الربيع العربي وسلاح الفتاوى
٣١ ديسمبر ٢٠١١خاطب الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك عبر قناة الجزيرة قائلا "ارحل يا مبارك إن كان في قلبك مثقال ذرة من رحمة أو في رأسك ذرة من تفكير" كما أباح القرضاوى، دم القذافي، بقوله: "من استطاع أن يقتل القذافي فليقتله، ومن يتمكن من ضربه بالنار، فليفعل، ليريح الناس والأمة من شر هذا الرجل المجنون". وأشاد القرضاوي بقرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا.
وفي مصر بعد الثورة ظهرت فتاوى تحرّم التصويت في الانتخابات لمصلحة فلول الحزب الوطني. أما في سوريا فقد هدد مفتي الجمهورية أحمد بدر حسون الدول الغربية بارسال انتحاريين إليها في حال قيامها بتدخل عسكري في سوريا، إذ جاء في كلمة له خلال استقبال وفد لبناني "سنعد استشهاديين هم الآن عندكم إن قصفتم سوريا أو لبنان...العين بالعين والسن بالسن". أما في اليمن فقد أصدر رجال دين فتوى يحرمون من خلالها التظاهر و"الخروج على ولي الأمر بالقول أو بالفعل وتحريم التظاهر في الشوارع العامة". كما اعتبروا "الخارجين على ولي الأمر بالسلاح في حكم البغاة".
وفي السعودية أصدرت هيئة كبار العلماء بالسعودية بتاريخ 6 مارس/ آذار 2011 بيانا تحرم فيه الاحتجاجات وأفاد البيان أن "الإصلاح والنصيحة في السعودية لا تكون بالمظاهرات والوسائل والأساليب التي تثير الفتن وتفرق الجماعة وهذا ما قرره علماء هذه البلاد قديما وحديثا من تحريمها والتحذير منها".
ويقول الدكتور رياض الصيداوى، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية بجنيف، إن الفتاوى السياسية بدأت بالانتشار مع: "حرب الخليج عام 1991 وانتقلت الظاهرة من الخليج إلى مصر والشام ومنطقة المغرب العربي".
المفتي ألعوبة بيد الساسة
ويضيف في حواره مع دويتشه فيله "الفراغ الديمقراطي تم ملؤه بشيخ يفتي. ففي السعودية هناك هيئة كبار العلماء وهي جهاز يعوض البرلمان". كما يربط الصيداوى بين المصالح الاقتصادية والسياسية وبين الخطاب الديني، فمثلا "قطر دخلت على خط التنافس السياسي والديني مع السعودية ونشبت حرب فتاوى واضحة المعالم بين جهاز الفتوى القطري وجهاز الفتوى السعودي. فالسعودية أنشأت رابطة العلماء المسلمين، وقطر أنشأت جهازا اسمه الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين ووضعت على رأسه الشيخ يوسف القرضاوي". ويحذر الصيداوى، من عواقب انتقال حرب الفتاوى إلى الإعلام والفضائيات وانتشارها الواسع في باقي بلدان العالم الإسلامي.
ويؤكد الصيداوى أن المفتين "لم ينتخبهم أحد ولا توجد عملية ديمقراطية لانتخاب من يفتي. وفي الدول الإسلامية نجد توظيفا كليا للمشايخ من طرف السلطة السياسية الحاكمة. والمفتون غير قادرين على التصدي لملوكهم أو رؤسائهم، فهم ألعوبة بيد الجهاز السياسي".
من جهته أكد الصحافي المصري علي عبد العال، المتخصص في شؤون التيارات الدينية، لدويتشه فيله أن "الدولة المصرية كانت دائما تحاول إحكام سيطرتها على علماء الأزهر" وأقر العديد من العلماء أنهم "تعرضوا للضغوطات من قبل المسئولين ومن لا يستجيب لهم يتعرض للتهديد وهدا ما دفع العديد من رجال الدين إلى مغادرة مصر كما هو الحال بالنسبة للشيخ القرضاوي". ويأمل عبد العال أن يتم مستقبلا "انتخاب هيئة علماء الأزهر بشكل ديمقراطي وأن تحظى هيئة العلماء بالاستقلالية التامة". تابع القول بأن "المزايدة بين السنة والشيعة بشكل عام وبين إيران والعالم العربي بشكل خاص سيكون لها وقع كبير على الجانب الديني وستكون حرب الفتاوى وسيلة لتصفية الحسابات" بين الجانبين.
عبد الرحمان عمار
مراجعة: عارف جابو