"الجنس مقابل النقط" لايزال يثير الجدل بالمغرب.. فما الجديد؟
١٢ يناير ٢٠٢٢فضيحة هزت بعض جامعات المغرب ووصلت إلى أروقة المحاكم لكنها لاتزال تثير غضباً شعبياً واسعاً. أساتذة جامعيون متهمون بابتزاز بعض طالباتهم جنسياً بإرغامهن على ممارسة الجنس مقابل إعطائهن درجات جيدة.
والقضية التي أطلقت عليها تسمية "الجنس مقابل النقط" برزت في أيلول/سبتمبر بعد أن أثارتها وسائل إعلام محلية، إثر نشر رسائل ذات طابع جنسي تبادلها أحد الأساتذة الجامعيين الملاحقين مع طالباته، على وسائل التواصل الاجتماعي.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها اتهام أساتذة من المغرب بالتحرش، لكن مثل هذه القضايا كانت تبقى بدون عواقب، بحسب جمعيات مدافعة عن حقوق المرأة. أما هذه المرة فتمت إحالة المتهمين إلى القضاء، وهم خمسة أساتذة جامعيين، وضع ثلاثة منهم في الحبس الاحتياطي فيما أطلق سراح اثنين بكفالة. والمدرسون يواجهون تهماً هي "الحض على الفجور" و"التمييز على أساس جنساني" و"العنف ضد النساء".
وشهدت ضد المتهمين إحدى عشرة ضحية، تمثل اثنتين منهن المحامية مريم جمال الإدريسي. تقول الإدريسي للقناة الألمانية الأولى (ARD): "المتهمون حاولوا منع الضحايا من رفع دعوى قضائية، باستخدام سلطتهم، ولهذا السبب لا يوجد اليوم هنا سوى اثنتين من الإحدى عشرة فتاة". كما تتهم الجامعات المغربية بالرد بشكل غير لائق على مزاعم الاعتداء الجنسي في الحرم الجامعي.
ورغم أن القضية تصدرت عناوين الصحف، إلا أن الناشطة كريمة نادر، منسقة ائتلاف "خارجة عن القانون"، الذي يدافع عن حقوق النساء، تقول إن مثل هذه القضايا "تتلاشى من عناوين الصحف بعد أسابيع قليلة"، خصوصاً تلك التي يتم رفعها إلى المحاكم، مشيرة إلى أن المشكلة لا تكمن في القوانين فحسب، بل في كيفية تطبيقها، بحسب قولها. وكان المغرب فرض عقوبات أكثر صرامة على التحرش الجنسي في 2018، بعد سنوات من المناقشات الساخنة.
"التحيز الجنسي في المجتمع"
تقول نادر في حديث للقناة الألمانية الأولى: "إنها مشكلة تتعلق بالمجتمع المغربي الذي يتسم بالتحيز الجنسي. إنه يجيز ويبرر كل ما يفعله الرجال ويلقي بالمسؤولية في كل شيء سيء على النساء، خصوصاً فيما يحدث لهن"، وتضيف نادر: "هناك قوانين، لكن يجب أن تكون في متناول الضحايا، لأن مثل هذه الأشياء (حوادث التحرش) غير موجودة لمجرد وجود أساتذة منحرفين يفعلون أي شيء يريدونه، بل بسبب شعورهم بالإفلات من العقاب".
وتشير الناشطة كريمة نادر إلى وجود شهادات تفيد بأن إدارات الجامعات "أسكتت الضحايا وحملتهم المسؤولية"، مضيفة أن ذلك "يمنع الضحايا من التنديد بما حدث لهن وبالتي سيعانين طوال حياتهن الدراسية".
وتقول مدافعات عن حقوق المرأة في المغرب بأن العديد من النساء لا يجرؤن على الحديث عن حالات العنف الجنسي التي تعرضن لها أو الإبلاغ عنها، خوفاً من وصمة العار في المجتمع المحافظ. لكن هذه المرة، استمرت الاحتجاجات لفترة أطول، ونزلت طالبات إلى الشوارع واحتججن بصوت عال.
"مي تو جامعة"
وبعد ذلك بوقت قصير، قامت كريمة نادر وزميلاتها في ائتلاف "خارجة عن القانون" بإطلاق حملة "مي تو جامعة" عبر وسم (#metooUniv)، لدعوة الضحايا للإبلاغ عن تجاربهن دون الكشف عن هوياتهن. الحملة لاقت إقبالاً كبيراً وتفاجأت كريمة نادر وزميلاتها بالعديد من الشهادات المجهولة المرسلة إلى حسابات ائتلافها، على حد قولها.
تقول نادر: "كانت الاستجابة مذهلة، مع وصول مئات القصص إلينا يومياً حول التحرش والعنف الجنسي في الجامعات"، وتضيف: "هذا يثبت لنا: كفى! حان الوقت للتعامل مع الأمر بجدية تامة من أجل وضع حد لهذا العنف ضد المرأة ولكي تصبح الجامعة مكاناً آمناً للتعلم".
وتوضح نادر أنه بفضل الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، يمكن للضحايا على الأقل توثيق المضايقات وإعلام المزيد من الأشخاص بالمشكلة. وفي غضون ذلك، شكلت وزارة التعليم المغربية لجنة تحقيق، ويمكن للضحايا الاتصال بالخط الساخن والإبلاغ عن حالات التحرش أو العنف الجنسي دون الكشف عن هوياتهن.
ودعا جمال صباني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، إلى "توفير كافة الظروف لمحاكمة عادلة" للمتهمين، مشيراً في تصريح لموقع "هسبريس" المغربي إلى وجود أطراف تريد "تصفية حسابات". وأضاف صباني أنه "من المرفوض أن تتعرض (الطالبات) للمضايقات، لكن تهميش عمل الأساتذة وعرض استثناءات بشكل مبالغ فيه أمر مرفوض كذلك".
لكن كريمة رشدي، عضو ائتلاف "خارجة عن القانون" ردت في تصريح للموقع، معتبرة النقاش حول سمعة الجامعة "تحويراً"، وأضافت مستنكرة: "هل تبقى الطالبات المتعرضات للتحرش صامتات إلى الأبد؟".
م.ع.ح/ أ.ح