الجيش الألماني لحفظ السلام بدلاً من دق طبول الحرب
قبل نصف قرن وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية أُعيد تشكيل الجيش الألماني ليكون في خدمة مهام إنسانية تتعلق بحفظ الأمن والسلام في ربوع العالم. وبهذه المناسبة نوه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ياب دي هوب شيفر، بجهود الجيش الألماني في استتباب السلام مما أكسبه احترام العالم بشكل عام واحترام الناتو تحديدا. وقد اختار هذا الجيش إحياء ذكرى تأسيسه، مكانا خاصا في برلين ليبلغ رسالته للشعب الألماني وللعالم. لقد كان مبنى البرلمان الواقع في الحي الإداري في قلب برلين أمس مسرحا لتلك المراسم. وشملت الاحتفالات تجمع نحو 300 من الجنود قاموا بعرض بعض الطقوس العسكرية العريقة التي يعبرون من خلالها عن تقديرهم واحترامهم العميق.
تقدير للبرلمان
لم يقع اختيار البرلمان الألماني لاحتضان ذلك الاحتفال من باب الصدفة. لقد عمد الجيش الألماني إلى التجمع أمام برلمان بلاده في ذكرى تأسيسه لإعلان احترمه العميق لتلك المؤسسة. وينبع الاحترام الخاص الذي يكنه الجيش الألماني الحالي لتلك المؤسسة عن تجربة تاريخية مريرة تسبب خلالها في تدمير بلاده ومعظم القارة الأوروبية. ومنذ إعادة تشكيل الجيش الألماني مرة أخرى عام 1955 تم إخضاع المؤسسة العسكرية لرقابة البرلمان. ويصف معظم الساسة الألمان هذه العلاقة بالجيدة وهذا ما أكده كذلك رئيس البرلمان الألماني، نوبرت لامرت، خلال الاحتفال حيث قال: "نحن، البرلمان الألماني، نعلم بأنه يمكننا الاعتماد على هذا الجيش. وعلى الجيش، مجنداتنا ومجندونا، أن يعلموا أنهم يُمكنهم الاعتماد على هذا البرلمان."
الجيش الألماني والناتو
ويحتل الجيش الألماني حاليا دورا حيويا وأساسيا في حلف الناتو يصعب الاستغناء عنه. وجاء ذالك على لسان الأمين العام لحلف الشمال الأطلسي شيفر حيث اعتبر وجود الناتو بدون الجيش الألماني غير قابل للتصور. ودافع شيفر بهذه المناسبة عن الدور الذي تقوم به قوات الناتو في إطار حفظ السلام. ويذكر أن القوات الألمانية تتمركز في عدة مناطق توتر تقوم فيها بمهام إنسانية وحفظ الأمن والسلام في أفغانستان تعمل فيها مشاريع إعادة الإعمار. وتقوم كذلك وحدات أخرى من الجيش الألماني بمهام المراقبة في البوسنة والهرسك. بالإضافة إلى ذلك تعمل وحدات من القوات الخاصة الألمانية في إطار مهمة محاربة الإرهاب ضمن وحدات بحرية في القرن الإفريقي.
تظاهرات المعارضين
وككل عام لم تخلُ مراسيم احتفالات الجيش الألماني من مظاهر الاحتجاج الذي تنظمه المجموعات اليسارية المناهضة لاستخدام القوة في حل القضايا السياسية، والتي تعارض مشاركة الجيش الألماني في أي عمليات عسكرية خارج الحدود الألمانية درءا لخطر تكرار أخطاء الماضي. يذكر أن المرة الأولى التي يشارك فيها الجيش الألماني بعمليات حربية خارج الأراضي الألمانية منذ الحرب العالمية الثانية كانت عام 1999 أثناء أزمة كوسوفو وهجوم الناتو على صربيا. مظاهرات المعارضين دعت المسؤولين الأمنيين إلى ضع مئات من رجال الشرطة تحت أهبة الاستعداد، حيث قاموا بتطويق مكان البرلمان وأماكن الاحتفال للحيلولة دون وصول المتظاهرين إليها. وقد اتخذت كافة التدابير لحماية ضيوف الحفل البالغ عددهم 4000 شملت شخصيات وطنية ودولية أتوا لمشاهدة عرض القوات الألمانية والاستمتاع بموسيقى بيتهوفن التي صدحت في قاعة البرلمان الألماني (البوندس تاغ).
طارق أنكاي