الجزائر: تعبئة قوية في أول جمعة رمضانية ضد النخبة الحاكمة
١٠ مايو ٢٠١٩تظاهر الجزائريون في يوم الجمعة (10 أيار/ مايو 2019) الثاني عشر على التوالي، الأول في شهر رمضان، والذي يمكن أن يؤثر فيه الصوم والتعب المتراكم على مستوى التعبئة ضد النظام وضد الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من تموز/ يوليو القادم. لكن رغم تعب الصوم والعطش في طقس حار نسبيا، تواجد حضور قوي في الحراك الشعبي في الجزائر بعد صلاة الجمعة، حيث بدت التعبئة قوية.
وغصت شوارع عدة حول ساحة البريد المركزي بالمحتجين الذين هتفوا "قايد ارحل، بدوي ارحل، بن صالح ارحل" في إشارة الى قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي والرئيس بالوكالة عبد القادر بن صالح. وكان الفريق قايد صالح يُعتبر لفترة حليفا لحركة الاحتجاج بعد تخليه عن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ما دفعه للاستقالة بعد عشرين عاما في الحكم.
غير أنه كان اليوم كما يوم الجمعة الماضي موضع استهداف بشكل خاص من المتظاهرين الذين هتفوا الجزائر "جمهورية ماهيش (ليست) ثكنة" و"الجيش جيشنا والقايد خاننا". وتجمع محتجون اتشح بعضهم بأعلام الجزائر في وسط العاصمة التي شهدت مسيرات متتالية مناهضة للحكومة منذ 22 فبراير/ شباط ورفعوا لافتات دعت إحداها إلى رحيل كل أفراد النخبة الحاكمة.
وسيكون مستوى التعبئة موضع متابعة عن كثب في وقت تتهم العديد من المنظمات والشخصيات الفريق قايد صالح بالعمل على فرض العملية الانتقالية الجارية بالقوة والانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من تموز/ يوليو.
لكن حركة الاحتجاج لا ترغب في أن يتم تنظيم الاقتراع من قبل رموز النظام السابق التي يجسدها خصوصا بن صالح وبدوي وقايد صالح الذين كانوا من المخلصين لبوتفليقة طوال عهده. وبعد توقيف العديد من رجال الأعمال والأثرياء، كان توقيف سعيد بوتفليقة الذي كان نافذا جدا حتى استقالة شقيقه، موضع ترحيب لدى المحتجين.
ويرى الكثير من الجزائريين أن سعيد بوتفليقة كان له دور في جهود إبقاء شقيقه بأي ثمن في الحكم، رغم الجلطة الدماغية التي تعرض لها عام 2013. كما تم حبس اثنين من كبار قادة جهاز المخابرات السابقين الفريق محمد مدين المكنى بـ "توفيق" وعثمان طرطاق المكنى بـ "بشير". واتُهما مع سعيد بوتفليقة بالإساءة إلى سلطة الدولة والجيش.
رغم أن المتظاهرين تلقوا بارتياح هذه الأنباء، لكن لديهم انطباع بأنها تشكل فرصة لعملية تطهير في هرم السلطة في إطار صراع أجنحة داخل النظام. وسبق الاعتقالات الأخيرة توقيف العديد من رجال الأعمال الذين كانوا مقربين من بوتفليقة، ورصد فيها مراقبون بصمات الفريق قايد صالح.
كما رأت منظمات تنشط ضمن الاحتجاج في توقيف لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال (تروتسكي) أمس الخميس، محاولة لفرض العملية الانتقالية الدستورية الجارية "بالقوة". وتساءلت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان هل الجيش ومن خلال تنديده بـ "مؤامرة"، يحاول "إسكات كافة الأصوات المخالفة" المعارضة للعملية الانتقالية القائمة التي يريدها قايد صالح؟.
واتسمت المظاهرة بالطابع السلمي لكنها أصغر من تلك التي هزت الجزائر في الأسابيع القليلة الماضية. وهي الأولى منذ بداية شهر رمضان. وقال شهود إن آلاف المحتجين خرجوا إلى الشوارع في مدن أخرى منها وهران وتيزي وزو وقسنطينة ورددوا هتافات مناهضة للحكومة.
ح.ع.ح/ع.ج (أ.ف.ب، رويترز)