العثور على تماثيل اعتبرت "منحطة" في الحقبة النازية
٩ نوفمبر ٢٠١٠تعرض ابتداء من اليوم (التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2010) في العاصمة برلين، التماثيل الأحد عشر التي تم العثور عليها أثناء ترميم إحدى محطات مترو الأنفاق، بالقرب من مقر بلدية العاصمة الألمانية. وفي بداية الأمر، لم يكن علماء الحفريات يدركون أهمية الاكتشاف الذي بين أيديهم. وقد أوضح ماتياس فيمهوف، مدير متحف التاريخ القديم في برلين، أنه وأثناء عمليات الحفر، سقط جسم حديدي، كان عبارة عن تمثال نصفي لامرأة. وبعد ذلك اكتشف العلماء أن التمثال يعود إلى الممثلة الألمانية أني ميفيس وأنه من أعمال النحات الألماني الكبير إدوين شارف الذي توفي في خمسينات القرن الماضي. وكانت التماثيل مغطاة بالأتربة والإسمنت. لكنها جميعها في حالة جيدة.
وبعد فترة من البحث والتنقيب، توصل العلماء إلى أن المكان الذي عثر فيه على تلك الأعمال، كان في أربعينات القرن الماضي عبارة عن قبو لمكتب خبير الضرائب، إرهارد أوفرديك. وقد عرف الأخير بشجاعته البالغة، إذ أنه أنقذ حياة محاسب يهودي كان يعمل في مكتبه، وخبأه في منزله في الوقت الذي كان النظام النازي يطارد اليهود ويزج بهم في المعتقلات. وقام أوفريدك بتهريب محاسبه في اللحظات الأخيرة إلى الولايات المتحدة .
الفن "المنحط" و"النبيل"
ولم يعرف بعد كيف وصلت تلك الأعمال إلى المكان الذي عثرت فيه. لكن من المؤكد أن كل هذه الأعمال تمت مصادرتها من قبل النظام النازي. وكانت قد قُدمت إلى الجمهور في إطار ماسمي معرض "الفن المنحط" الذي انطلق في التاسع عشر من يوليو من عام 1937 إلى غاية شهر نوفمبر من العام نفسه. وقد نظم العرض بالتوازي مع معرض "الفن الألماني" الذي كان يتضمن حسب المفهوم النازي الفن "النبيل" كما يجب "أن يكون".
وعقب انتهاء عرض "الفن المنحط" سجلت الأعمال التي عثر عليها مؤخرا كأعمال مفقودة، وضاع أثرها طيلة عقود، إلى أن عثر عليها مؤخرا وبمحض الصدفة.
ولا توجد براهين تثبت بشكل قطعي، أن التماثيل كانت بحوزة إرهارد أوفرديك، أو أنها كانت مخبأة في بيته. لكن الخزانة الخاصة بأوفرديك والتي عثر عليها إلى جانب التماثيل، جعلت الخبراء يعتقدون أن تلك التماثيل كانت بحوزة خبير الضرائب.
أعمال لفنانين كبار
ومن أهم الأعمال التي تم العثور عليها، تمثال "الراقصة" لمارك مول، و"الحامل" لإيمي رودر، والتمثال النصفي لناوم شتولسكي. وكلها أسماء لفنانين كبار تركوا بصماتهم بوضوح في فن النحت الكلاسيكي المعاصر.
وقد تخلق هذه التماثيل صراعا قانونيا بين ورثة إرهارد أوفرديك، وبين ولاية برلين. إذ أن الأخيرة اعتبرت نفسها المالكة القانونية لهذه الأعمال، فيما امتنع أحفاد إرهارد أوفرديك عن الإدلاء بأي تصريح، من دون استشارة المختصين. أما عمدة ولاية برلين، كلاوس فوفرايت، فاعتبر هذا النقاش ثانويا، بحكم أن "ظهور الأعمال من جديد، هو أهم ما في الأمر".
الكاتب: يورغن كونيغ/ وفاق بنكيران
مراجعة: منى صالح