استثمارات ألمانية بالجزائر في الصناعات الثقيلة والطاقة المتجددة
١٥ يونيو ٢٠١٣ثمّن وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله المستوى الذي وصلت إليه العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الجزائر، وأكد على أن شركات بلاده تبدي اهتماما كبيرا للاستثمار في العديد من المجالات ذات الصلة بالمعرفة والتكنولوجيا بالجزائر.
وقال فيسترفيله خلال زيارته للجزائر نهاية الشهر الماضي بأن "المناخ التجاري الجيد أمر أساسي بالنسبة للاستثمارات الألمانية في العالم، وذلك يعني وجود إجراءات تتسم بالشفافية، وقرارات تحترم سيادة القانون والالتزام بالعقود، وأنا أرحب بالمساعي التي تقوم بها الجزائر من أجل ذلك".
وتشهد العلاقات التجارية الجزائرية- الألمانية نموا ملحوظا في السنوات الأخيرة، حيث وصل حجم المبادلات التجارية بين البلدين إلى 4 مليارات دولار سنة 2012، ومن المنتظر أن يصل إلى 5 مليارات مع نهاية 2013، مقابل 3 مليارات لسنة 2011.
وتتركز الواردات الجزائرية أساسا على تجهيزات الانجاز التي فاقت قيمتها 2.5 مليار دولار في 2012. بينما تقدر قيمة الصادرات الجزائرية إلى ألمانيا، والمكونة أساسا من منتجات المحروقات، بحوالي 500 مليون دولار.
وتعمل غرفة التجارة والصناعة الألمانية على توسيع مجالات الاستثمار في كل من الجزائر وألمانيا، حيث تنظم سنويا عشرات الزيارات لرجال الأعمال من البلدين، بهدف تعريفهم بفرص الاستثمار لدى الطرف الآخر. وتضم الغرفة التي تم إنشاؤها في 2006 أكثر من 700 جهة مستثمرة بينها 500 مؤسسة جزائرية، أغلبها فروع لمؤسسات ألمانية عاملة بالجزائر، ونحو 200 مؤسسة ألمانيا.
الميكانيك قاطرة الألمان بالجزائر
ويعول الجزائريون على الاستثمارات الألمانية من أجل امتصاص بطالة الشباب والتقليل من الفجوة التكنولوجية بين البلدين وتدارك التأخر في هذا المجال. وبحسب الخبراء فإن هذه الاستثمارات عالية التأهيل وذات قيمة تكنولوجية عالية مقارنة مع استثمارات الدول الأخرى.
كما تركز الاستمارات الألمانية على المنشأة القاعدية الطويلة المدى، خاصة ما يتعلق منها بالسكك الحديدية وقطاع الميكانيك والمنشآت الفنية الكبرى، حيث فازت مؤخرا شركة سيمنس بعقد في مجال السكك الحديدية قيمته 68 مليون يورو.
وتعمل الشركة الألمانية العملاقة في العديد من المجالات بالجزائر بالشراكة مع شركات محلية، حيث تعكف سيمنس على التحضير لمخطط شامل يسمح بتطوير عدة مشاريع في سياق المدينة المستدامة ببنايات ذكية أقل استهلاكا للطاقة ووسائل نقل أكثر سرعة ونجاحا.
ويبقى مشروع الشراكة الألمانية- الإماراتية - الجزائرية في مجال الصناعات الميكانيكية رائدا في مجاله. ومن المقرر افتتاح مشروع لصناعة السيارات والمحركات وآخر للدراجات النارية وعتاد الأشغال العمومية لصالح وزارة الدفاع الوطني، وسوف تفتح هذه المشاريع آفاقا جديدة وواعدة في العلاقات بين البلدين.
ويبلغ إجمالي قيمة استثمارات تحالف "آبار" و"دايملر" مع عدد من الشركات الألمانية 720 مليون دولار، وذلك لإقامة ثلاثة مشاريع صناعية في كل من العاصمة وتيارت وقسنطينة.
عراقيل أمام الاستثمار
ورغم مشاريع الشراكة والاستثمار الطموحة بين الجزائر وألمانيا في مختلف المجالات، إلا أن مشاكل عديدة تواجه المستثمر الألماني بالجزائر، حيث يؤكد عبد الوهاب بوكروح، المحلل الاقتصادي بجريدة الشروق، على أن الاستثمارات الألمانية بالجزائر كثيرة ومتعددة المجالات، لكنها لا تزال في أغلبها حبيسة قاعة الانتظار وانعدام قنوات الاتصال مع الجهات المسؤولة. ويضيف بوكروح لـ DW، بأن الأمر لا يتعلق بالشركات الألمانية فقط، بل بكل الاستثمارات بما في ذلك الوطنية، وهو انعكاس لمناخ غير مشجع على الاستثمار.
وقد جاء قانون المالية التكميلي 2009، وقانون الاستثمار الذي اشترط قاعدة 51/49 ليعرقل أكثر دخول المستثمرين الألمان للجزائر "لأن الشركات الألمانية تتمتع بحوكمة عالية، ولا يمكنها العمل في بيئة فاسدة"، حسب قوله.
أيقونة الاستثمار الألماني
وتبقى الطاقة أيقونة الاستثمارات الألمانية بالجزائر، حيث يسعى الطرفان إلى إقامة شراكة مستدامة في مجال الطاقات المتجددة. وقد شرعت شركة سونلغاز الجزائرية في صناعة معدات وتجهيزات تدخل في إنتاج هذه الطاقة بالشراكة مع شركات ألمانيا متخصصة. وتسعى الجزائر لنقل التكنولوجيا الحديثة في استغلال الطاقة المتجددة من ألمانيا، التي تعد الرائد في العالم في هذا المجال.
وقد تم الاتفاق بين الطرفين نهاية عام 2010 على تنفيذ مشروع "ديزيرتيك" للطاقة النظيفة، ويرمي المشروع الذي تبلغ قيمته 450 مليار يورو، والذي بادرت به 12 مؤسسة أوروبية أغلبها ألمانية، إلى انجاز شبكة من المحطات الشمسية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
ويطمح أصحاب المشروع إلى تغطية حاجيات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الكهرباء في آفاق سنة 2050، وتزويد أوروبا بـ 15 بالمئة من احتياجها للطاقة.
صنع في ألمانيا
ويرى بوكروح فرصا مهمة للاستثمار في مجال الطاقة والمناجم لدى الشركات الألمانية، لأنها تملك تكنولوجيا عالية الدقة ومرغوبة لدى الشريك الجزائري. فمثلا من بين 150 حفارة تعتزم شركة "سونطراك" النفطية شراءها، فإن 10 بالمائة منها صنعت في ألمانيا.
ويرى السيد صالحي، مدير شركة SAMSH، الممثلة لشركات ألمانية لآليات الأشغال العمومية، بأن الجزائري يثق كثيرا في الصناعة الألمانية، لكن العائق أمامه هو السعر، لذلك "أرى أن الحل هو في توطين الصناعة الألمانية بالجزائر لما تملكه من خبرة وجدية في الانجاز". وتمنى السيد صالحي أن يُقبل رجال الأعمال الألمان على فرص الاستثمار بالجزائر مهما كانت الصعوبات التي يواجهونها، لأن السوق بحاجة إلى منتجات ذات جودة عالية، أو "صنع في ألمانيا".