العثور على كمية كبيرة من المياه على سطح القمر
١٦ نوفمبر ٢٠٠٩في تجربة تم خلالها تفجير صاروخ من خلال ارتطامه بسطح القمر، تمكن العلماء من العثور على كميات من المياه وصفوها بأنها "ضخمة" قرب القطب الجنوبي من القمر. وكانت وكالة ناسا قد أطلقت الشهر الماضي صاروخاً وزنه 3.2 طن انفصل عن المسبار "ال كروس" منطلقاً بسرعة 9 آلاف كيلومتر في الساعة، ليصطدم بفوهة "كابيوس" القريبة من القطب الجنوبي للقمر، ومن ثم تبع المسبار "ال كروس" لتحليل المواد المعدنية الموجودة في الحطام والشظايا التي بعثرها ارتطام الصاروخ، الذي خلف حفرة عمقها بين 20 و30 متراً. وقال العلماء إنهم عثروا على مياه في الغبار الذي تطاير بفعل الارتطام، مثلما كانوا يأملون تماماً.
كميات ضخمة من المياه
واستخدم الباحثون جهاز مطياف لتحليل الضوء الناجم عن عمود الغبار، وتستطيع هذه الأجهزة الكشف عن العناصر الموجودة في أي مادة من خلال تأثيراتها على الطول الموجي للضوء. وقال أنطوني كولابريت من مركز أبحاث آميس بوكالة ناسا: "إن تركيز وتوزيع الماء والمواد الأخرى يتطلب المزيد من التحليل ولكننا نستطيع القول بكل ثقة إن كابيوس تحتوي على مياه، وعلى كمية ضخمة من المياه". وأضاف كولابريت: "بالإضافة إلى المياه في كابيوس، فهناك كميات صغيرة جداً من مواد أخرى مثيرة للاهتمام" وأضاف كولابريت قائلاً: "إن المناطق الظليلة بشكل دائم من القمر هي في الواقع مصايد باردة تجمع المواد وتحفظها على مدى مليارات السنين".
واعتقد العلماء لفترة طويلة أن قياسات نسبة الهيدروجين حول القمر تشير إلى وجود كميات ضئيلة من الثلج، غير أن مسؤولين في "ناسا" قالوا إن النتائج التي كشفت عنها هذه التجربة تثبت أن كميات المياه في الحفر القمرية أكثر مما كان متوقعاً. وقال العالم أنتوني كولابريت إن المياه التي تدفقت بفعل تأثير ارتطام الصاروخ يمكن أن تملأ 12 دلواً سعة ثمانية لترات، موضحاً أنها مجرد نتائج أولية فقط.
"هذا الكشف يزيد فهمنا للقمر والنظام الشمسي"
من جانبه شدد مايكل وارغو المسؤول العلمي عن القمر في وكالة ناسا على الآفاق الجديدة التي يتيحها هذا الاكتشاف قائلاً: "إننا نزيح الآن الستار عن الأسرار الغامضة لأقرب جار لنا وفي الوقت عينه للنظام الشمسي"، مشيراً إلى أن القمر يحمل "الكثير من الأسرار". وأضاف أن هذا الاكتشاف "يزيد فهمنا" للقمر وللنظام الشمسي. من جهة أخرى، قال بيتر شولتز أستاذ الجيولوجيا في جامعة براون والعضو في الفريق العلمي لوكالة فرانس برس، إن هذا الاكتشاف "بمثابة اكتشاف النفط بعد التنقيب، فعندما نعثر عليه في مكان ثمة فرص كبيرة للعثور عليه في مكان قريب أيضاً".
وقال باحث آخر في الفريق العلمي غريغوري ديلوي من جامعة كاليفورنيا خلال المؤتمر الصحافي: "لم يعد القمر الذي اكتشفه برنامج أبولو، بل قمرنا نحن"، في إشارة إلى أن تحاليل العينات التي أخذها رواد أبولو خلال ست مهمات (1969-1972) من أرض القمر والصخور القمرية لم تشر إلى وجود مياه. وخلص العلماء حينها إلى أن القمر خال من المياه. لكن هذا الموقف تبدل عندما رصد مسبار لوكالة ناسا في مطلع العقد الحالي انبعاثات كبيرة للهيدروجين في قطبي القمر في مؤشر إلى وجود جليد.
ودفع هذا الاكتشاف بالناسا إلى اختيار القطب الجنوبي لمهمة ال كروس، مستندة إلى فرضية أن الفوهات الباردة جدا المنتشرة فيه قد تختزن كميات كبيرة من الجليد. وقد تم إثبات هذه الفرضية في الوقت الراهن. وإذا كانت هذه المياه تعود إلى مليارات السنين، فإنها قد تحتوي على معلومات عن تشكيل النظام الشمسي، وإذا كانت على نطاق واسع، فإنها قد تستخدم لمساعدة المسافرين إلى الفضاء أو تحويلها إلى وقود لبعثات الفضاء.
وقد يزيد هذا الاكتشاف من فرص الإبقاء على الهدف الوارد في برنامج "كانستيليشن" والمتمثل بعودة الأمريكيين إلى القمر بحدود عام 2020، بيد أن مصير هذا البرنامج غير أكيد لأسباب تتعلق بالميزانية. وقد رفعت لجنة خبراء شكلها الرئيس الأمريكي باراك أوباما تقريراً يفصل الخيارات المختلفة المتاحة أمام مهمات الاستكشاف المأهولة.
(س.ك/د.ب.أ/رويترز/أ.ف.ب)
مراجعة: عماد مبارك غانم