استقالة بلاتسك ضربة موجعة لطموحات الحزب الاشتراكي الديموقراطي
١٢ أبريل ٢٠٠٦أعلن اليوم رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي، ماتياس بلاتسك، عزمه التنحي عن منصب رئاسة الحزب وذلك بعد أن شغر المنصب لمدة وجيزة لم تتجاوز خمسة أشهر. وكان قد تقلد مهامه في 15 نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي بعد تنحي الرئيس الأسبق للحزب مونتفيرينغ بشكل مفاجئ. واعلن بلاتسيك في مؤتمر صحفي اليوم الاثنين أنه "يتخذ اليوم أصعب قرار في حياته، عازيا ذلك الى اسباب صحية اضطرته الى ذلك. وكان بلاتسيك الذي يبلغ من العمر 52 عاما قد أدخل قبل أيام إلى المستشفى بسبب التهابات حادة في الجهاز السمعي. وقد نصحه الأطباء باتخاذ قرار الاستقالة حتى يكون لديه الوقت لاجراء الفحوصات الطبية المكثفة. وأثار هذا القرار بعض المخاوف داخل الأوساط السياسية لللحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي يخشى أن تترك استقالة بلاتسك فراغا في قمة الهرم الحزبي قد يزيد من تعقيد الأزمة التي يمر بها الحزب منذ الهزيمة التي مني بها خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة فقد بموجبها الأغلبية النيابية داخل البرلمان الألماني، مما اضطر الحزب إلى عقد تحالف موسع مع خصمه اللدود الحزب الديمقراطي المسيحي لتشكيل الحكومة الألمانية الحالية.
بلاتسك القيادي البارز
اتسمت حياة بلاتسك السياسية بصعوبات جمة وعقبات تطلب تجاوزها حنكة سياسية وإرادة قوية. إذ لم يكن القيادي الجديد منتميا للتجمع الشبابي الاشتراكي ولم يعش 20 عاما في أحضان ولاية شمال الراين ويستفاليا، حصن الاشتراكية الديمقراطية والحركة العمالية، إضافة إلى أنه لم يتجادل كثيرا مع رفاقه في الحزب حول النظريات الاشتراكية، لكنه ولد وترعرع تحت نظام دكتاتوري ثم أصبح فيما بعد أحد مؤسسي جمعية حماية البيئة، ليكون بعد ذلك أحد أعضاء حزب الخضر الفاعلين، إلى أن انضم في عام 1995 إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي. ولأول مرة في تاريخ هذا الحزب يتربع أحد أعضاء الهيئة الإدارية على زعامته رغم انتمائه القصير له، حيث لم يمض بلاتسك أكثر من عشر سنوات في عضوية الحزب
الحزب الاشتراكي الديموقراطي بعد بلاتسيك
يخشى المراقبون أن يُعيد تنحي بلاتسك عن زعامة الحزب الأزمة القيادية إلى الأذهان التي مر بها الحزب الاشتراكي الديموقراطي بعد هزيمته في الانتخابات البرلمانية نهاية العام الماضي. ومن جانبه يخشى طرف آخر من المتتبعين للوضع السياسي في ألمانيا أن تُؤدي التغيرات المتتالية التي يشهدها الهرم الحزبي إلى إضعاف ثقل الحزب في الخريطة السياسية وإضعاف موقفه في تحالفه الموسع مع الحزب المسيحي الديموقراطي، حيث يُخشى أن يفقد الحزب مع رحيل بلاتسك من قيادة الحزب إحدى الشخصيات القوية التي طالما عُلقت عليها آمال كبيرة للحد من تراجع شعبية الحزب وإقناع الناخبين بجدوى الإصلاحات. يذكر أن شخصية بلاتسك تحظي بشعبية كبيرة في الأوساط الشعبية مما جعلها قادرة على استقطاب قاعدة واسعة، لاسيما وانه يُعد من دعاة تجديد البرنامج الحزبي بشكل بتضمن تحديثا شاملا يساعد على تثبيت الطابع الاجتماعي للدولة محتذيا في هذا القبيل بالنموذج الإسكندينافي . وغياب بلاتسك في هذه المرحلة بالذات قد يُؤثر على البرنامج الحزبي الجديد، الذي كان من المقرر أن يُعرض في نوفمبر الجاري خلال المؤتمر السنوي للحزب، كون بلاتسك يُعد أحد أهم المدافعين عنه وعن روح التجديد داخل الحزب و أبرز الرموز الحزبية التي بمقدورها حشد التأييد الشعبي اللازم لتطبيق تلك الإصلاحات. فيما ذلك عبرت بعض الشخصيات السياسية عن أسفها لاستقالة بلاتسك لكنهم أبدوا في نفس الوقت تفهمهم للأسباب تلك الاستقالة.
ومن المقرر أن يخلف كورت بيك، الذي يتولى في الوقت الحالي منصب رئاسة الوزارة في ولاية راينلاند بفالتس، بلاتسيك في رئاسة الحزب. وكان بيك يشغل منصب النائب الأول لرئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي. وأكدت هذا النبأ الناطقة باسم الحزب الاشتراكي في تلك الولاية صباح اليوم. ورغم أن بيك لا يحظى بمثل الشعبية التي يتمتع بها بلاتسك، إلا أن الأوساط الحزبية والمراقبين السياسيين يرون أن بيك يتوفر على مؤهلات شخصية وشعبية كافية لقيادة الحزب. ولعل النتائج الإيجابية التي حصدها الحزب الاشتراكي الديموقراطي بزعامته في ولاية راينلاند بفالتس خلال الانتخابات الأخيرة خير دليل على تلك الشعبية.
طارق أنكاي