الغموض يسود الرد الإيراني على عرض الحوافز الدولي
٢٢ أغسطس ٢٠٠٦في أول رد رسمي إيراني على عرض الحوافز "السخي"، الذي قدمته الدول الكبرى لإيران بهدف إقناعها بالتخلي عن طموحاتها النووية، دعا كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي علي لاريجاني الدول الكبرى إلى "التفاوض" ابتداء من غد الأربعاء حول هذه العرض الدولي دون إن يحدد ما اذا كانت بلاده ستمتثل لهذا الطلب. وقال لاريجاني لممثلي الدول الكبرى لدى تسليمهم رد طهران على العرض:"نحن مستعدون للبدء بمفاوضات جدية مع مجموعة +خمسة زائد واحد+ (الولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا إضافة إلى ألمانيا) ابتداء من غد" الأربعاء. غير أن هؤلاء الممثلين كانوا اعتبروا منذ تموز/يوليو أن الإيرانيين "لم يقدموا البتة أي مؤشر عن استعدادهم للبحث جديا في جوهر العرض". وتعتبر إيران أن تعليق تخصيب اليورانيوم يجب أن يكون محل تفاوض في حين ترفض الولايات المتحدة تماما ذلك وتجعل من التعليق شرطا مسبقا لأي تفاوض حول البرنامج النووي الإيراني.
وكانت القوى الكبرى الست وهي ألمانيا إضافة الى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي قد تقدمت برزمة حوافز لنزع فتيل المواجهة مع إيران. وقد قام خافيير سولانا منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي بتقديم العرض إلى إيران في السادس من يونيو/ حزيران الماضي. ومن أهم الحوافز التي يتضمنها عرض الجزرة الأوروبية مساعدة إيران في بناء مفاعل يعمل بالماء الخفيف وزيادة الحوافز التجارية وتوفير مصدر أجنبي ثابت للوقود النووي حتى لا تحتاج إيران لتخصيب اليورانيوم بنفسها. وكان العالم قد أمهل إيران حتى الحادي والثلاثين من الشهر الجاري للرد على المقترحات الدولية، إلا أن الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد قال ان بلاده ستعطي ردها على عرض الدول في 22 آب/أغسطس الذي صادف يوم أمس.
سولانا : الرد الإيراني يتطلب "تحليلا مفصلا وحذرا"
ومن جانبه اعتبر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا في بيان أصدره اليوم أن الرد الذي قدمته إيران اليوم الثلاثاء على عرض القوى الكبرى الذي تم قبل شهرين ونصف يتطلب "تحليلا مفصلا وحذرا". ولم يوضح سولانا الذي كان قدم شخصيا عرض الدول الكيرى لطهران في السادس من حزيران/يونيو الماضي, مضمون الرد الإيراني. وأشار فقط إلى أن وثيقة الرد "طويلة وتتطلب بالتالي تحليلا مفصلا وحذرا". وأضاف سولانا انه "في انتظار هذا التحليل المفصل" سيظل "على اتصال مع أهم مخاطبيه" في الملف النووي الإيراني كما سيبقى على "اتصال مفتوح" مع كبير المفاوضين الإيرانيين علي لاريجاني الذي كان تباحث معه هاتفيا الأحد.
تهديدات أمريكية
أما الولايات المتحدةأ التي تعد عدو إيران الأول، قد حذرت اليوم من أنها ستتحرك بسرعة في مجلس الأمن من اجل اعتماد قرار بفرض عقوبات على إيران إذا لم يكن ردها على العرض مرضيا. وقال السفير الاميركي لدى الأمم المتحدة جون بولتون في تصريحات صحافية "سندرس الرد الإيراني بعناية" مضيفا "غير اننا على استعداد ايضا للتحرك لفرض عقوبات اقتصادية على إيران في حال لم تستجب للشروط المحددة" من قبل الدول الكبرى. وترى الدبلوماسية الغربية بأنه يتعين على إيران إثبات صدق نواياها وأن أهدافها سلمية بالكامل من أجل الحصول على هذا الحق، وهو ما تشكك به الوكالة الدولية التي تقول بأن هناك تساؤلات يتوجب الحصول على إجابات شافية عليها قبل أن تتم تبرئة ساحة طهران من الشكوك حول طبيعة برنامجها.
زيادة التوتر
ومع اقتراب موعد انتهاء المهلة المقررة للرد على قرار مجلس الأمن ازدادت حدة التوتر بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية. فقد قال دبلوماسي غربي بأن "طهران خلقت بعض الصعوبات والتعقيدات أمام مفتشي الوكالة الذين زاروا إيران الأسبوع الماضي للإعداد لتقرير يرفع في 31 أغسطس/ آب إلى مجلس الأمن." وفي ضوء هذا التوتر منع المفتشون من الوصول إلى الجزء الأرضي في محطة نطنز لإنتاج الوقود النووي والذي سمح لهم في السابق بتفقده.
هذا وقد نفت إيران على لسان مسئول رفيع المستوى بأن تكون ثمة عرقلة لعمل المفتشين. فقد عبر عن ذلك بالقول:"لقد زاروا منشأة نطنز الأسبوع الماضي وسوف يزورونها الأسبوع المقبل. هذه القصة مختلقة برمتها." وبموازاة ذلك، أكد المسئولون في طهران أن بلادهم لن تقبل المطلب الرئيس الخاص بتعليق تخصيب اليورانيوم. وأن هناك إجماعا وطنيا على حق" الأمة" في الحصول على العلم والمعرفة. فقد تعهد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئ في كلمة له أمس بأن "بلاده لن تنحرف عن مسعاها لامتلاك الطاقة النووية."
بوش يحذر من تسليح نووي إيراني
وقد حذر الرئيس الاميركي جورج بوش في خطاب له يوم الاثنين الماضي النظام الإيراني من عدم الاستجابة للمشروع الدولي، مبينا أن عليهم استخلاص النتائج من مواقفهم هذه. وقد أكد الرئيس بوش في العديد من المناسبات تصميم بلاده على منع إيران من امتلاك القدرة النووية أو "حيازة هذه الأسلحة"، كما يعتقد الغرب. ويرى العديد من الدبلوماسيين الغربيين ان الرفض الإيراني لتعليق أنشطة التخصيب يعني رفضها لمجموعة الحوافز المعروضة عليها في المقابل. وبشأن الردود المتوقعة من مجلس الأمن قال دبلوماسي غربي بأننا "لا نتعامل مع الثلاثاء على أنه نهاية مهلة لأنها ليست مهلة مجلس الأمن"، مضيفا أنه: "إذا رفضت إيران تعليق التخصيب فسيجري مزيد من المحادث في مجلس الأمن قريبا." وقي السياق ذاته، قال جون بولتون سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة للصحفيين "منحهم مجلس الأمن حتى /31 أغسطس/ لإنجاز تعليق أنشطتهم لتخصيب اليورانيوم وبالتالي فلا يزال أمامهم بضعة أيام."
فرض عقوبات على النخبة السياسية الإيرانية؟
وفي حال اعتبار الرد الإيراني رفضا لتعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم، فإنه من المتوقع أن يبحث مجلس الأمن فرض عقوبات على طهران. ومن المتوقع أن تتضمن هذه العقوبات في بداية الأمر حظرا على تأشيرات السفر وتجميد أرصدة مسؤولين إيرانيين كبار قبل اللجوء الى عقوبات تجارية. وفي بروكسل، يرى المراقبون بأن الإيرانيين لن يقدموا إجابة واضحة، في مسعى منهم "لكسب مزيد من الوقت." وكانت إيران قد أعلنت أن العرض الدولي يتضمن الكثير من الجوانب الغامضة التي يجب توضيحها. ويبدو أن إيران تريد جس نبض المجتمع الدولي في مسألة العقوبات عليها وإذا ما كان هناك إجماع دولي على مثل هذا الإجراء وما الشكل الذي يمكن أن يأخذه. وفي هذا الإطار، أكد وير الخارجية الألماني، فرانك ـ فالتر شتاينماير، الرغبة في حل سلمي للأزمة، إلا أن هذا لا يمنع من "التشاور حول ما هو أبعد من ذلك."