اتفاق أولي بشأن الحد الأدنى للرواتب في ألمانيا
٢٧ مارس ٢٠٠٧توصلت مجموعة العمل التابعة للائتلاف الحاكم والمختصة بمناقشة قضية الرواتب المتواضعة التي يحصل عليها عدد كبير من العاملين في عدة مجالات في ألمانيا إلى اتفاق فيما يخص بضعة نقاط. وبقيادة وزير العمل الألماني فرانز مونتفرينج، قررت مجموعة العمل تطبيق برنامج يطلق عليه "آفاق العمل"، من المفترض أن يشجع نحو 100 ألف عاطل عن العمل منذ فترة طويلة على العودة إلى عمل محدد الأجر.
لم يكن الوصول إلى اتفاق بالأمر السهل، حيث أن سياسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي تختلف تماماً عن الائتلاف المسيحي خاصة فيما يتعلق بالأمور الاجتماعية، كما أن الاتفاق لم يكن كاملاً. وتوصل الائتلاف الحاكم حتى الآن إلى ضرورة وضع حد أدنى للرواتب فقط في المجالات المهددة بإغراق الأسواق بالعمالة الأجنبية غير الشرعية، وهو الأمر المطبق حالياً في مجال البناء.
موظفون لكن فقراء
وإن كان الأمر الذي اتفق عليه الجميع هو أهمية إيجاد مخرج لمشكلتي البطالة والفقر المنتشر بين الموظفين. فمازالت نسبة البطالة مرتفعة، كما أن المشكلة الأكبر هي التزايد المستمر في عدد الأشخاص الذين يعملون في وظائف مختلفة دون أن يحصلوا على ما يكفيهم للعيش على مدار الشهر. لذلك فالعديد من النقابات تطالب بسن قانون يحدد الحد الأدنى للرواتب التي يجب أن يحصل عليها العامل، وتوافقهم الرأي الغالبية العظمى من الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وكما قوبل هذا الاقتراح بالرفض من قبل الائتلاف المسيحي، فمن المتوقع أن يرفض من قبل أصحاب العمل. هذا بالإضافة إلى عدد من خبراء الاقتصاد الذين يهددون من أن يهدد هذا القانون الاقتصاد الألماني إذ أنه قد ينفر المستثمرين مما قد يؤدي إلى فقدان نحو مليوني وظيفة. يرى فولفجانج فرانز مدير مركز مانهايم لتنمية الاقتصاد الأوروبي بأنها غير مجدية، على عكس الاقتصادي بيتر بوفينجر الذي يخشى من أن يؤدى التناقص المستمر في الحد الأدنى للدخل إلى تناقص الدخل القومي من الضرائب. ويرى آخرون أيضاً أن ارتفاع دخل الفرد سيؤدي بالتالي إلى انعاش الأسواق، إذ سيقبل الأفراد على الشراء.
التجربة الفرنسية والإنجليزية في تحديد حد أدنى للرواتب
لكن تطبيق نظام الحد الأدنى للرواتب ليس بالأمر الجديد، ففي عشرين دولة من دول الاتحاد الأوروبي يطبق هذا القانون بالفعل. وفي فرنسا بدأ تطبيق هذا النظام منذ بداية الخمسينيات من القرن العشرين الذي تم تعديله بعدها. ومنذ السبعينيات يتم العمل هناك بما يسمى سميك SMIC أو الحد الأدنى للرواتب المتوقف على النمو الاقتصادي في الدولة وهو يعادل حالياً نحو ثمانية يورو لساعة العمل الواحدة، ويزيد هذا الحد الأدنى سنوياً حسب حجم التضخم. ولا يستثنى من قانون الحد الأدنى للرواتب سوى الطلبة البالغين من العمر أقل من 18 عاماً والذين ليس لديهم خبرة عمل أو المتدربين.
أما في بريطانيا، فيعد النظام الذي بدأ تطبيقه منذ عام 1999 أكبر مثال على نجاح سياسة تحديد الحد الأدنى للرواتب. وبالرغم من رفض المحافظين البريطانيين له في البداية، ووصفه بكونه قيداً اقتصادياً لا داعي له، إلا أن تطبيقه أثبت نجاحه وأدى إلى تراجع نسبة البطالة وزيادة الحد الأدنى للرواتب في الوقت نفسه. وسر نجاح هذا النظام يكمن في أن تطبيقه تم بشكل تدريجي، فالرواتب الأولية للعاملين كانت منخفضة وظلت ترتفع سنوياً بشكل تدريجي، وهو ما أدى إلى رضا العاملين والنقابات ورجال الاقتصاد كذلك. أم السر الثاني في نجاح النظام في بريطانيا فيكمن أيضاً في أن اللجنة المختصة بتحديد تفاصيل هذا القانون شملت ممثلين من رجال الاقتصاد ومن النقابات ومن الخبراء الذين وضعوا معاً الحد الأدنى للرواتب الذي يفيد العاملين دون أن يضر بالاقتصاد.