انقلاب السودان ـ عزلة دولية محتملة و"العودة إلى نقطة الصفر"
٢٧ أكتوبر ٢٠٢١
بعد إعلان الولايات وقف مساعداتها للسودان بقيمة 700 مليون دولار وتهديدات الاتحاد الأوروبي بتعليق مساعدته المالية، توعد وزير الخارجية الألماني جيش السودان بـ "عدم مواصلة" بلاده دعمها للسودان في ظل هذه الظروف، مشيراً إلى أن برلين تنسّق "بشكل وثيق مع شركائها من أجل اتخاذ موقف مشترك".
وفي بيان نشرته وزارة الخارجية الألمانية في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأربعاء (27 أكتوبر، تشرين الأول 2021)، جدد هايكو ماس التنديد بسيطرة الجيش على الحكم ، واصفاً ذلك بـ "التطور الكارثي" الذي يضع السودان في موقف تهديدي ويشكك في المستقبل الديمقراطي والسلمي للبلاد.
ودعا وزير الخارجية الألماني في بيانه أن يتم كذلك " إطلاق سراح رئيس الوزراء المخلوع عبد الله حمدوك والمعتقلين الآخرين على الفور، مطالباً بالتراجع عن الإطاحة بالحكومة الانتقالية". وأضاف إنه إذا لم يتم إنهاء الانقلاب العسكري على الفور، "فسيكون له عواقب وخيمة على الالتزامات الدولية التي دعمتها ألمانيا ونسقتها بشكل كبير في السنوات الأخيرة".
يُذكر أن برلين نظمت في حزيران/يونيو 2020 مؤتمرا دوليا لدعم السودان، أظهرت خلاله أكثر من 50 دولة ومنظمة دولية دعمها للخرطوم، على الصعيدين السياسي والمالي. وتمّ التعهد خلال المؤتمر بمنح 1,8 مليار دولار ، قال ماس حينها إن هذه الأموال ستذهب لصالح المواطنين بشكل مباشر.
"العودة إلى نقطة الصفر"
واستولى الجيش على السلطة أول أمس الاثنين في الدولة التي يبلغ عدد سكانها نحو 44 مليون نسمة. وأعلن القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، تجريد الأعضاء المدنيين في الحكومة من سلطتهم، وأعلن حالة الطوارئ. وسبق ذلك احتجاجات على مدار شهور، طالب فيها مواطنون بإصلاحات سياسية واقتصادية وانسحاب الجيش من الحكومة الانتقالية.
وحسب أليكس دو فال رئيس مركز أبحاث وورلد بيس فاونديشن (مؤسسة السلام العالمي)، كما نقلت عنه وكاله فرانس برس، فإنّ "التحول الى الديموقراطية الموعود الذي تم الاتفاق عليه عام 2019 بين المدنيين والعسكريين كان نقطة الضوء الوحيدة في نهاية النفق لبلد يعاني من مصاعب اقتصادية وسياسية بعد 30 عاما من الحكم الدكتاتوري" في عهد المخلوع عمر البشير، الخصم اللدود لأمريكا.
ويؤكد دو فال أن السلطات الانتقالية بتعهدها بالتحول الى الديموقراطية "كانت تخدم مصالح السودان الوطنية من خلال سلسلة من الإصلاحات، حتى وان كانت بطيئة، بمساعدة دولية".
ونجحت السلطات الانتقالية في الحصول على تخفيف للديون الخارجية وفي رفع اسم السودان من على اللائحة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب وفي تحرير سعر صرف الجنيه السوداني والسيطرة على المضاربة في السوق السوداء لضمان استقراره. ويعتقد دو فال أنه "إذا نفذ المانحون الغربيون والبنك الدولي تهديداتهم، فان الوضع الاقتصادي سيعود الى نقطة الصفر أي الى ما كان عليه قبل بدء الإصلاحات".
وليس هذا ما يحتاجه السودان الذي كان سعيدا بخفض التضخم خلال الشهور الأخيرة ليصل الى 365 بالمائة "فقط". وتابع "قد يكون لدى البرهان بعض السند في العالم العربي ولكنه لن يحصل إلا على القليل من السيولة ولن يتمكن من تعويض المساعدات المالية الكبيرة" التي كان سيحصل عليها السودان، وهو واحد من أفقر بلدان العالم. والداعمون للبرهان قائد الجيش السوداني الذي أمسك بالسلطة بمفرده في الخرطوم لن يعوضوه المساعدات الدولية.
خطر على السودان
من جهتها، أصدرت مجموعة الأزمات الدولية تقريراً عن السودان جاء فيه أن الجيش "يجتاز عتبة تنذر بأخطار جسام على السودان"، وذلك بقطعه كل الجسور مع شركائه السابقين في الحكم من المدنيين الذين اعتُقل العديد منهم، ويضيف التقرير إن "الجنرالات عاندوا رغم التحذيرات" التي تلقوها من الموفدين الدوليين الذين تتالت زياراتهم للسودان حتى ساعات قليلة من إعلان الجيش انقلابه.
وحذرت مجموعة الأزمات الدولية من "اضطرابات طويلة المدى" ستكون "كارثة إضافية" في منطقة تمزقها النزاعات من القرن الإفريقي الى شمال افريقيا، مرورا بالساحل.
بينما يخشى دوفال من أن قمعاً عنيفاً بحق المتظاهرين حوّل الخرطوم الاثنين الى مدينة أشباح والمزيد من العنف سيعني "إراقة للدماء في الخرطوم وأيضا عودة الحرب الأهلية في دارفور وفي جنوب كردفان".
و.ب/ع.ج.م (أ ف ب، رويترز، د ب أ)