"الجزيرة والعربية للعالم العربي كالمطر للصحراء"
٩ مايو ٢٠٠٨شهد العالم العربي منذ تأسيس قناتي الجزيرة عام 1996 والعربية عام 203 ثورة غيرت وجه الخارطة الإعلامية العربية بشكل شبه جذري. فخلال سنوات قليلة استطاعت المحطتان احتلال أهم موقعين إعلاميين ناطقين باللغة العربية. وبذلك انتهى احتكار المحطات الغربية وفي مقدمتها بي بي سي البريطانية وسي ن ن الأمريكية لنقل أحداث الشرق الأوسط إلى ساكنيه.
الفضائيات العربية تغطي الأحداث بشمولية
تعود أسباب نجاح المحطات الفضائية العابرة للحدود الوطنية وفي مقدمتها قناة الجزيرة برأي سلطان الحطاب الخبير الإعلامي ومدير عام دار العروبة للدراسات السياسية في عمان إلى القيمة المضافة التي قدمتها لتغطية الأحداث عن الشرق الأوسط. "لدينا شعور بأن القنوات الغربية لا تقدم سوى جانب من الرواية الحقيقية عن منطقتنا، هناك على سبيل المثال تعتيم كبير على ما يحدث في غزة وعلى صعيد النزاع العربي الإسرائيلي إلى أن جاءت الجزيرة وغيرها لتسد هذه الثغرة. قناة الجزيرة وإلى حد محطة العربية تشكلان للعالم العربي كالمطر للأرض العطشى". غير أن الدكتور حسين أمين، أستاذ ورئيس قسم الصحافة والإعلام في الجامعة الأمريكية في القاهرة لا يرى سر النجاح في تقصير وسائل الإعلام الغربية، بل في فشل الإعلام الرسمي العربي الذي يركز على الأخبار البروتوكولية والرسمية بشكل ممل. كما أن هذا السر يعود إلى النقل المباشر لحرب أفغانستان والحرب على العراق وأحداث الانتفاضتين الفلسطينيتين بشكل تم فيه تخصيص مساحة غير مسبوقة لأحداث العنف في نشرات الأخبار. وهو أمر يثير جاذبية الناس في منطقة مليئة بالتوترات كمنطقة الشرق الأوسط. هنا يطرح نفسه السؤال التالي: ألا يحرّض هذا النوع من النقل للأحداث على مزيد من العنف؟ الدكتور أمين لا يستطيع الجزم بذلك لأن هناك عدة مدارس صحفية تؤيد فكرة التغطية الشاملة للأحداث على أساس أن الإطلاع الشامل حق للجميع. غير أن سلطان الحطاب يجادل في مقولة أن الجزيرة وغيرها من الفضائيات العربية تعطي مساحة أكبر للعنف والتحريض. "هذا الأمر ربما يصح عندما تنتقد الجزيرة الممارسات الديكتاتورية والقمعية للأنظمة العربية، عدا ذلك فإن المحطة تقدم صورة حقيقية وواقعية لما يجري في منطقة الشرق الأوسط، ولممارسات الاحتلال الإسرائيلي وكذلك الأمريكي هناك".
نفوذ واسع دفع الغرب لتأسيس محطات مماثلة
وعلى الرغم من الدور المتنامي لوسائل الإعلام الإلكترونية الجديدة وخاصة في صفوف الشباب، فإن المحطات الفضائية العربية وفي مقدمتها الجزيرة والعربية وأبو ظبي استطاعت تبوأ نفوذ كبير في الشارع العربي منذ أحداث الحادي عشر من أيلول/ وتبعاته. وقد ظهر ذلك مؤخرا على سبيل المثال من خلال تحريك الناس للتظاهر في المدن والعواصم العربية والإسلامية ضد حرب العراق والرسوم الكاريكاتورية. وقد فتح نفوذها المتزايد أعين الدول الغربية الرئيسية وزاد من مخاوفها على فقدان نفوذها ومصالحها في العالم العربي. وهو الأمر الذي دفعها إلى تعزيز برامجها الإعلامية باللغة العربية وتأسيس محطات جديدة ناطقة بهذه اللغة. وهكذا بدأت قناة دويتشه فيله بثها بالعربية عام 2002. وتبع ذلك إطلاق قناة الحرة الأمريكية وقناة روسيا اليوم وقناة فرنسا 24 الدولية وأخيرا قناة بي بي سي العربية.
القنوات الغربية مهمة لنقل وجهة النظر الأخرى
صحيح أن القنوات الغربية لا تستطيع منافسة مثيلاتها العربية، غير أنها في رأي الحطاب مهمة للعالم العربي. " أعتقد أن الفضائيات الغربية كالألمانية والفرنسية والبريطانية تساهم في رفع سقف حرية التعبير، وهي تقدم في كثير من الأحيان أخباراً محايدة وتحليلات عميقة. كما أنها تتمتع بمهنية عالية". أما الدكتور أمين فيرى بأن هذه الفضائيات مهمة كونها تنقل ما يجري في العالم إلى سكان المنطقة العربية من وجهات نظر خاصة بمن يوجهها. ويضيف: "هذا النقل يسد فجوة موجودة، ويساعد على التلاحم بين الثقافات".