القاعدة في الجولان - المواجهة مع إسرائيل "مسألة وقت"
٣ سبتمبر ٢٠١٤على مدى سنوات الحرب الأهلية الثلاث في سوريا بقيت الحدود مع إسرائيل هادئة باستثناء بعض القذائف التي عبرت الحدود بطريقة عرضية أوغير مقصودة على ما يبدو، حيث ردت عليها إسرائيل بالضرب في العمق السوري. الدولة العبرية ألتزمت الصمت إزاء ما يحدث في سوريا، غير أنها كانت تراقب التطورات هناك بقلق، وسط مخاوف من وصول شرارة الحرب إلى حدودها الشمالية.
لكن يبدو أن الوضع بدأ يتغير بعد سيطرة جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة، على نقطة القنيطرة الحدودية بين سوريا وهضبة الجولان المحتلة من قبل إسرائيل، واختطافها لعشرات الجنود من قوات حفظ السلام الدولية، وهو ما يعني أن تنظيم القاعدة، الذي تتبعه جبهة النصرة، أضحى على خط التماس مع إسرائيل وبالتالي هناك احتمال مواجهة مباشرة معها.
ويقول محللون إن جبهة النصرة أصبح لها وجود كبير في المنطقة وإنها في وضع يسمح لها بتنفيذ هجمات عبر المنطقة الحدودية القاحلة التي تتلاقى فيها حدود إسرائيل وسوريا والأردن. في هذا السياق قال أبيب أوريج ضابط المخابرات الإسرائيلي المتقاعد المتخصص في شؤون تنظيم القاعدة، "لدينا الآن جبهة النصرة التي تمثل في الأساس تنظيم القاعدة على الحدود مع إسرائيل. وإسرائيل هدف مشروع لكل المتشددين الإسلاميين في كل مكان". وأضاف أنها "مسألة وقت" قبل أن تحول الجماعات الإسلامية، التي تخوض الآن قتالا في سوريا، اهتمامها صوب إسرائيل، وفقا لما نقلت وكالة رويترز عن الضابط الإسرائيلي السابق. وقال أوريج إنه لا يستطيع تحديد وقت ذلك بالضبط "لكن هذه المسألة تنطوي على مخاطر كبيرة، فالأمر لا يحتاج سوى لمفجر انتحاري واحد يعبر الحدود ويهاجم دورية عسكرية إسرائيلية أو جرارا مليئا بالمزارعين الذاهبين إلى الحقول".
ورغم أنه ليس من الواضح إن كانت الدولة العبرية تمثل أولوية إستراتيجية لجبهة النصرة أو غيرها من الجماعات الإسلامية السنية المتشددة المنصب اهتمامها حاليا على مقاتلة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أن ذلك لا يعني أن هذه الجماعات لا تشكل خطورة على إسرائيل، كما يرى كوبي ماروم، الجنرال السابق بالجيش الإسرائيلي والخبير بشؤون تنظيم القاعدة، في تصريح لصحيفة "هاندلسبلات" الألمانية. ويضيف الخبير الإسرائيلي بالقول إن هذه الجماعات بإمكانها الآن أن تبدأ بإطلاق الصورايخ على إسرائيل من المنطقة التي توجد فيها، وهو ما يعني بطبيعة الحال ضرورة رد الجيش الإسرائيلي على ذلك .
وتراقب إسرائيل باهتمام بالغ المواجهات الدائرة في الجانب الآخر من الجولان، تخوفا من إمكانية حدوث عمليات تسلل، وقد أثار سقوط قذائف خلف السياج الأمني بهضبة الجولان قلقا في إٍسرائيل. وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن عن إسقاط طائرة بدون طيار جنوب غرب مدينة القنيطرة، حيث تدور معارك شرسة بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة، كما منع الإنتقال إلى عدة أماكن في المنطقة وأعلن أنها مناطق عسكرية مغلقة.
وتؤكد إسرائيل أنها ما تزال تلتزم بنفس السياسة المنتهجة منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا، حيث أوضح المتحدث باسم الجيش الكولونيل بيتر لرنر أن جيش بلاده التزم بموقف ضبط النفس تجاه الأحداث على الجانب الأخر من خط التماس مع سوريا، فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إننا "نتابع عن كثب الأحداث الجارية في مرتفعات الجولان". أما وزير الدفاع موشي يعالون فقال يوم الاثنين الماضي "لقد أكدنا خلال الأسابيع القليلة الماضية أن مستوى التسامح لدينا يكون في حده الأدنى عندما يحاول أحد المس بسيادة أراضينا، أكان ذلك بشكل متعمد أو غير متعمد".
لكن يعالون ذهب إلى أكثر من ذلك وحمل إيران وسوريا المسؤولية فيما يحدث، إذ قال في مؤتمر اقتصادي يوم الثلاثاء تحدث فيه عن خطر الجماعات الإسلامية في سوريا، إنه "يمكن رؤية بصمات إيران في سوريا بما في ذلك مرتفعات الجولان في محاولة لاستخدام فرق الإرهاب ضدنا".
إذا تعرضت إسرائيل لهجوم فسيكون الرد على الأرجح شديدا، وقد يشكل ذلك انتكاسة للثورة على نظام الأسد، حيث قد يفتح ذلك الطريق أمام قوات النظام في دمشق لاستعادة زمام المبادرة بشكل أكبر، ناهيك عن أن الضغط الدولي على النظام السوري قد يتراجع بشكل أكثر، خصوصا بعد انتشار تنظيم "الدولة الإسلامية" وقيام دمشق بعروض للتعاون في محاربة هذا التنظيم المتشدد.
ع.ج.م/ ع.ع (رويترز، أ ف ب، د ب أ)