العراق في حمى الانتخابات الرابعة بعد سقوط نظام صدام
٢٢ أبريل ٢٠١٨يصوت العراقيون في 12 أيار/ مايو المقبل لاختيار 329 نائباً في البرلمان من خلال اقتراع مختلط يؤمن حصصا نسبية، ويتعين على القوائم الفائرة تشكيل ائتلافات للحصول على غالبية من أجل تشكيل الحكومة. لكن فشل الحكومات السابقة في تحقيق مكاسب مستدامة للمواطنين وتفاقم المشاكل الخدمية والفساد في أركان الدولة تدفع بالكثيرين للامتناع عن المشاركة في الانتخابات. ورغم ذلك يأمل الكثير من المواطنين أن تساهم الانتخابات في إحداث تغيير ولو طفيف في أوضاعهم المعيشية.
أرقام ومعطيات
يبلغ عدد سكان العراق أكثر من 35 مليون نسمة، فيما يبلغ عدد من يحق لهم المشاركة في الاقتراع أكثر من 24 مليوناً يتوزعون على 18 محافظة تمثل كل واحدة منها دائرة انتخابية، بالإضافة للعراقيين الذين يعيشون في خارج البلاد، حيث يسمح القانون لهم المشاركة في الاقتراع في 19 دولة.
وتظهر الاستعدادات أن هناك منافسة شرسة على مقاعد البرلمان، فقد بلغ عدد المرشحين 6.982 بينهم 2.014 امرأة يتنافسون على 329 مقعداً برلمانياً في 8148 مركزاً انتخابياً يتم التصويت فيها عبر الاقتراع الإلكتروني. وتم لحد ألان توزيع 11 مليون بطاقة انتخابية، حسب معلومات السلطات الحكومية.
يُذكر أن بين المقاعد البرلمانية 329، تسعة مقاعد مخصصة للأقليات ممثلة بالمسيحيين والشبك والصابئة والإيزيديين والكرد الفيلية، فيما تم تخصيص 83 مقعداً للنساء. وتمتد الفترة التشريعية للبرلمان لأربع سنوات.
ويشكل النازحون في بعض مناطق العراق مشكلة حقيقية وتحدي كبير بالنسبة لمنظمي عملية الاقتراع: فهناك حوالي 285 ألفاً من النازحين سيصوتون في 166 مركزاً انتخابياً تتوزع على 70 مخيماً في ثماني محافظات. فيما يبقى عدد الناخبين النازحين الذين لم يسمح لهم لأي سبب كان المشاركة في الاقتراع مجهولاً وذلك بسبب تجاهل أعدادهم وأماكن تواجدهم.
ويصوت الناخب على أساس القائمة المغلقة أوالمفتوحة. ويتم التصويت على القائمة المغلقة كاملة دون أي اختيار، أما المفتوحة فيتم التصويت عليها أو على مرشح أو عدد من المرشحين ثم توزع الاصوات على المرشحين وفقاً لتسلسلهم داخل كل قائمة.
القوائم المرشحة
يشارك في الانتخابات 86 ائتلافاً وقائمة، أبرزها:
- ائتلاف النصر: برئاسة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي. للمرة الاولى منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، انقسم حزب الدعوة الشيعي، المعارض التاريخي للنظام السابق في الانتخابات إلى قائمتين إحداها "النصر" التي تضم بصورة رئيسية شخصيات من المجتمع المدني بعيدة عن التوجهات الطائفية.
- ائتلاف الفتح: يرأسه هادي العامري زعيم منظمة "بدر"، وهو أحد أبرز قادة قوات الحشد الشعبي التي لعبت دوراً رئيسياً في دعم القوات الأمنية لدحر تنظيم "داعش". تخلى غالبية مرشحيه رسمياً عن مناصبهم في تشكيلات الحشد الشعبي للانخراط في السياسة.
- ائتلاف دولة القانون: برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي يعتمد بصورة رئيسية على حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي. يحظى بشعبية لدى عدد كبير من أعضائه الذي شغلوا مناصب حكومية خلال تولي المالكي رئاسة الحكومة، لكنه يواجه انتقادات من البعض، بسبب اجتياح تنظيم "داعش" وسيطرته على ثلث مساحة البلاد خلال تلك الحقبة بالإضافة إلى تهم الفساد.
- قائمة "سائرون نحو الإصلاح": وهو تحالف غير مسبوق بين رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر والشيوعيين، يجمع ست كتل غالبيتها علمانية، بينها الحزب الشيوعي العراقي والعدالة، إضافة لحزب "الاستقامة"، ممثل رئيسي للتيار الصدري الذي تمثله كتلة الأحرار (33 نائباً) في البرلمان الحالي، بدعم من الصدر الذي طلب من نواب الأحرار عدم الترشح للانتخابات.
- قوائم السنة: تخوض الأحزاب السنية الانتخابات من خلال قوائم متعددة أبرزها "ائتلاف الوطنية" بزعامة نائب رئيس الجمهورية أياد علاوي الشيعي الذي يقدم نفسه كعلماني، ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري وقد يكون السنة الخاسر الأكبر في الانتخابات المقبلة بسبب سيطرة تنظيم "داعش" على مناطقهم خلال الأعوام الماضية.
- قوائم الأكراد: يشارك الأكراد من خلال عدة أحزاب لتقاسم 46 مقعداً اثنان منها للمسيحيين، مخصصة لإقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي. أبرزها الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني رئيس الإقليم السابق والاتحاد الوطني الكردستاني غالبيته من الموالين لعائلة طالباني. إضافة لأحزاب معارضة ابرزها "التغيير" و"الجماعة الإسلامية" و"حركة الجيل الجديد".
وتجدر الإشارة إلى أن قانون المساءلة والعادلة قد حرم الكثيرين من أقطاب النظام السابق من المشاركة في الانتخابات بسبب الملاحقات القانونية التي تعرضوا لها ولا زالوا يتعرضون لها. فيما تحتجز السلطات عدداً من أبرز رجال العهد المباد في السجن. حيث ما يزال 14 مسؤولاً عراقياً من نظام صدام حسين يقبعون في السجن بعد مرور 15 عاماً على اجتياح دولي بقيادة الولايات المتحدة، وفقاً لتعداد لوكالة فرانس برس.
وشملت قائمة اعدها التحالف الدولي 55 مطلوباً أُعدم خمسة منهم وقتل ستة، بينهم اثنان من أبناء صدام خلال مواجهات مسلحة وتوفي ثمانية أثناء الاعتقال فيما أطلقت القوات الأميركية سراح 16 منهم قبل مغادرتها العراق أواخر عام 2011.
وبين السجناء وزير الدفاع الأسبق سلطان هاشم أحمد، الذي حكم عليه بالإعدام في 24 يونيو/ حزيران 2007، دون تنفيذ العقوبة بسبب معارضة رئاسة الجمهورية التصديق على الحكم. ويمثل الآخرون كوادر متوسطة في حزب البعث المنحل والجيش السابق أو مسؤولين حكوميين. إلى ذلك، هناك عبد الباقي عبد الكريم عبد الله أحد أبرز قادة حزب البعث الذي اعتقل في حزيران/ يونيو 2015 في كركوك حيث كان مختبئاً.
وقال بديع عارف، وهو محام يتابع قضايا بعض السجناء، لفرانس برس إن "معظمهم في سجن الناصرية" في جنوب العراق، مشيراً إلى أن "ظروف اعتقالهم سيئة جداً". وتابع أن "الحالة الصحية لسلطان هاشم متدهورة".
وصدرت أحكام غالبيتها بالإعدام، بحق الجميع باستثناء جمال مصطفى عبد الله سلطان، المسؤول سابقاً عن شؤون العشائر، وزوج حلا أبنة صدام حسين الذي مازال معتقلاً منذ عام 2003 بدون محاكمة، وفقاً للمحامي.
وأشار عارف إلى "تقديم ثلاثين طلباً إلى السلطات العراقية للأفراج، دون أن أحصل على رد (...) أعتقد أن هؤلاء سيبقون في السجن حتى الموت في حال عدم تدخل منظمات حقوق الإنسان التي لم تفعل شيئاً حتى الآن".
وما زال خمسة من مساعدي صدام هاربين أبرزهم عزت الدوري النائب السابق لرئيس مجلس قيادة الثورة الذي أعلنت السلطات العراقية وفاته في عدة مناسبات. يذكر أن تنظيم "داعش" في الموصل أعدم عام 2014 سيف الدين المشهداني، المسؤول السابق في حزب البعث.
ح.ع.ح/ع.غ (أ.ف.ب)