السياسات الخاطئة تزيد من استفحال آفة الجوع في العالم
١٨ أكتوبر ٢٠٠٩يضطر نصف سكان العالم تقريبا على العيش بما يعادل أقل من دولارين في اليوم لكل شخص، بل ويضطر خمس سكان العالم إلى العيش في بؤس، لأن كل منهم يعيش بما يعادل أقل من دولار واحد في اليوم. إن كل هؤلاء أناس ينامون ببطون خاوية، أو لا يجدون ما يقتاتون به، أو يعانون من سوء التغذية. أي أنهم يعانون من الجوع. بيد أن كوكب الأرض خصب بدرجة تكفي بشكل واضح لتغذية أكثر من سكانه اليوم، وبالتالي فإن نقص الغذاء، وانتشار الجوع، والموت جوعا ليست أمورا طبيعية؛ فلقد أكدت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة الأمم المتحدة قبل عشرين عاما أن "المشكلة لا تتمثل في نقص المواد الغذائية، بقدر ما تتمثل في انعدام الإرادة السياسية".
الدول النامية ضحية الأزمات
والملفت للنظر أن البلدان التي تنهج سياسة تساهم بشكل واسع في توفير أماكن العمل، تكاد تخلو من ظاهرة الجوع. عكس ذلك، تنتشر آفة الجوع والموت بسبب الجوع بشكل ملحوظ في البلدان التي تسود فيها أنظمة ديكتاتورية وتعسفية. يضاف إلى ذلك، أن الأزمات الاقتصادية الأخيرة التي شهدها العالم كانت لها تداعيات سلبية على اقتصاديات الدول النامية، إذا زادت فيها حدة الفقر فضلا عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي زادت بدورها في انتشار آفة الجوع في هذه البلدان لاسيما بين عامي 2007 و2008. ولم تكد أسعار المواد الغذائية تعود إلى الانخفاض حتى تعرضت الدول النامية لتداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي أدت إلى انهيار قطاع التصدير في الكثير من هذه الدول. ومن ناحية أخرى، أدى التغير المناخي إلى انتشار القحط وسوء الحصاد، الأمر الذي أفشل النجاحات التي تم التوصل إليها سابقا فيما يتعلق بجهود مكافحة الجوع، خاصة في الصين والهند.
زيادة العمالة... زيادة في القوة الشرائية
ويزيد غياب أنظمة للضمان الاجتماعي في الدول النامية من تكريس آفة الجوع. ولأن الناس في هذه الدول فقراء تضعف القوة الشرائية. كما أن المزارعين، الذين ينتج معظمهم ما يكفيه وأسرته، لا يلقون الإغراء الكافي لزيادة منتجاتهم؛ فحيثما يتوفر الطلب والقدرة على الشراء، تتوفر العروض المناسبة لذلك.
إن أهم الإجراءات للتغلب على الجوع في العالم تكمن في توفير المزيد من إمكانيات العمل، وبالتالي توفير المدخولات المشجعة على الشراء. وهذا ما يعد قضية الدول النامية نفسها؛ إذ يجب عليها- وكما حدث في الصين والهند- وضع أساسيات اقتصادها، بحيث تنطلق المبادرات الخاصة لتنميته. كما يجب عليها التقليل من سيطرة الدولة على الاقتصاد، ومكافحة الفساد، حتى يمكن للمبادرات الخاصة، أي للقطاع الخاص، أن تقوى وتزداد.
دور الدول الغنية في مكافحة الجوع
بيد أن على الدول الصناعية أن تقوم بدورها في مكافحة الفقر في العالم؛ فعليها أن تفتح أسواقها أمام الدول الفقيرة، كما يقول مدير الوكالة الألمانية للتعاون الفني GTZ، هانز- يؤاخيم برويس، مضيفا أن ذلك سيتيح "الفرصة أمام المنتجين من الدول النامية لتوريد منتجات أخرى كالقطن إلى الأسواق الأوروبية". ويوضح برويس في السياق ذاته بأن تسويق هذه المنتجات يوفر لمنتجيها مدخولات تقوي بدورها الطلب على الشراء، الذي يؤدي بالتالي إلى زيادة إنتاج المواد الغذائية. كما ينبغي على الدول الغنية أن تفتح أسواقها أمام المنتجات الزراعية من الدول النامية بوجه خاص؛ إذ إن الكثير من الدول الفقيرة لا تستطيع المنافسة إلا بمثل هذه المنتجات.
الكاتب: كارل زاوادسكي/ محمد الحشاش
مراجعة: طارق أنكاي