الإكتئاب كابوس ينغّص حياة المهاجرين الوافدين الجدد بألمانيا
١٥ يناير ٢٠٢٠يربط كثيرون الاكتئاب بفصل الشتاء حيث أن الشمس لا تشرق فيه كثيراً مما يتسبب في نقص هرمون السعادة، لكن ماذا لو كان المرء وافدا جديدا إلى أوربا أو إلى ألمانيا بالخصوص. تبدو قصص لاجئين ومهاجرين مثقة بالمعاناة، بسبب ما رافقهم مع مرور الوقت من شعور بالضعف والإنهاك، وأحيانا لا يدركون ما الذي يضنيهم إلا إنه إحساسٌ مفرطٌ في حب البقاء بمفردهم ولا يحبون الخروج ولا يستطيعون التأقلم مع نمط الحياة الجديدة. هذه الأعراض عندما تتجاوز نطاقا زمنيا ضيقا، وتتحول إلى جزء رتيب من حياة اللاجئ، تتسبب في زيادة غربته وشعوره بالسلبي.
وبحسب إحصاءات حديثة فان ألمانيا تحتل المرتبة الثانية أوروبيا بعد "لوكسمبورغ" في ارتفاع نسبة الأشخاص الذي يعانون من الاكتئاب، وتبلع نسبة من يعانون من الاكتئاب إلى 9,9 في المائة، وهذه النسبة تعتبر أعلى من متوسط الإصابة بالاكتئاب في بلدان الاتحاد الأوربي، بحسب دراسة قدمتها مؤسسة روبيت كوخ الألمانية لسنة 2019.
رحلة صعبة في مواجهة الاكتئاب
وصل أحمد إلى ألمانيا في عام 2015 هربا من الحرب بسوريا، كان متفائلاً بقدومه إلى بلدٍ جديدٍ، معتقداً أنه سيبني حياةً مثاليةً ويكسب الكثير من الصداقات، إلى أن بدأ كل شيء يتغير في عينه، عندما بدأ يشعر بالحزن والضياع بالرغم من تواجد أخيه الأصغر لجانبه. كان يعيش في عالمين حسب ما أخبرنا عالم فيه عائلته التي تركها خلفه وعالمه الجديد الذي يبحث فيه عن نفسه.
حاول أحمد أن يمارس الرياضة وأن يقرأ الكتب لكنه لم ينجح في التخلص من إحساسه بالضعف والوحدة، ولم يستطع حتى أن يجد عملاً ليكون على احتكاك ٍ دائمٍ مع الناس. ما زاد من وضعه صعوبةً حتى بدأ يأخذ "المارغونا" محاولاً نسيان أو ربما تجاهل ما يعاني منه من وحدةٍ وضيق، بقي أحمد على هذا الحال لمدة عامٍ كامل.
يواصل أحمد سرد قصته في حوار مع DW عربية وكيف عانى بعد أن تفاقمت حالته قائلاً: "أصبح في مخيلتي بأنني إنسانٌ عظيمٌ سيتكلمون عني في نشرات الأخبار، كنت أصرخ عندما يحاول أحدهم الاقتراب مني، أصبحت حياتي عبارةً عن مشاجراتٍ مع الناس وحتى أقربهم إلي "أخي".
بعد بقاء أحمد في المستشفى لمدة شهر وتلقيه الدعم من عائلته وأصدقائه تمكن من إنهاء معاناته ويتمنى أن يبدأ حياة جديدة.
هل ما يعتري الوافدين الجدد هو بالفعل "اكتئاب"
ردا على هذا السؤال، تنقسم آراء الخبراء الذين سألتهم DW عربية إلى اتجاهين، الأول لدى منظمة "ليشت بونكت" والتي تعنى بشؤون الوافدين الجدد من الناحية النفسية، وهي تعتبر أن ما تعاني منه هذه الفئة من الناس هي أعراض مختلفة لا يمكن حصرها وتعميمها على كل الحالات، لكن عدم إحساسهم بالوصول إلى مكانٍ آمنٍ وشعورهم الدائم بالغربة والوحدة وعيشهم بين عالمين مختلفين هي من "الأحاسيس الصعبة" التي يعانون منها. كما أن مخاوفهم بعدم تحقيق ما يصبون إليه من دراسة أو عمل هو هاجس كبير لديهم أيضاً.
وتضيف مديرة المنظمة ميريام كرونر أن الاكتئاب هو جزء بسيط مما يعانون منه، "لذلك نحاول تزويدهم بمعلوماتٍ أولية ليتمكنوا من فهم ما يحصل في أجسادهم والتغيرات التي قد تطرأ عليها ليتمكنوا من السيطرة عليها بشكل أكبر وليستطيعوا التركيز والتصرف بهدوء، بعد ذلك نبدأ معهم بتمارين الاستقرار لمساعدتهم على إدراك ما حولهم وكيف يبدؤون رحلتهم في هذا البلد الجديد بثقةٍ أكبر".
أما الدكتور عامر المصري فهو رأي مختلف، حيث قال لـ DW عربية بأن ما يحدث مع الوافدين الجدد يمكن تسميته بـ "اضطراب التكيف"، وهو عدم استطاعة الشخص على التأقلم بشكل سريع مع محيط جديد مختلف عن المحيط الذي ترعرع فيه، ولكن عندما تستغرق هذه الحالة فترة طويلة "نستطيع أن نتحدث عن إمكانية الإصابة بالاكتئاب" كما يقول الخبير النفسي.
واشار الدكتور عامر المصري بأن الفيتامينات سي ود لها تأثير على مزاج الإنسان، لكن لا نستطيع تجاهل الظروف الاجتماعية لهؤلاء الناس، وأخيراً يوصي الخبير النفسي كل شخص بأن يعبر عن كل ما يجول في خاطره وما يشعر به من أحاسيس محذرامن كبت مشاعره وما يدور بداخله.
قتيبة باكير