كريستوف يونين: لا لتوظيف المساعدات الإنسانية بسوريا
٢٢ سبتمبر ٢٠١٦:DWسيد يونين، تعرضت قافلة مساعدات إنسانية للقصف في حلب ما أدى أيضا إلى مقتل عامل في الهلال الأحمر السوري. هل تمكنتم على الأقل من استغلال فرصة وقف إطلاق النار الذي سبق لخدمة أهداف إنسانية؟
كريستوف يونين:لا، لم نفعل ذلك لأن الضمانات الأمنية من أطراف الحرب لم تكن معروضة بالنحو الذي يمكننا من المخاطرة بإيصال مساعدات. والضوء الأخضر مُنح تحديدا عقب نهاية سريان وقف إطلاق النار ـ لتلك القافلة التي تعرضت للهجوم بعد أن وصلت محطة وجهتها. وأن يستهدف الاعتداء قافلة مساعدات، فهذا أمر مروع.
منظمتا الصليب الأحمر والهلال الأحمر تعملان دوما بشفافية. فنحن نبلغ جميع أطراف النزاع بعملياتنا. وبعد تلقي الموافقة من تلك الأطراف، ننطلق في التنفيذ. وهذا ما كنا فعلناه كذلك في هذه الحالة. وبالرغم من ذلك وقع الاعتداء. ونحن الآن نعكف على دراسة الوضع لمعرفة كيف نتصرف مع المعطيات.
ماذا تعرفون عن خلفيات هذا الاعتداء؟
قليل جدا. نحاول حاليا الكشف عن تفاصيل الحادث ـ وهذا في مصلحتنا. لكن إلى حد الآن تبقى المعلومات المتوفرة متضاربة. لكن سنحاول الدخول في حوار مع الطرف الذي يتحمل مسؤولية هذا الاعتداء. وسنطالب بإلحاح كبير بالالتزام بالقانون الإنساني الدولي.
منذ شهور والناس محاصرون في الجزء الشرقي لحلب الذي تسيطر عليه قوات المعارضة. هل بإمكانكم مساعدتهم؟
الوضع في حلب ومحيطها كارثي منذ شهور. وهذا يطال بوجه خاص شرق المدينة الذي تسيطر عليه المعارضة. ويصعب الوصول إليه منذ سنوات، ورغم تلك الصعوبات نجح زملاؤنا في الهلال الأحمر السوري في إيصال مساعدات إلى تلك المنطقة، وغالبا ما كان ذلك متعبا. فلم يكن مثلا مسموحا المرور على متن شاحنات لتجاوز خط جبهة القتال، وبالتالي كان عليهم نقل كل المساعدات على ظهر عربات صغيرة تم دفعها بالأيدي مئات المرات ذهابا وإيابا. وبعض أطراف النزاع يعتبر أن المساعدة الموجهة لخصومها موجهة ضدها. وفي هذه الحالة كانت تلك الأطراف تخشى أن تسقط الشاحنات في أيدي الطرف الخصم.
ما هي الأشياء التي تنقص الناس بإلحاح في شرق حلب؟
هم بحاجة ماسة إلى مواد غذائية أساسية. فالبنى التحتية في المدن معقدة ـ لو نظرنا إلى التزود بالماء والصرف الصحي والمجاري. وإذا تعرضت هذه الأنظمة في كل مرة للتدمير ـ مثلا مضخات كبيرة ـ فإن إصلاحات الطوارئ التي نقوم بها عن طريق الهيئة الدولية للصليب الأحمر لم تعد كافية. فالبنى التحتية تنهار باستمرار. وهذا هو الوضع القائم في حلب ومناطق حضرية أخرى يتعذر فيها التزود بالماء الصالح للشرب. وأحيانا لا يوجد ماء أو أنه لا يصلح للشرب. كما أن خطر انتشار أوبئة يزداد بقوة. وعليه فإن الحد الأدنى من الأمن غير متوفر والناس يعيشون في الغالب تحت وابل الرصاص.
كيف سيكون رد فعل الصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري ـ وربما منظمات الإغاثة الأخرى ـ بعد الاعتداء الجوي على قافلة المساعدات؟
الهلال الأحمر السوري والهيئة الدولية للصليب الحمر والصليب الأحمر الألماني قررنا وقف قوافل المساعدات لثلاثة أيام. في هذه الفترة نريد دراسة الوضع. كما أننا حددنا هذه الفترة الزمنية، لأنه ليس خيارا أن نوقف المساعدات.
في سوريا يعيش نحو نصف مليون في مناطق فعلا محاصرة لا يمكن لهم الخروج منها ولا تدخلها المساعدات. وهؤلاء الناس يحتاجون بالطبع إلى مساعدة ملحة. كما أن خمسة ملايين سوري إضافيين يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها. فهي مناطق غير محاصرة، ولكن من أجل الوصول إلى أولائك الناس يجب تجاوز خطوط جبهات عدة. وهذا يتطلب إجراء مفاوضات معقدة. لكن هؤلاء الخمسة ملايين سوري يحتاجون لمساعدة فورية.
أضف إلى ذلك أكثر من عشرة ملايين سوري آخرين يعتمدون على المساعدة الإنسانية، وبالتالي لا يحق لنا السقوط في التفكير الذي يقول بما أننا لسنا قادرين على مساعدة المحاصرين، فلا يمكن لنا تقديم المساعدة للآخرين.
ما هي حسب رأيكم أهم الشروط لضمان عمل منظمات الإغاثة في المستقبل؟
الاعتداء على قافلة المساعدات في حلب برهن على أن المساعدة الإنسانية يتم استغلالها بقوة في النزاع. وهذا خطر كبير، لأنه لا يمكن لنا تقديم المساعدة إلا بتوفر حد أدنى من الأمن وأن تلتزم أطراف النزاع بالقانون الإنساني الدولي. فالخلط بين السياسة والمساعدة الإنسانية يشكل خطرا كبيرا ـ لموظفينا والناس الذين يعولون عليهم.
أجرى المقابلة: كيرستن كنيب
كريستوف يونين هو مدير فريق التعاون الدولي في الصليب الأحمر الألماني.