مشاركة العرب في الحياة السياسة في ألمانيا- مشروع مع وقف التنفيذ

شهدت هجرة العرب إلى ألمانيا تزايدا ملحوظا بعد الحرب العالمية الثانية، ويبلغ اليوم عدد أفراد الجالية العربية المقيمة في ألمانيا نحو مليون شخص، حصل حوالي 700 ألف شخص منهم على الجنسية الألمانية، وذلك حسب إحصاءات غير رسمية، الأمر الذي يجعلهم يتمتعون بحقوقهم السياسية كاملة، كالحق في الترشيح والانتخاب. لكن ما مدى مشاركة الجالية العربية في الحياة السياسية؟ وهل لها وزن سياسي، أم أنها مجرد كم عددي غير فاعل؟

صعوبة الانخراط في الحياة السياسية

تختلف المناصب التي يشغلها العرب في ألمانيا، فهناك الطلبة، والعمال، والأكاديميون وأصحاب المهن الحرة، ويعتبر أغلبهم عناصر منتجة داخل النسيج الاجتماعي والاقتصادي الألماني. إلا أن مشاركتهم في الحياة السياسية لا تزال ضعيفة، وغير كافية، الأمر الذي لا يخدم مصالحهم داخل البلد المضيف. ويرجع ضعف مشاركة العرب في الحياة السياسية بالأساس إلى أن هناك نفور من العمل السياسي في البلدان التي ينحدرون منها حسب عبد الهادي موحيمي، الصحفي بألمانيا، الذي يضيف بهذا الخصوص قائلا "مثّل العمال نسبة كبيرة من الجالية العربية التي وصلت إلى أوروبا في البداية، والحكم في معظم بلدانها يتصف بالديكتاتورية، ما يجعل العمل السياسي بها يلقى نوعا من النفور، وهذا يؤثر على طريقة تعاملها مع السياسة في بلدانها المضيفة".

كما يُرجع موحيمي ضعف الانخراط في الحياة السياسية إلى عامل آخر يرتبط بالنظام الألماني الذي لم يعمل على تسهيل انخراط الجالية العربية في الحياة السياسية منذ البداية، وينتقد في هذا الصدد الحكومة الألمانية قائلا "الحكومة الألمانية ظلت تظن أن الجالية العربية فئات عمالية مؤقتة، وستعود إلى أوطانها الأصلية. وبالتالي لم تفتح لها المجال لإدماجها داخل العمل السياسي".

خطوات من أجل التغيير

غير أن اندماج الجالية العربية داخل الحياة السياسية ليس مهمة النظام الألماني وحده، وإنما هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجانبين. فالجاليات العربية درجت على الاهتمام بالمواضيع الثقافية أو الرياضية أو الاقتصادية، وأغفلت الجانب السياسي الذي يعتبر مفتاحا للانخراط في الحياة في ألمانيا بشكل عام. جمعية الصداقة العربية الألمانية نموذج للجمعيات القليلة في ألمانيا التي تهتم بالجانب السياسي رغم حداثة عهدها، فلم يمر على تأسيسها أكثر من سنتين.

تهتم الجمعية بتكثيف العلاقات مع صناع القرار السياسي الألماني، وتعبئة الجالية العربية سياسيا، وفي هذا الصدد يقول حسام معروف نائب رئيس الجمعية مفسرا "جمعية الصداقة العربية الألمانية اهتمت منذ البداية بتجميع قصص النجاح العربية في ألمانيا، واستطاع بعض أعضائها وضع الجالية العربية على طاولة النقاش مع الأحزاب الألمانية".

وبالإضافة إلى سعيها الحثيث وراء وضع أطر لدخول الجالية العربية معترك الحياة السياسية، فالجمعية تعمل على تنظيم لقاءات مع بين شخصيات عربية ومسؤولين من البوندستاغ(البرلمان الألماني)، كما أنها تعمل على تقوية دور الجالية العربية، إذ يضيف حسام معروف بهذا الخصوص قائلا "تطمح الجمعية إلى أن تضطلع الجالية العربية بدور مهم وفعال، وأن تنخرط سياسيا في الانتخابات القادمة المزمع تنظيمها بعد أربع سنوات."

سارا زروال

مراجعة: هيثم عبد العظيم