو كان محصنا بما يكفي لما نجح أي طرف خارجي في النفاذ إليه وإشعاله".
أما صحيفة "الشروق" المستقلة فكتبت في افتتاحيتها أن "لا أحد يستطيع لوم الإخوة المسيحيين إذا شعروا بالغضب" بعد هذا الاعتداء. وحذرت الصحيفة من أن تتطور الأحداث وأن تغرق البلاد في حرب أهلية.
أقباط ألمانيا يخشون وقوع هجمات إرهابية عليهم
ومن ناحيتهم أعرب بعض الأقباط، الذين يعيشون في ألمانيا، عن تخوفهم من التعرض لهجمات إرهابية بعد حادث الإسكندرية. وقال أسقف الأقباط في ألمانيا الأنبا داميان - في لقاء مع صحيفة "بيلد" الصادرة غدا الاثنين في برلين – إنه يخشى تزايد التهديدات الإرهابية في فترة عيد الميلاد الذي يحتفل به الأقباط ليلة السادس من يناير/ كانون الثاني. وأضاف داميان: "حذرت شرطة مكافحة الجريمة في ألمانيا مرارا من هجمات يقوم بها متطرفون إسلاميون على احتفالات يوم عيد ميلاد المسيح القبطية، وكتبتُ لوزارة الداخلية الألمانية طالبا الحماية". ويعيش في ألمانيا حوالي عشرة آلاف من أبناء الطائفة القبطية الأرثوذكسية، التي تعد أكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط.
(س ج / د ب أ، أ ف ب، رويترز)
مراجعة: منصف السليمي