إدمان الشراء المرضي من أسوء أمراض العصر
٣١ يوليو ٢٠٠٨كشف باحثون ألمان أن نحو 10 في المائة من مجموع المستهلكين في كل دول الغرب الصناعي يعانون من إدمان الشراء، لكن بدرجات متباينة. وقال هؤلاء الباحثون إنهم طوروا أول علاج لمكافحة هذا النوع من الإدمان. ويطلق العلماء على "الإدمان المرضي على التسوق" مصطلح "أونيو مانيا"، الذي أُقر لأول مرة قبل قرن من الزمان على يد عالم النفس في مدينة لايبزج الألمانية، اميل كريبلين. فقد كتب هذا الباحث رسالة علمية عن الناس في المدن الكبرى، الذين لا يستطيعون ببساطة مقاومة رغباتهم الملحة في شراء أشياء جميلة تجعلهم يشعرون بالسعادة، حتى لو تركوا ما اشتروه في المنزل دون أن يفتحوه ولم يستخدموه على الإطلاق.
مشكلة نسائية أم آفة اجتماعية؟
أدى الكساد العظيم والحرب العالمية الثانية وما تلاها من حرب باردة لأن يقتصر إدمان التسوق بفعل الواقع على بريطانيا وأمريكا، حيث كان يوصم بالابتذال أو بأنه "مشكلة نسائية". لكن سقوط الشيوعية وظهور الرخاء في شرق أوروبا والصين وغيرها من الدول حول إدمان التسوق إلى اضطراب مرضي ذي أبعاد كونية بحسب الدكتورة مارتينا دي زوان، التي ترأس قسم العلاج النفسي بمستشفى ايرلانغين الجامعي في ألمانيا. وتضيف زوان، التي ترأس فريق من الباحثين الذين خرجوا بنهج جديد للعلاج بالقول: "على ضوء انتشار هذه الظاهرة في ألمانيا وفي غيرها من أرجاء المعمورة فإن إدمان التسوق يتعين أن يؤخذ بجدية من قبل خبراء الصحة وقطاع التأمين الصحي".
وأجرى الأطباء النفسيون في ايرلانغين بالاشتراك مع باحثين من جامعة نورث داكوتا في الولايات المتحدة دراسة على مدى أربع سنوات شملت 51 سيدة و9 رجال تتراوح أعمارهم بين 20 و61 عاما، ممن تم التأكد من أنهم من مدمني التسوق الذين يحتاجون مساعدة عاجلة. وفي جميع الحالات تبين أن الضحية كان يحس بقوة طاغية تحثه على الخروج وشراء الأشياء بغض النظر عن احتياجه لها أو حتى رغبته في اقتنائها.
ضغوطات هائلة على ذوي المريض
وفي غالبية الحالات فإن هاجس التسوق كان يضع ضغوطا هائلة على شركاء المريض وذويه من الناحيتين المالية والنفسية أيضا. ووجد الباحثون في ايرلانغين أن إدمان التسوق يتجاوز كافة المستويات الاجتماعية ومستويات الدخل. ومدمنو التسوق بشكل عام يعانون من ضعف تقدير الذات إلى جانب مشكلات خاصة بإدمان الخمر والخلل الغذائي. وعلى شاكلة الإفراط في تناول الطعام أو شرب الخمر فان التسوق يجعل هؤلاء المدمنين يشعرون بتحسن على المدى القصير قبل أن تضربهم تداعيات هذه العادة في وقت لاحق. يُذكر أن إدمان التسوق أكثر انتشارا بين النساء لكنه يصيب عددا كبيرا من الرجال أيضا.
تناول الأدوية المضادة للاكتئاب
والعلاج الوحيد للمرض حتى الآن يتمثل في تناول الأدوية المضادة للاكتئاب. وحتى عندها فان أكثر من 60 في المائة من مدمني الشراء يعودون سيرتهم الأولى. ويقول الباحثون في ايرلانغين إن علاجهم الجديد يعتمد على دعم تقدير المريض لذاته من الناحية النفسية. فقد تبين أن من بين العوامل الرئيسة في الإصابة بهذا المرض ارتياح المريض في التعامل مع الباعة في المتاجر، حيث يشعرونه بقيمته وعلى الرغم من إدراكه أنهم إنما يفعلون ذلك رغبة في زيادة المبيعات، إلا أن عقله الباطن يستريح لتلك المعاملة كما لو أنها حقيقية. وأولى خطوات العلاج بالطبع أن يقر مدمن الشراء بأن لديه مشكلة وأنه قد حان الوقت ليفعل شيئا حيالها. عليه أن يقر بهذا لأصدقائه وأسرته وكل من يشعر أنه يحبه ويبغي مساعدته في التغلب على هذا الإدمان.