البرنامج الأممي لمنح القروض الصغيرة: قليل دائم خير من كثير فان
تعتبر برامج القروض الصغيرة أداة اقتصادية ناجعة تهدف إلى مساعدة سكان دول "العالم الثالث" على الخروج من براثن الفقر. فهي تساعد على إيجاد آليات تنمية مستديمة عن طريق تقديم القروض الصغيرة والخدمات المالية للعائلات من خلال جمعيات تعاونية قائمة على مبدأ المساعدة الذاتية أملا في وصول هؤلاء الأفراد إلى الاستقلالية الاقتصادية.
في السياق ذاته أكد المدير العام لبنك "غرامين" في بنغلادش، أقدم البنوك المانحة للقروض الصغيرة، البروفيسور محمد يونس أن هذه المشاريع قادرة على تمويل نفسها ذاتياً من خلال التزام أصحابها بتسديدها لتوفير مصادر تمويل لمشاريع جديدة، وهذا ما يميز هذه البرامج عن غيرها. كما أنه أشار إلى أن بعض المشاريع الصغيرة تواجه مشاكل في عملية التسويق، لكن من السهل التغلب عليها عن طريق تقديم المساعدة لها في إيجاد مشترين. وعلاوة على ذلك فقد أثبتت التجربة أن أصحاب هذه المشاريع يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء لأنهم ينتجون ما يحتاجه المواطن ويتابعون احتياجات السوق.
نجاح كبير في البرازيل
تتنقل أندريا غوميز، العاملة لأحد البنوك الإنمائية والبالغة الثلاثين من العمر، منذ ثلاثة سنوات بين أزقة الأحياء الفقيرة في مدينة ريسيفاس البرازيلية من أجل توزيع ما تطلق عليه "قرض الصداقة". وعلى الرغم من أن هذا القرض لا يعادل أكثر من مصروف جيب عند موظفي البنوك الأوروبية الكبيرة، إلا أنه يمثل حجر الأساس لأعمال تجارية وحرفية صغيرة يقوم الناس هناك بممارستها في طريقهم الطويل للخروج من براثن الفقر. وغالباً ما يبدأ مثل هذا القرض بـ 30 يورو، ويصل أقصى حد له عند 2500 يورو. وفي العادة تضع أندريا غوميز التجار المتنقلين، الذي يجب أن يكونوا قد مارسوا عملهم منذ عام على الأقل، على قمة سلم أولويتها. فعملها غير بيروقراطي ويهدف إلى الاتصال المباشر بهم وتقديم يد العون لهم. ومع مرور الوقت ازداد عدد زبائنها ليصلوا إلى 350 زبوناً. ويجدر بالذكر في هذا السياق أن عدد الحاصلين على تلك القروض في البرازيل قد وصل إلى 170000 شخص.
الفكرة الجوهرية لهذه المبادرة تكمن في تطبيق مبدأ الجمعيات التعاونية على أرض الواقع. فأفضلية منح القروض تُعطي لمجموعة تتكون، على سبيل المثال، من 3 إلى 10 أشخاص لها القدرة على تحمل مسؤولية سداد هذا القرض تجاه كل المشاركين. ولكن نجاح هذا الاستثمار يعتمد اعتمادا كبيراً على البنية الاجتماعية السائدة في المجتمع. وينبغي الإشارة في هذا السياق إلى أن الحكومة البرازيلية كلفت كل البنوك المعتمدة لديها بتخصيص 2% من رؤوس أموالها ووضعها تحت تصرف برامج القروض الصغيرة.
قليل دائم خير من كثير فان
خصصت الأمم المتحدة العام الحالي عاماً لدعم وتشجيع برامج منح القروض الصغيرة. كما سيكثف البنك الدولي جهوده الهادفة إلى محاربة الفقر وتحسين مستويات المعيشة في دول العالم النامية عن طريق تسهيل منح القروض لأصحاب الدخل الضعيف. وتقديرا للجهود العربية والمحلية التي تقوم بها الملكة رانيا، ملكةالاردن، من أجل دعم برامج منح قروض للشراكات الناجحة تم اختيارها سفيرة دولية للأمم المتحدة في مجال منح القروض الإنمائية في عام 2005.
وعلى الرغم من أن الهدف الأول لإنشاء هذه البرامج في البلاد العربية كان يكمن في البداية في تقليل تكلفة الإصلاح الاقتصادي على وجه العموم، إلا أن هذه البرامج تساهم الآن في خلق فرص عمل جديدة ودعم البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية لعدد كبير من الفقراء. فعلى سيبل المثال مول الصندوق الاجتماعي المصري 32 مشروعاً لمحو الأمية استفاد منه 15 ألف شخص.
لؤي المدهون