القاعدة تتفسخ بعد ثلاث سنوات من مقتل بن لادن
٨ مايو ٢٠١٤تتواجدالقاعدة دائما جغرافيا في المناطق التي تشهد فراغا سياسيا وكان اقليموزير ستان شمال غرب الباكستان قدشهد مواجهات مع السلطهالمركزيه في الباكستان منذ منتصف القرن الثامن عشر حتى الاعترافبحكمه الذاتي عام 1947 ليكون افضل معقل لتنظيم القاعده بضيافه طالبان بعداحداث 11 سبتمبر 2001 .إن فشل التنظيم المركزي وتراجعه دفعه الى تبني إستراتيجيه تبني ألتنظيمات ألمحلية. ابرزها، اليمن وانصار الشريعة وجبهة النصرة والقاعدة في المغرب الاسلامي.
التنظيم المركزي استمر في قبضته المركزية حتى 2006 بعد مقتل ابو مصعب الزرقاوي في العراق زعيم تنظيم التوحيد والجهاد في العراق ثم مقتل وزير حربه في العراق ابو ايوب المصري وابو عمر البغدادي زعيم تنظيم " دولة العراق الاسلامية" عام 2010. ليشهد التنظيم مرحلة تنظيمية جديدة اتسمت بظهور فروع تنظيمية نتج عنها تفكك وضعف التنظيم المركزي .لقد غيرت القاعدة وتنظيمات "جهادية"اخرى، جغرافيتها بعد اشتداد المراقبةالأميركية عليها في أفغانستان والباكستانلتختار إيران واليمن وسوريا والعراق ولبنان جغرافية بديلة. أما وجودها في سورياعام 2011فقد اصبح أمرا مألوفا ومحوريا في مستقبل التنظيم ولطالما ركزت القاعدة على سورياكما تراها هي بأنها ارض نصرة ومدد. ونتيجة لذلك تمكنت مليء الفراغ الذي خلفته الحرب في سوريافي ظل تراجع قبضةالولايات المتحدةفي المنطقة ومهادنة خصومها.وتوضح الوثائق المفرج عنها من مقر سكن ابن لادن في أبوت أبادبعد مايس 2011،أن مهاجمة الانظمة العربية كانت هي الخطوة الأولى في الخطة الإستراتيجية للقاعدة التي تهدف إلى استنزافها واضعافها. وتتضمن المرحلة التالية في الخطة هي السيطرة على تلك الدول سعيا لإقامة دويلات إسلاميةمع مطلع عام 2016.
ألقاعدة تحولت ألى تنظيمات محلية
القاعدة كانت وماتزال موجودة داخلفوضى الربيعألعربي وبدأت تتوسع الى المجموعات الاسلاموية بمختلف درجاتها "الجهادية" لتضمها تحت مظلتها ضمن إستراتيجية تخندق الإسلامويون.
إن ما تشهده المنطقة من عمليات القاعدة قد لا يعود الى قوة التنظيم بقدر ضعف وحلحلة الانظمة السياسية في المنطقة التي جعلت تنظيم القاعدة يظهر بالشكل القوي.ألقراءة تتضمن وجود دعم وتنسيق ما بين تنظيمات القاعدة الفرعية رغم استقلالية تنظيماتها واختيار الاهداف من قبلها مباشرة. بالاضافة الى تبادل الخبرات والتدريب، اي ما يتوفر عند تنظيم قد لا يكون موجودا عند التنظيمات الاخرى خاصة التدريب والتمويل والقدرات البشرية.
بعد تجربة تنظيم القاعدة في افغانستان وتخلي طالبان عنها بالتفاوض مع الولايات المتحدة، ولجؤ الخط الاول من ألتنظيم المركزي الى ايران، هذه ألخطوة أضعفت القاعد وألتنظيم ألمركزي ليتحول الى تنظيمات محلية، ولتغطي اخبار ونشاطات التنظيمات القاعدية المحلية على نشاطات التنظيم المركزي ليكتفي ألتنظيم برسائل ألظواهري ومنح راياتها السوداء. ان ظهور هذه التنظيمات الجهادية على شكل تنظيمات محلية منها النصرة واحرار الشام وكتائب عبد الله عزام جنب ألقاعدة الكثير من ألقدرات العسكرية والاستخبارية والتمويل ليصبح دور التنظيم المركزي رمزيا ودعم هذه التنظيمات من خلال تقديم المشورة والتعليمات التي تقوم على " البراء والسمع والطاعة" و"الجهاد" الاعلامي على الانترنيت من خلال المواقع الاعلامية المعتمدة من قبل القاعدة ابرزها مؤسسة "الفجر" للانتاج الاعلامي والسحاب والفرقان وألمنارة. ألقاعدة شهدت هجرة عكسية من الغرب ومن معاقلها في أفغانستان والباكستان الى منطقة الشرق الاوسط.الظواهري يقول "ان معركتنا طويلة والجهاد بحاجة لقواعد آمنة" لذا يختار دائما التنظيم الجغرافية الطبيعية والسكانية التي تساعده على التخفي وتوفير الحماية من خلال ايجاد ملاذات وحواضن امنة. ويبدو إن الظواهري ارتخت قبضته على التنظيم المركزي في افغانستان وفروع التنظيم ليبقى الرهان على إعادة ترتيب التنظيم في سيناء مع صعود الاخوان 2012ـ 2013 الى السلطة في مصر، وبقي الرهان بعد ثورة 30 يونيو 2013 التصحيحية مستغلا علاقاته القديمة مع تنظيم الاخوان وتنظيم التوحيد والجهاد والهجرة والتكفير واكناف بيت المقدس وغيرها من التنظيمات ليعيد تركيبها تحت اسم جديد وهو انصار بيت المقدس.
أليمن
أن تنظيم ألقاعدة في اليمن وشبه الجزيرة العربية يعتبرمن اخطر التنظيمات الفرعية او المحلية للقاعدة وربما يمكن اعتباره البدييل الى التنظيم المركزي في افغانستان. ألقاعدة في اليمن ضمت قيادات قاعدية بارزة منها ناصر الوحيشي زعيم التنظيم والذي يعد الان الشخص الثاني بعد الظواهريوسعيد الشهيري من أصل سعودي، رئيس اركان عمليات التنظيم في اليمن الذي قتل منتصف عام 2013 بعملية درون و العولقي في سبتمبر 2011.
وظهرت انصار الشريعة تماما مع تصاعد ثورة التغيير الشعبية في اليمن مطلع عام 2011. تاتي تسمية انصار الشريعة محاولة لكسب القبائل اليمنية والشباب اليمني بعد ان واجهت القاعدة مشاكل مع القبائل في المحتمعات الحاضنة. كان توزيع الادوار مابين القاعدة وانصار الشريعةاحد الاساليب للضغط على الغرب وتوزيع خارطة وجود انصار الشريعة وتنظيم القاعدة في الجنوب محاولة لفرض الفوض.وجاء اختيار مدينة حطاط وجعاروالمحافظات لجنوبيةلتكون مصدر تهديد لباب المندب الذي يعتبر احد الممرات البحرية الإستراتيجية لحركة التجار العالمية. القاعدة في اليمن هيالاكثر قربا ايدلوجيا الى بن لادن وتعتبر وريثه الشرعي. فالحديث عن القاعدة في اليمن يعني الحديث عن امتدادا للتنظيم المركزي.
سوريا
تحولت سوريا الى ارض استقطاب و"جهاد "الى المقاتلين العرب والاجانب. ربما الحالة في سوريا تختلف عن بقيت السوح القاعدية، وربما بسبب عشوائيات "الجهاد" لكن مابعد اعلان الجبهة الاسلامية في سبتمبر 2013 لاسقاط الاسد، اصبحت هذه الجبهة اكثر وضوحا لتتمحور القوى في سوريا بين ثلاث اطراف فاعلة وهي الجبهة الاسلامية الاقل تطرفا، وتنظيم"الدولة الاسلامية في العراق والشام" والنصرة والنظام السوري.إن السيطرة على الجبهة الاسلامية من قبل الأطراف الداعمة هي محاولة لايجاد معارضة منضبطة يمكن السيطرة عليها مع الاسد او مابعده، وهي على تناقض مع "داعش" والنصرة" التي تؤمن بعولمة الجهاد مهما كان مصير النظام في سوريا.
سيناء
باتت سيناء تمثل حاضنة وملاذ لتنظيم القاعدة و"الجهاديين"على شكل تنظيمات بعيدا عن العشوائيات الجهادية. توجد في سيناء ما لا يقل عنخمسة عشرمجموعة جهادية متشددةً تمارس نشاطاتها وهناك اربع مجموعات جهادية الأكثر بروزاً في سيناء وهيأنصار بيت المقدس، ومجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس، والتكفيروالهجرة، وجيش الإسلام المنحدر أصلاً من قطاع غزة. هذه التنظيمات اعادت نفسها بعد صعود الاخوان في السلطة وبايعت القاعدة في 2012 لتتنامى قوتها مابعد المعزول مرسي30 يونيو 2013. تمثلسيناءجغرافية مساحات واسعة بمحاذات غزة وليبيا مما يعطي تلك التنظيمات المرونة في الحركة والتنقل وبتدفق الاسلحة والمقاتليين خاصة من ليبيا. وتعمل الجماعات هناك جميعها تحت الرايات السوداء والتي توحدت تحت مجلس الشورى لاكناف بيت المقدس.
لبنان
تصنف لبنان بانها ساحة "نصرة "وظهير للمجموعات الجهادية وان التمدد الذي حصل بعد "الثورة" السورية 2011 ادخلت لبنان في حرب طائفية. فبالرغم من ظهور جماعات قبل هذا التاريخ مثل فتح الاسلام و كتائب عبد الله عزام وسرايا زياد الجراح من قبل، لكن صعود "الجهاديين" في سوريا سخن تلك الجماعات في لبنان. ويبدو دخول حزب الله واعلانه الحرب في سوريا الى جانب نظلم الاسد، نقل الاشتباك الطائفي الى الداخل اللبناني، وربما اعطى تلك الجماعات الذريعة للتمدد داخل لبنان لمواجهة قدرات حزب الله. هذا الاشتباك تمثل بايقاع التفجيرات التي شهدته الضاحية الجنوبية من بيروت والاشتباكات المذهبية مابين جبل محسن والتبانة في طرابلس.
العراق
ظهر تنظيم التوحيد والجهاد بزعامة ابو مصعب الزرقاوي في صحراء الانبارعام2003 ليبيايع الزرقاوي بن لادن قبل مقتله في 2006. صحراء الانبار شهدت نشاط ابو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق، التوحيد والجهاد وشهدت مقتل ابو ايوب وابو عمر ألبغدادي زعيم تنظيم ما يسمى"دولة العراق ألاسلامية " في 2010. وصعدت الخلافات مابين الظواهري وابو بكر البغدادي في ابريل 2014 عندما اعلن الاخير تنظيمه" الدولة الاسلامية في العراق والشام" لينتهي الخلاف بخلع تنظيم العراق" الدولة الاسلامية" بأعلان"القيادة العامة" لتنظيم القاعدة في 3 فبراير 2014، إن لا صلة لها بتنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام".هذه الاحداث تعتبر سابقة تنظيمية وتعيد رسم اقطاب "الجهاد" وتعدده.
شمال افريقيا
يمثل الليبيون قوة ومصادر بشرية اكثر من غيرهم في سيناء و سوريا والعراق وافريقيا ومالي ونايجيريا. وقد ظهرت قوة تلك المجموعات في إستعراض امكانياتها القتالية للاطاحة بالقذافي بدعم الناتو 2011. وهنالك معسكرات تدريبالتنظيمات "الجهادية" في المناطق الصحراوية النائية التي تغيب فيها سيطرة الحكومات وباتت تهدد فرنسا ودول الناتو في مالي . ويعتبر معسكر و قاعدة الوطية الجوية، غرب ليبيا احد المعسكرات الرئيسية لتنظيمات وفروع القاعدة في شمال افريقيا، كذلك معسكرات مصراته وبنغازي والجبل الاخضر. بدأتجماعات جهادية جديدة في الظهور، بعد القذافي،أبرز هذهالجماعات هي أنصار الشريعة في بنغازي بقيادة محمد زهاوي، التي تتمتع بعلاقات مع السلفية الجهادية في ليبيا والتي تمثل جماعة ظل أنصار الشريعة في درنة بقيادة أبو سفيان بن قومو. واعلنت الجماعة الجهادية التيكانيقودها مختار بلمختار وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا التي سيطرتلفترة على شمال مالي اتحادهما في حركة واحدة تحمل اسم "المرابطون". وقالتإن"جماعة 'الملثمون' أعلنت عن حل نفسها واندماجهامع جماعة التوحيد والجهادفي غرب أفريقيا في تنظيم جديد تحت اسم 'المرابطون".إن الترابط الحدودي مابين دول المغرب الأسلامي مع غرب إفريقيا بدون وجود موانع طبيعي سهل الكثير من القيادات في المغرب الأسلامي بالتسرب الى نايجيريا عبر النيجر والى مالي عبر الحدود الجزائرية وذات الشيء ينطبق على موريتانيا مع مالي. لتكون غرب افريقيا خاصة نايجيريا ومالي اكثر من حديقة "جهادية" خلفية، تستقطب القيادات القاعدية خاصة المنشقة عن المغرب الأسلامي وتتمتع بحرية بعيدا عن المراقبة.القاعدة اليوم لم تعد تنظيما مركزيا، كما كانت في حرب افغانستان والعراق، فقد تحولت الى ايدلوجية متطرفة تقوم على تحويل عقيدة السلفية، الى الية تكفير وقتل، اي انها صنعت من عقيدة السلفية قالب تنظيمي باسم القاعدة المركزي والتنظيمات الجهادية الآخرى تحت التوحيد والجهاد. بعد ثلاث سنوات على مقتل بن لادن اثبت الظواهري فشله في قيادة التنظيم المركزي ليتحول الشيخ الى ظاهرة اعلامية .
*باحث في مكافحة الإرهاب والإستخبار