الشعبويون ورابطة الشمال المتطرفة يتصدران المشهد في إيطاليا
٥ مارس ٢٠١٨طالبت حركة "النجوم الخمس" الشعبوية وحزب "رابطة الشمال" اليميني المتطرف، اللذان حققا اختراقاً تاريخياً في الانتخابات التشريعية الإيطالية أمس الأحد، بالحق في الحكم واستبعدا قيام أي تحالف "مشكك في الاتحاد الأوروبي" بينهما.وبسبب عدم تشكيل أكثرية نيابية واضحة، دشنت هذه الصدمة الانتخابية بالنسبة لإيطاليا وأوروبا مرحلة عدم استقرار سياسي في الدولة التي تعتبر الاقتصاد الثالث في منطقة اليورو.
فبعد انتخابات هيمن عليها رفض الناخبين للطبقة السياسية القديمة والتململ حيال التباطؤ الاقتصادي والتوتر حول موضوع الهجرة والاتحاد الأوروبي، تندرج إيطاليا ضمن خط فوز مؤيدي "بريكسيت" في بريطانيا ووصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وصعود اليمين المتطرف في أنحاء أخرى من أوروبا.
وكتبت صحيفة "لا ستامبا" ملخصة الوضع في افتتاحيتها "لأول مرة في أوروبا، تفوز القوى المعادية لهيئات النظام".
نتائج الانتخابات دفعت رئيس وزراء إيطاليا السابق، ماتيو رينزي، لإعلان استقالته الاثنين (الخامس من مارس/ آذار 2018) من رئاسة الحزب الديمقراطي ،المنتمي لتيار يسار الوسط، وذلك على خلفية الهزيمة الكبيرة للحزب في الانتخابات التشريعية.
رهان برلوسكوني الخاسر مع اليمينيين
وبحسب النتائج الجزئية بعد فرز الأصوات في 98 في المائة من مراكز الاقتراع، فإن التحالف المؤلف من حزب "فورزا إيطاليا" برئاسة سيلفيو برلوسكوني وحزب "ليغا نورد" (رابطة الشمال) بزعامة ماتيو سالفيني (يمين متطرف) وحزب "فراتيلي ديتاليا" (أشقاء إيطاليا) الصغير، حصل على حوالى 37 في المائة من الأصوات.
لكن مع التدقيق في توزيع الأصوات داخل هذا التحالف، يتبين أن حزب سالفيني المشكك في الاتحاد الأوروبي والمعادي للهجرة والقريب من حزب "الجبهة الوطنية" الفرنسي، هو الذي يتقدم على حزب برلوسكوني، ما دفع سالفيني إلى المطالبة بتولي رئاسة الحكومة.
وأكد سالفيني: "أنا شخص يحترم كلمته والالتزام الذي اتخذ داخل التحالف هو: من يتصدر يحكم"، في حين لا يزال هناك شكوك في التزام برلوسكوني بوعده. وشدد على أن التحالف لديه "الحق وواجب الحكم في السنوات المقبلة".
اختراق تاريخي لحركة أسسها كوميدي
غير أن مثل هذا الاحتمال يصطدم بالاختراق التاريخي الذي حققته "حركة النجوم الخمس" المعادية لهيئات الحكم، والتي باتت الحزب الأول في البلاد مع تحقيقها نتيجة تخطت 32 في المائة، بعد حملة انتخابية هاجمت الفساد والطبقة السياسية الإيطالية.
وضمنت الحركة، التي أسسها الكوميدي بيبي غريلو عام 2009، لنفسها موقعاً محورياً في البرلمان وهي تهدف الى تحقيق أكثر من ذلك.
وأكد زعيم الحركة، لويجي دي مايو، البالغ من العمر 31 عاماً، في تصريح أمام الصحافة الاثنين: "لدينا مسؤولية تشكيل حكومة" في إيطاليا، مضيفاً أن "هناك مناطق بأسرها حصدنا فيها أكثر من 50 في المائة (من الأصوات)، ومناطق حصلنا فيها على 75 في المائة من الأصوات".
وفيما ترفض الحركة أي تحالف، إلا أنها قالت إنها مستعدة "للتواصل مع كل القوى السياسية"، لكن على أساس برنامجها الذي يرتكز على محاربة الفقر والهدر والهجرة وتعزيز الأمن والتوظيف والنمو.
وأكد سالفيني، زعيم رابطة الشمال، أيضاً أنه يتحدث "إلى الجميع"، إلا أنه استبعد أمام الصحافة أي "أكثرية مصطنعة" مع حركة "النجوم الخمس"، قائلاً: "كلا، وضعوا ثلاثة أسطر" تحت هذه الكلمة.
ونجح سالفيني، الذي سيبلغ من العمر 45 عاماً الجمعة، في تحويل "رابطة الشمال" إلى حزب ينادي بالسيادة. كما اعتمد خطاباً معادياً للهجرة ولبروكسل، فلقي تجاوباً على ما يبدو في بلد يشعر بالريبة حيال الاتحاد الأوروبي وشهد تدفق حوالي 700 ألف مهاجر إليه منذ 2013.
ويبدو واضحاً حالياً أن برلوسكوني خسر رهانه بعدما قدم نفسه في بروكسل على أنه الحاجز الوحيد في وجه الشعبويين والقوى المعادية لأوروبا. وكتبت "لا ستامبا" في افتتاحيتها: "الفائزان في هذه المعركة الانتخابية هما ماتيو سالفيني ولويجي دي مايو" زعيم حركة النجوم الخمس، لكن كل ذلك لا يقود إلى أي شكل من أشكال الحكم الممكنة"، على الأقل على المدى القصير.
ي.أ/ أ.ح (د ب أ، أ ف ب)