التفاؤل الحذر يخيم على محاولات طي صفحة الماضي الأليم في المغرب/ الحلقة 2 من 2
١٤ مايو ٢٠٠٦خلال الأسابيع الأخيرة عقدت أبرز المنظمات الحقوقية المغربية مؤتمرات كانت أهم القضايا التي بحثتها نتائج أعمال هيئة الإنصاف والمصالحة. وفي التقرير الختامي لمؤتمر المنظمة المغربية لحقوق الإنسان اعتبرت "ان مرحلة الانتقال الديمقراطي رغم ما تفتحه من إمكانيات غير مسبوقة في مجال حقوق الإنسان مرشحة للانتكاس والتراجع في أية لحظة، مما يتطلب ضرورة تحقيق الإصلاحات وتسريع وتيرتها لبناء دولة الحق". وبالنسبة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، فإن تفعيل "العدالة الانتقالية" يقتضي محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة وتقديمهم للعدالة وإبعاد من بقي منهم في مواقع المسؤولية. كما حذرت الجمعية في أحدث تقرير لها من مخاطر تكرار ممارسات الماضي كعمليات التعذيب برغم توقيع المغرب على معاهدة منعه.
تحركات أهالي الضحايا
وتشهد مقرات المنظمات الحقوقية، تجمعات لأهالي المعتقلين الإسلاميين المتشددين، يطالبون بإطلاق سراحهم وإيقاف التجاوزات التي ارتكبت في حقهم تحت غطاء قانون مكافحة الإرهاب. وانتقدت هيئات حقوقية محلية ودولية ظروف اعتقال ومحاكمة عدد من النشطاء الصحراويين في الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو.واضطرت الحكومة المغربية لتشكيل لجان تحقيق في ادعاءاته، ووفق رأي ابراهام السرفاتي الزعيم اليساري والمعتقل السابق، فإن عمليات القمع كانت تتم في عهد الملك الحسن الثاني وفق نسق ممنهج، واليوم ربما استمرت بعض التجاوزات لكن مرتكبيها يقدمون عليها بكل فردي وليس نظامي.
ملفات عالقة
كان مؤتمر المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، الذي عقد في شهر مارس/ آذار الماضي المناسبة الأكثر تجسيدا لفعاليات ضحايا معتقلات المغرب السرية، لأن المنظمة أنشئت اصلا منذ عشر سنوات من أجل تسوية أوضاع الضحايا. وقد حدد المؤتمر الملفات التي ما تزال عالقة ومن أبرزها:
· كشف مصير 66 حالة ما تزال مجهولة المصير
· تحديد مسؤوليات الدولة المغربية في عملية اغتيال الزعيم اليساري المهدي بن بركة
· إعلان الحكومة المغربية عن إعتذار رسمي وصريح عما ارتكب من انتهاكات جسيمة
· تحديد المسؤوليات في حوادث التصفيات بمنطقة الريف شمال المغرب بعد استقلال البلاد
مزيج من التفاؤل والحذر
تعيد هذه المطالب إلى الذاكرة عمليات قمع ممنهج واكبت حوادث واضطرابات شهدها المغرب إثر إستقلاله في بداية الستينات، وعلى خلفية مواجهات بين بعض تيارات الحركة الوطنية وأجهزة الدولة حديثة الاستقلال. كما حدثت هذه العمليات في السبعينات عندما تعرض الملك الحسن الثاني لمحاولة انقلابية فاشلة في يوليو 1971 تعرف بإنقلاب الصخيرات، وتعرض لمحاولة ثانية عندما نفذ ضباط في سلاح الطيران عملية قصف لطائرة الملك الذي نجا من الموت بأعجوبة. وفي إطار ذلك تعرض 58 عسكريا اعتقلوا على خلفية هذه الحوادث لفظائع في معتقل تازمارت خلال 19 عاما، ونجا منهم 28 معتقلا وقضى الباقون. وشهدت سنوات السبعينات اعتقالات واسعة وقمع ممنهج لنشطاء تنظيمات "الى الأمام " و"23 مارس" الماركسية اللينينية، إضافة إلى مئات من الصحراويين الذين اختطفوا من الصحراء الغربية التي كانت تشتعل فيها الحرب بين المغرب وجبهة البوليساريو. كما تعرض المختطفون الصحراويون في معتقلات أكدز وقلعة مكونة لمختلف أنواع التعذيب والموت وراء القضبان. هذه الوقائع المريرة التي توزعت على تظاريس جغرافيا خلال العقود الماضية، يبدو التخلص من مخلفاتها اليوم عملية شاقة يجتازها المغاربة بمزيج من التفاؤل والحذر.
منصف السليمي