الإسطوانات القديمة تهزم الزمن وثورة التكنولوجيا
٢٩ أكتوبر ٢٠١١لم يستطع أحد وقف ثورة الأقراص المدمجة في نهاية الثمانينات ومع ذلك بقيت مجموعة من فناني مزج الموسيقى (الدي جي)على ولائها للاسطوانات وما ينبعث عنها من أنغام الباص الدافئة العميقة، التي يتردد صداها في النوادي والمراقص الليلية.
باتريك هو واحد من هؤلاء الذين لم يخف ولعهم بالاسطوانات القديمة، فهو يحب أنواعا مختلفة من الموسيقى، بدءاً بالفانك والسول والهيب هوب وحتى الجاز والكلاسيك وشقته مليئة بالاسطوانات، التي لا يستطيع إحصاء عددها.وهو يملك أيضاً أغاني على الأقراص المدمجة (السي دي)وال MP3على جهاز الكومبيوتر، ولكنه لا يشغلها للمستمعين في الحفلات، فهي لا تتمتع بالجودة الكافية كما يقول:"وإذا لم يبذل فنانو الدي جي المجهود الكافي لتحويل الموسيقى إلى ملفات رقمية، يمكن التعرف بسهولة على النوعية الرديئة للموسيقى الصادرة عن أجهزة ال MP3التي تعزف في المراقص والحانات."
لا للقمامة الرقمية
ويقول باتريك إن طريقة مزج الأغاني تصنع أيضاً الاختلاف الجوهري بين الاسطوانات وأغاني MP3"يشبه الأمر العزف على الآلات الموسيقية ويتعين على فنان الدي جي أن يطلق العنان لأحاسيسه عندما يقوم بمزج أغنيتين مع بعضهما."وهذا على عكس الوسائط الرقمية المجهزة بوسائل تقوم بمزج الأغاني ببعضها في إيقاع صحيح أما دمج الأسطوانات فيتطلب العمل اليدوي والإنصات إلى الإيقاعات الموسيقية، وهي متعة بحد ذاتها، لا يريد باتريك الاستغناء عنها، حتى وإن كلفه الأمر حمل حقيبتين ثقيلتين بالأسطوانات كل مرة في طريق ذهابه إلى العمل، فهو يقوم بذلك بكل سرور.
الولع بالدي جى
رغم انتماء دانيال، البالغ من العمر 21عاماً، إلى الجيل الرقمي، الذي نشأ وترعرع مع السي دي و MP3، فهو أحد المولعين بالاسطوانات. بدأ حبه لها وهو في عمر السادسة عشرة، حين اكتشف في قبو والده الاسطوانات القديمة ومنذ تاريخ اكتشافه لهذه الموسيقى المميزة، بدأ دانيال بجمع الاسطوانات من كل مكان في العالم وآخر ما جمعه كان مجموعة من الاسطوانات لموسيقى الهاي لايف الغانية، اشتراها من محل قديم في غانا بسعر 10يورو للاسطوانة ويقول دانيال إنه ينتظر بلهفة اللحظة التي سيقدم فيها هذه الموسيقى في الحانة، فمن مهام الدى جي كما يقول "تعريف الناس بالموسيقى التي يكتشفها."
وهناك شغف لدى الكثيرين من فناني الدي جي بجلب موسيقى نادرة وتشغيلها في الحانات والمراقص.وهناك عدة أماكن أصبحت متخصصة في تشغيل الموسيقى النادرة وهو أمر يتطلب الكثير من البحث.هؤلاء الفنانين الموسيقيين يرفضون تشغيل الموسيقى السائدة ويشعرون بالسعادة عندما يشغلون موسيقى مجهولة ورائعة ليرقص الناس على إيقاعاتها الساحرة.
حانة العاشقين
يستطيع المرء أن يلمس حالة الشغف والولع بالاسطوانات في حانة موسيقى الجاز ميترونوم في مدينة كولونيا فجدران الحانة الصغيرة مزينة بالكامل بالاسطوانات القديمة وبصور لمشاهير عازفي الجاز.وخلف البار توجد زجاجات الكحول وخزانة كبيرة مليئة باسطوانات موسيقى الجاز، مرتبة حسب أهم الآلات الموسيقية وليس حسب أسماء الفنانين.
ويقول مدير الحانة إن الخزانة تحتوي على ما لا يقل عن 2000اسطوانة، وهناك بعض الاسطوانات المخزنة في المطبخ ولا يعرف مايك عدد الأسطوانات التي بمنزله، فهذه الأشياء لا يمكن عدها، كما يقول، ولكنه يعرف بالضبط عدد أقراص السي دي الموجودة بمنزله" فقط اثنين"، أهداه إياهما أناس نيتهم حسنة، لا يعرفون أنه لا يمتلك جهاز تشغيل السي دي ومثل هذه الأقراص لا يسمح لها، كما يقول، بالدخول إلى بيته " لأن الأقراص المدمجة عديمة الروح"
وهكذا أصبحت حانة ميترونوم التي يقوم بها الدي جي مايك بمزج موسيقى الاسطوانات، قبلة لعشاق موسيقى الجاز الذين يحافظون على وفائهم لهذا النوع من الموسيقى، التي احتفظت بسحرها على مر السنين.
سيلكه فونش، مي المهدي
مراجعة: منى صالح