البرهان.. من العمل في الظل لحاكم للسودان بقوة الأمر الواقع
٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ظهر الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الاثنين (25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021) على شاشة التلفزيون ببزته العسكرية، وأعلن بنبرة حازمة أنه يريد "تصحيح الثورة" التي أطاحت بعمر البشير في 2019. وأكد إعفاء الوزراء ووكلاء الوزراء من مهامهم، علما بأن جزءا كبيرا من هؤلاء اعتقلوا منذ الفجر على أيدي قوى عسكرية.
في الشارع، يهتف متظاهرون ضده منذ أيام، رافضين "حكم العسكر". لكن بالنسبة إلى آخرين يطالبون بحكومة عسكرية، هو المنقذ الذي سيحل كل مشاكل البلاد الاقتصادية والسياسية.
قبل الإطاحة بالبشير، لعب البرهان دورا رئيسيا بعيدا عن الأضواء في مشاركة السودان في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، ثم أصبح في دائرة الضوء حين تولى قيادة المجلس العسكريّ الانتقالي في أعقابالإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير على يد الجيش في 11 نيسان/ أبريل 2019 إثر تظاهرات حاشدة استمرت خمسة أشهر.
في 12 نيسان/ أبريل، أدى البرهان اليمين كرئيس للمجلس العسكري الذي تولّى السلطة بعد البشير. وتولّى البرهان منصبه بعدما تنازل الفريق أول ركن عوض ابن عوف عن رئاسة المجلس العسكري بعد أقل من 24 ساعة في السلطة، تحت ضغط الشارع الذي كان ينظر الى ابن عوف على أنه من داخل النظام وحليف مقرب من الرئيس السابق.
وهكذا تحوّل البرهان من شخصية تعمل في الظل إلى رئيس للبلاد بحكم الأمر الواقع. وقال عنه في حينه ضابط في الجيش طلب عدم الكشف عن هويته "البرهان ضابط رفيع المستوى في القوات المسلحة... لم يكن يوما تحت الأضواء كما هي الحال بالنسبة لابن عوف (الذي كان وزيرا للدفاع) والفريق أول ركن كمال عبد المعروف (الذي كان رئيس أركان الجيش)".
في آب/أغسطس 2019، وبعد عنف في الشارع ومفاوضات مع "ائتلاف قوى الحرية والتغيير" الذي قاد الاحتجاجات الشعبية، وقّع المجلس العسكري اتفاقا مع الائتلاف عرف بـ"الوثيقة الدستورية" نصّ على مرحلة انتقالية يتقاسم خلالها المدنيون والعسكريون السلطة لقيادة البلاد نحو انتخابات وحكم مدني.
المشرف على إدارة المرحلة الانتقالية
ترأس البرهان بموجب هذا الاتفاق مجلس السيادة الذي كلّف بالإشراف على إدارة المرحلة الانتقالية. واليوم، يؤكد البرهان أنه يريد "إكمال" العملية الانتقالية وقيادة البلاد نحو "حكومة مدنية منتخبة". لكنه لذلك، حل مجلس السيادة والحكومة الحالية وأعفى الكثير من المسؤولين وأعلن حالة الطوارئ في كل البلاد.
بعد سنتين من المرحلة الانتقالية، بات البرهان معتادا على الأضواء، وبات يتصرف ويعامل على أنه رئيس دولة. فقد تلقى الأربعاء دعوة للمشاركة في قمة حول ليبيا ستعقد في باريس في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر. وهو يستقبل بانتظام المسؤولين والمبعوثين الأجانب الذين يزورون السودان.
يظهر بشكل عام ببزته العسكرية مع أوسمته على كتفه، وغالبا برفقة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، وهو قائد قوات الدعم السريع المتهمة بقمع انتفاضة 2019.
وخلال المفاوضات بين الجيش والمحتجين حول تركيبة الحكم، قام البرهان بزيارات إلى مصر والإمارات والسعودية. والأخيرتان من أبرز المانحين للسودان.
وأمضى البرهان فترة من حياته المهنية كملحق عسكري لدى بكين. ويقول الضابط السوداني عن البرهان إنه "ضابط كبير يعرف كي يقود قواته"، مضيفا "ليست لديه ميول سياسية، إنه عسكري".
ولد البرهان عام 1960 في قرية قندتو شمال الخرطوم، ودرس في الكلية الحربية ولاحقا في مصر والأردن. وهو متزوج وأب لثلاثة أبناء. وكان قائدا لسلاح البر قبل أن يعينه البشير في منصب المفتّش العام للجيش.
"مهندس العلاقة مع السعودية والأمارات؟"
تشير وسائل الإعلام السودانية ومحللون إلى أن البرهان تولى عملية تنسيق إرسال جنود سودانيين إلى اليمن في إطار التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
أرسل البشير قوات سودانية إلى اليمن عام 2015 في إطار تحوّل رئيسي في السياسة الخارجية شهد تخلّي الخرطوم عن علاقاتها المستمرة منذ عقود مع إيران عبر الانضمام للتحالف الذي تقوده الرياض.
وتقول ويلو بيردغ، مؤلفة كتاب "الانتفاضات المدنية في السودان الحديث" وأستاذة التاريخ في جامعة نيوكاسل، إنه بموجب توليه الملف اليمني، عمل البرهان عن كثب مع قوات الدعم السريع، من دون أن تستبعد أن يكون دعم هذه المجموعة ساهم في إيصاله إلى السلطة.
ص.ش/ أ.ح (أ ف ب)