تنامي السلفية في غرب إفريقيا
١٩ يونيو ٢٠١٦DW: السيد سوناي، هل صحيح أن نفوذ السلفية يتنامى في دول غرب إفريقيا؟
عبد الله سوناي: نعم، صحيج تماماً. وهذا واضح في الإعلام والجمعيات التي يتم تأسيسها. السلفية في غرب إفريقيا اليوم هي واحدة من أكثر التيارات الإسلامية نشاطاً.
لو أخذنا النيجر كمثال، ما هي المبادرات هناك لوقف انتشار السلفية؟
قامت الحكومة ببعض المحاولات. وحشدت أندية وجمعيات لنشر خطاب السلام. وبذلك سعتالحكومة للتدخل إيديولوجيا، فحشدت أئمة وزعماء قبليين دينيين لإظهار وجه آخر للإسلام. لكن يبدو أن هذا غير كاف. كما حاولت الحكومة التأثير على مبادرات ذات علاقة بالتربية الإسلامية، لتعزيز صورة الإسلام السلمي والخالي من الصراعات. إلا أن النتائج ضحلة، وأعتقد أن الحكومة لا تملك الأدوات اللازمة لفهم ماذا يجري فعلاً. وأنا لا أعرف حكومة في منطقة الساحل قامت بتمويل دراسات عن هذه الظاهرة، رغم أن الأمر يتعلق بمشاكل في مجتمعاتها وعلى الحكومات الاهتمام بالأمر، عندها سيتشكل لديها فهم يؤهلها لاتخاذ إجراءات مناسبة لحل هذه المشاكل، لكن للأسف، الأمر ليس كذلك.
على وجه التحديد، ماذا يتعين على الحكومات فعله لوقف انتشار السلفية؟
عليهم القيام بتمويلات لفهم الأسس الاجتماعية لهذه الظاهرة، وعلى العلماء والجامعات ومراكز الأبحاث تناول هذه الظاهرة. لكن لا يجب أن يقتصر الأمر على النظريات. وهناك عنصر هام وهو إعداد الأئمة، كما تفعله بعض الأنظمة في المنطقة. على الحكومات تخصيص المال اللازم لإعداد الأئمة، لأن العديد من الأئمة ملتزمون بالسلفية وهم ضد الأنظمة الحاكمة.
ما الذي يدفعهم لهذا الموقف؟
هم غير راضين عن حكوماتهم، التي يتم وصفها في كثير من الأحيان بأنها غربية أو من النخب العرقية. لكن من المهم الإشارة إلى أن الحكومة لا تتحمل المسؤولية كاملة. إذ يجب على المجتمع المدني الإسلامي، إن صح التعبير، أي المنظمات والجمعيات الدينية، أن تتحمل جزءاً من المسؤولية وتعزز التسامح. وعلى الحكومة والمجتمع المدني الاستثمار بشكل أكبر في نظام التعليم، لأن هذا النظام مسؤول أيضاً عن تجذر المتطرفين في السلفية المؤيدة للعنف. يمكن للمرء أن يكون سلفيا دون أن يكون جهادياً. وهناك فروق أساسية بين السلفية في شمال نيجيريا وفي النيجر: في نيجيريا نشأت جهادية عنيفة، في حين لم يصل الأمر إلى هذه الدرجة في النيجر بعد.
في السنغال تريد الحكومة دعم التصوف لمواجهة السلفية، حيث إن التصوف متجذر وعميق داخل المجتمع السنغالي!
القيام بدعم الطرق والزوايا الصوفية وتقوية مواقعها قد يساعد فعلا، لأن طريقة التفكير السلفية هي المهيمنة على الخطاب العام في دغول غرب إفريقيا. وإذا ما قوي الخطاب الصوفي أكثر، فإن هذا سيخلق نوعاً من التوازن ويمكن أن تنشأ منافسة قد تساهم في التقليل من الآثار السلبية للعنف السلفي.
هل تعرف في النيجر أو دول أخرى مبادرات في المدارس والجامعات تسعى إلى تقديم تصورات عن الديمقراطية ومفاهيم اجتماعية مختلفة للشباب ؟
مثل هذه المبادرات قليلة ومحدودة. في النيجر مثلا يلتقي بعض الشباب في جامعة نيامي للتحاور. بعض الشباب والطلاب يحاولون توسيع دائرة النقاش كي لا يقتصر على المواضيع الدينية فحسب. حتى المبادرات الاقتصادية ضرورية. لو أخذنا بوكو حرام كمثال: بعض الشباب التحق بهذه المجموعة، ليس لأسباب دينية، وإنما لانسداد الأفق أمامهم. ليس لديهم ما قد يخرجهم من بؤسهم، ثم جاءت بوكو حرام وعرضت عليهم 100 ألف أو 150 ألف فرانك (150 أو 230 يورو) شهريا، فانضموا لبوكو حرام. هذا عنصر هام. أمر آخر هام هو دمج الشباب في المجتمع. لاحظت خلال العقدين الماضيين أن المجتمع يهمش الشباب، وقد استغل السلفيون هذه الظاهرة وتوجهوا إلى هؤلاء الشباب وأسسوا لهم نوادي وجمعيات لاستقطابهم. ونحن نلاحظ وجود أزمات في المجتمعات التي يتقوى فيها السلفيون، لذلك لا بد من العمل على إيجاد مبادرات لتعزيز اندماج الشباب في المجتمع.
ما الذي يجعل السفية جذابة بهذا الشكل؟
في السلفية يسود خطاب المساواة، وهناك نوع من الواقعية التحررية قائم على أن كل شخص قادر على فهم الإسلام واعتناقه. وهذا ينطوي على عقلانية ناقدة لرجال الدين: فبدلاً من خدمة الإسلام أنشأوا جمعيات يرأسها إمام يستغل طلابه.
لكن هناك سبب آخر لانتشار السلفية وهو ما يمكن وصفه بشخصية "دين السوق"، إذ لاحظ العديد من الشباب وجود بعض الشخصيات التي نالت شهرة واسعة لأنها ضد الشيوخ وضد الخطاب التقليدي.
هل السلفية إذن نوع من التنفيس عن الاستياء؟
بالضبط. السلفية تستفيد من وجود استياء لدى أناس كثيرين، ينعكس هذا على خطاب السلفية: إنه خطاب متطرف وخطاب الاحتجاج. الكثيرون مصابون بخيبة أمل من النظام ومن الحكومة، والذين يطمحون من هؤلاء إلى التغيير انضموا إلى السلفية.
عبد الله سونايخبير في الدراسات الدينية ويعمل في مركز الشرق الحديث في برلين.