الشوكولاتة معشوقة الملايين.. هل تركها كورونا سالمة؟
الشوكولاتة كغيرها من تفاصيل حياتنا تأثرت بظهور فيروس كورونا وانتشاره حول العالم. وفي اليوم العالمي لهذا المنتوج الحلو المذاق، نتعرف على أسرار صناعة معشوقة مئات الملايين وما تخفيه من قسوة، وانعكاسات أزمة كورونا عليها!
من أين يأتي الكاكاو؟
تعد إندونيسيا والإكوادور ونيجيريا من بين أهم دول زراعة الكاكاو، لكن غانا وساحل العاج هما أكبر منتجيّن للكاكاو في العالم، إذ يقدمان ثلثي الإنتاج العالمي من حبوب الكاكاو. وبدأت الدولتان الوقعتان في غرب القارة الإفريقية تحاولان وضع حد أدنى لأسعاره بـ 2600 دولار أمريكي للطن.
ظروف سيئة
بينما يحب أغلب البشر تناول الشوكولاتة، فإن مزارعي الكاكاو غالباً ما يعملون في ظروف سيئة للغاية، كما أن عمالة الأطفال منتشرة في الكثير من مزارع الكاكاو. وبالمتوسط تكسب الأسرة التي يعمل أفرادها في مزارع الكاكاو بساحل العاج أو غانا يومياً، أقل مما تكلف قطعة شوكولاتة في ألمانيا على شكل بابا نويل. إذ لا يتعدى دخلها يورو واحد في اليوم.
خطوات غير كافية
حتى السعر الأدنى المطلوب البالغ 2600 دولار لن يكون قفزة كبيرة، بالنظر إلى مستوى الأسعار في السنوات الأخيرة، فقبل الإعلان كان الطن الواحد يكلف 2200 دولارا أمريكيا. لن يكون الحد الأدنى للأسعار المخطط له كافياً للحد من فقر المزارعين بشكل مستدام في بلدان الكاكاو، كما يقول الخبراء.
تقلبات كبيرة في الأسعار
غير أن مستوى الأسعار يعاني من تقلبات كبيرة بسبب قلة المحصول إثر الجفاف وتراجع مستوى الأمطار وتفشي الآفات والاضطرابات السياسية في مناطق زراعة الكاكاو وكذلك المضاربات. في الثمانينيات كان الكاكاو من الثمار المربحة للغاية، ثم حدث انخفاض كبير في الأسعار حتى مطلع الألفية، لكن الأسعار عادت بعد ذلك للارتفاع في السوق العالمية.
نسبة ضئيلة للغاية
بيد أن ارتفاع الأسعار لا يعني بطبيعة الحال المزيد من الأموال للمنتجين، فصغار المزارعين لا يحصلون سوى على 6 بالمئة من سعر قطعة الشوكولاتة التي تباع في متاجر ألمانيا على سبيل المثال، بعدما كانت النسبة تصل إلى 16 بالمئة في ثمانينات القرن الماضي.
رجال مسنين وأشجار قديمة
يبلغ متوسط عمر المزارعين في غرب إفريقيا 50 عاماً، فالكثير من الشباب لا يرون أي آفاق مستقبلية في الزراعة بسبب انخفاض الدخل. ولا يتوقع سوى خمس المزارعين في غانا أن يواصل أبناؤهم زراعة الكاكاو مستقبلاً. قلة المزارعين تعني بضرورة الحال قلة المحصول وقلة المعروض وارتفاع الأسعار. لكن الإيرادات تصب في نهاية المطاف بشكل رئيسي في جيوب تجار التجزئة.
أربعة سنتات
يمكن أن تكون أحوال مزارعي الكاكاو أفضل بكثير. إذا ارتفعت أسعار الشوكولاتة قليلاً، فإن ذلك سيساهم في حل مشكلة الفقر المتفشي بينهم. على افتراض أن المزارعين لا يحصلون سوى على نحو أربعة سنتات من سعر لوح شوكولاتة بالحليب في أحسن الأحوال، فإن إضافة أربعة سنتات أخرى تعني مضاعفة دخلهم.
القليل يأتي بالكثير أيضاً!
توصلت دراسة في جامعة أركنساس الأمريكية إلى انه لو حصل مزارعو الكاكاو في غانا على زيادة في الدخل تصل إلى 50 بالمائة فقط، فإنه يمكن القضاء على ظاهرة عمالة الأطفال في هذا البلد، وبالتالي إبعادهم عن هذا العمل الشاق والخطر.
مشكلة حرب الأسعار
لكن هذه الزيادة في الأسعار - على قلتها- ستحدث خللاً في التنافس المحموم بين شركات المبيعات، فمثلاً أسواق السوبر ماركت على تمنع قدر المستطاع أي تغيير حتى لو كان سنتاً واحداً فقط. وحتى الشوكولاتة التي تحمل ختم "منظمة التجارة العادلة" لا تغير في الأمر كثيراً، على الرغم من الخطط لرفع الحد الأدنى لسعر الطن من الكاكاو 2400 دولار أمريكي.
حان الوقت للتغيير!
على الأقل تضمن منتجات التجارة العادلة الزراعة في ظل ظروف اجتماعية مقبولة من خلال أجور أفضل وعدم استعباد المزارعين. ومن يريد أن يغير من سلوكه الاستهلاكي ويشتري الشوكولاتة التي تحمل ختم "منظمة التجارة العادلة"، فإن بالتأكيد سيستمع بتناولها مرتاح الضمير. هايكه فيشر/ هنّا فوكس/ ع.غ
كيف أثر كورونا على الشوكولاتة؟
خلال الربع الأول من العام الجاري، انخفض الطلب على الشوكولاتة بسبب إغلاق منافذ بيعها حول العالم. وفي أوروبا التي تعد أكبر مستهلك للشوكولاتة، مع بدء أزمة كورونا ظهرت توقعات بتراجع في عملية طحن حبوب الكاكاو اللازمة قد يصل إلى ١١ بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفقاً لوكالة بلومبرغ.
أزمة في بلجيكا!
وبالنسبة لبلجيكا على وجه الخصوص، مثلت أزمة كورونا مشكلة كبيرة حيث تعتبر البلاد رائدة في صناعة وبيع الشوكولاتة. وتسببت أزمة كورونا في خسارة بعض التجار لملايين اليوروهات التي كان قد تم دفعها مسبقاً لتجهيز الشوكولاتة المخصصة لعيد الفصح هذا العام عقب إغلق المصانع والمتاجر وانخفاض الإقبال، وفقاً لتقارير إعلامية.
موجة ثانية من الفيروس؟
يرى موقع investing.com، أن الضرر الحقيقي على سوق الشوكولاتة حول العالم يمكن أن يقع في حالة ظهور موجة ثانية من الفيروس المستجد تجبر المزارعين في دول غرب أفريقيا المصدرة لحبوب الكاكاو على ترك محاصيلهم.