الرمز والمعنى: مقتطفات من حديث مع ميشيل بلومينتال
فيي مقابلة له مع موقع دويتشه فيلله باللغة الألمانية اعتبر ميشيل بلومينتال مدير المتحف اليهودي في برلين أنه من غير الممكن الحديث عن علاقات طبيعية الآن بين الألمان اليهود والألمان غير اليهود، قائلاً: "علاقات طبيعية هي كلمة خاطئة. فالعلاقات بين الألمان اليهود وغير اليهود يشوبها الحذر دائماً ومعرضة للتوتر في مواقف كثيرة". ورداً على سؤال عن المعنى الذي أضافته نهاية الحرب العالمية الثانية على التاريخ اليهودي الألماني أجاب بلومينتال: "نهاية الحرب العالمية الثانية هي نهاية التواجد اليهودي في ألمانيا بالشكل الذي كان عليه منذ مئات السنين. كان المواطنون اليهود من جيل آبائي وأجدادي والأجيال السابقة جزءا لا يتجزء من الشعب الألماني، هذا الزمن انتهى مع نهاية الحرب".
ولد ميشيل بلومنتال في أوارانينبورج في برلين، هرب مع أسرته إبان الحكم النازي عام 1939 إلى شنغهاي ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية. تولى منصب وزير الإقتصاد في الإدارة الأمريكية أواخر السبعينات، ويشغل منذ 1997 منصب مدير المتحف اليهودي في برلين. ويعلق على الاحتفالات المقامة بمناسبة تحرير معسكر آوشفيتس قائلاً: "لقد أصبح آوشفيتس رمزاً للجرائم النازية في الوجدان اليهودي والألماني، فالقتل والإبادة حدثا في أماكن أخرى كثيرة وعبر سنوات متعددة. لذلك فقيمة تحرير آوشفيتس من وجهة نظري أقرب إلى الرمزية، دون أن يعني ذلك الانتقاص من قيمة التحرير".
وبمرور الوقت يموت الكثير من شهود العيان الذين كتبت لهم النجاة من معسكرات الإبادة، مما ينعكس سلبياً على عملية التذكير بالمحرقة النازية. لكنها ستبقى دائماً فصلاً مهماً من فصول التاريخ الألماني، وذلك على حد قوله. وفي هذا السياق يؤكد على أهمية التفريق بين الإحساس بالذنب وبين تحمل المسؤولية، فالأجيال الألمانية الجديدة لا ذنب لها فيما اقترفته الأجيال السابقة، لكنه يلمس في هذه الأجيال الجديدة رغبةً في تأصيل معرفتهم بما حدث في عصر النازية، ويضيف قائلا: "لدى الأجيال الحديثة إحساس بالمسؤولية الوطنية. وأعتقد أنهم مهتمون بالاستمرار في تحملها".
ويروي بلومينتال عن عودته مرة أخرى إلى ألمانيا بعد خروجه منها قائلاً: "عندما عدت إلى ألمانيا عام 1953 كانت لا تزال واقعة تحت تأثير صدمة الماضي. الألمان لم يرغبوا ولم يستطيعوا الكلام عما حدث. كثير منهم كان لايزال نازياً، ومنهم من شغل مناصب رفيعة حتى بعد نهاية الحرب. الناس كانت تشعر بالذنب وتأنيب الضمير، وكثير منهم لم يتمكن من العثور على طريقة للتعبير عن مشاعره. لذلك تم التركيز على عملية إعادة البناء الجارية. إلا أن ذلك تغير مع قدوم جيل جديد هو جيل السبعينات. واليوم أتابع برضي مدى صراحة الألمان وجديتهم في مواجهة ماضيهم، وعدم ترددهم في تحمل تبعاته. الصدمة لاتزال موجودة، لكنها تتخذ شكلاً مختلفاً، فلقد أصبح الألمان أكثر حرصاً وحساسية أمام اليهود".