التحولات المناخية تنذر بكوارث اقتصادية واجتماعية عالمية
٣١ أكتوبر ٢٠٠٦أظهرت دراسة بريطانية خاصة بالمناخ أن الكرة الأرضية مقبلة على تحولات مناخية خطيرة. وحذر الباحثون الذين أشرفوا على إنجازها بتكليف من الحكومة البريطاينة من عواقب الارتفاع المتسارع والملحوظ في درجة حرارة الأرض نتيجة تزايد انبعاثات الغازات السامة في الغلاف الجوي. وجاء في الدراسة التي عُرضت أمس في لندن إن التحولات ستؤدي إلى تقلص الاقتصاد العالمي وتراجع معدلات نموه، الأمر الذي سيؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية بشكل مقلق. وقدرت الدراسة نسبة هذا التراجع بنحو 20 في المائة. كما رأت بأن الكوارث الطبيعية الناجمة عن التحولات المناخية ستدفع ما يزيد على مائتي مليون شخص إلى النزوح بحثا عن مأوى هربا من الفيضانات والجفاف. وهو الأمر الذي يهدد بدوره الحيوانات والنباتات التي سيتعرض أكثر من 40 بالمائة منها للانقراض.
ضرورة تكثيف الجهود الدولية
ولمواجهة التحديات التي تطرحها التحولات المناخية دعا رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عقب نشر نتائج الدراسة المجتمع الدولي إلى الإسراع باتخاذ تدابير حازمة لمواجهة مخاطر تلوث المناخ. كما حذر من المماطلة في القيام بمبادرات دولية، لأن مثل ذلك سيحدث "كارثة بمعنى الكلمة" على حد تعبيره. وتأتي دعوة المسؤول البريطاني متزامنة مع تحذيرات وجهها علماء البيئة ومفادها أن متوسط درجة حرارة الأرض آخذ في الزيادة بمعدل خمس درجات خلال مائة عام من الآن، إذا لم يتم اتخاذ تدابير للحد من هذا المنحى. وهو الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود الدولية في إطار استراتيجية ناجعة تكون قادرة على تدارك الخلل البيئي واستعادة توازنه وفقا لما صرح به السير نيكولاس سترن، الذي اشرف على الدراسة.
تكاليف مواجهة التحديات باهظة
وحذر السير سترن من تقاعس العالم عن القيام بإجراءات حازمة بأسرع وقت ممكن لأن ذلك قد يضاعف المشكلة. وقدرت الدراسة تكاليف الإجراءات الطارئة لمكافحة الاحتباس الحراري وتلوث المناخ في الوقت الراهن بأكثر من 275 مليار يورو. غير أن هذه التكاليف الباهظة لن تساهم فقط في درئ مخاطر التحولات المناخية، بل أن الاقتصاد الدولي سيستفيد منها إجمالا، لاسيما من الاستثمارات الموجهة لحماية البيئة.
ودعا التقرير الدول الصناعية إلى تحمل المزيد من المسؤولية من خلال مزيد من الحزم والجدية في مواجهة المخاطر. ويربط الخبراء نجاح الجهود الدولية في احتواء مشكلة التحولات المناخية بمدى مساهمة الولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند كونها من البلدان الرئيسية المسببة للتلوث. على صعيد آخر وفي إطار جهود مواجهة المخاطر يسعى البنك الدولي من جهته إلى تعزيز تلك الجهود من خلال تخصيصه صندوق ودائع بقيمة 20 مليار دولار تستفيد منه الدول الفقيرة لتمويل مشاريع بيئية. تلك المبالغ ستخصص كذلك لدعم دول مثل البرازيل وكوستاريكا من أجل حماية الغابات الاستوائية التي تساعد في امتصاص الغازات السامة.
الأمم المتحدة سبق وحذرت من كارثة بيئية
ولم تقتصر التحذيرات من كارثة بيئية على الحكومة البريطانية، فقد حذر فرع منظمة الأمم المتحدة المكلف بالبيئة أيضا في مدينة بون في تقرير أعده حول التحولات المناخية من المخاطر التي تتربص بالكرة الأرضية وكائناتها الحية. وأظهرت الأرقام التفصيلية التي عرضها التقرير أن الدول الصناعية تطلق انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ومواد أخرى سامة في الغلاف الجوي بكثافة. كما أن هذه الانبعاثات في تزايد مستمر. وأشار التقرير إلى بعض المفارقات، إذ أن العديد من الدول الصناعية التي تسبب تلوثا دراماتيكيا للمناخ سبق ووقعت على اتفاقية كيوتو. لكن المسؤول عن الفرع بونيوفو دبور، أشاد بكل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والسويد لجهودها التي أثمرت في الاقتراب من التطبيق الكلي لإتفاقية كيوتو.
دويتسه فيله (ط.أ)