اعتقال صحفيين في مصر: رسالة محذرة للصحافة المستقلة
٥ فبراير ٢٠١٤يقبع الصحفي الأسترالي بيتر غريست الحائز على جائزة "المراسل الأجنبي من شرق أفريقيا" في أحد سجون القاهرة منذ أكثر من شهر. تم اعتقال غريست وزميله محمد فهمي في التاسع والعشرين من كانون أول/ديسمبر الماضي. وأظهر أحد مقاطع الفيديو المنشور مؤخرا كيف تم استجواب الصحفيين دون محاميه.
استمر الاستجواب ما يقرب من 20 دقيقة، أجاب الصحفيان خلالها على اسئلة مثل "لماذا كانت معك كاميرا؟". ويبدو فهمي هادئا خلال أجوبته ويوضح أن كل ما كان بحوزته هو ملك لقناة الجزيرة وأنه يقوم بالتصوير في الشارع ثم يقوم لاحقا بعمل المونتاج في غرفته. وجهت السلطات المصرية لغريست ولمجموعة من زملائه تهمة دعم الإرهاب.
ويواجه صحفيو قناة الجزيرة والجزيرة مباشر في مصر حملة قوية من طرف السلطات المصرية، إذ من المنتظر أن تبدأ محاكمة 20 من العاملين بالقناة، بينهم أربعة أجانب، بتهم تتعلق بما تسميه السلطات المصرية دعم جماعة إرهابية والإضرار بالأمن الوطني.
ظروف عمل صعبة
يقول مراسل عمل لشبكة الجزيرة الإخبارية حتى نهاية العام الماضي إن السلطات المصرية دعت لتعقب الصحفيين المستقلين وأضاف المراسل الذي فضل عدم ذكر اسمه:"الرسالة واضحة: تليفزيون الدولة فقط هو من له الحق في عرض رؤيته للأحداث وعلى الجميع الالتزام بالتغطية التي يحددها تليفزيون الدولة".
ورأى مراسل الجزيرة المعتقل غريست في رسالة كتبها داخل زنزانته أن القضية ضده هي بمثابة تحذير لجميع الصحفيين.
وتتهم السلطات المصرية قناة الجزيرة بتلفيق الأخبار لصالح جماعة الإخوان لكنها لم تقدم حتى الآن أدلة تثبت الأمر. وأطلقت السلطات مؤخرا سراح مصور لقناة الجزيرة بعد نحو 200 يوم من اعتقاله. لكن قناة الجزيرة ليست الوحيدة التي يواجه العاملون بها مشكلات فيما يخص حرية التعبير، ففي الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي وفي الذكرى الثالثة للثورة، اعتقلت السلطات ما يقرب من 20 صحفيا في القاهرة بعد يوم من تعرض فريق القناة الأولى بالتليفزيون الألماني "إيه.أر.دي" ( (ARD لاعتداء من قبل مواطنين. وتحتل مصر حاليا المركز الثالث عالميا في قائمة الدول التي يتعرض فيها الصحفيون إلى مخاطر، وفقا لبيانات لجنة حماية الصحفيين.
نقد السيسي...خط أحمر
بسبب قانون مكافحة الإرهاب الصادر العام الماضي، أصبح عمل الصحفيين المستقلين وعرض كافة أوجه الصراع السياسي أمرا شبه مستحيل. فمجرد إجراء حوار مع أحد أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي قد يتم تصنيفه كعمل إرهابي في بعض الحالات. في الوقت نفسه يصب الإعلام المحلي الزيت على النار إذ يصدر دائما فكرة عامة تضع الصحفيين الأجانب كلهم في دائرة الاتهام بالتجسس.
أسوأ ما يمكن أن يحدث للصحفي هذه الأيام هو قيامه بانتقاد وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، كما اتضح ذلك أخيرا في منع إصدارصحيفة "الشروق" المصرية بسبب مقالة للكاتب بلال فضل، تطرق فيها إلى السيسي وإلى علاقة القادة العسكريين بالسياسة. ومن يتابع الدعاية المكثفة التي يقوم بها الإعلام الرسمي للسيسي يمكنه التأكد من أن فوزهذا الأخير بمنصب الرئاسة في حالة ترشيحه، مسألة شبه محسومة.