القاهرة، التي لا تنام، قد تُجْبَر على النوم مبكراً!
٢٢ أكتوبر ٢٠١٢القاهرة، المدينة التي لا تنام كما يحلو للبعض تسميتها، قد تطفيء أنوارها مبكراً بعد عيد الأضحى مباشرة، حيث تعتزم السلطات المصرية إصدار تشريع يلزم أصحاب المحلات إغلاق محلاتهم اعتبار من العاشرة مساء باستثناء المطاعم حيث تمتد لهم المدة إلى الثانية عشرة مساء. وسوف يستثنى من القرار المحال التي تحمل رخص سياحية وكذلك الصيدليات. وفيما أوضح أحمد زكي عابدين، وزير التنمية المحلية، أن القرار يهدف لتوفير الطاقة الكهربائية والإسهام في حل مشكلات المرور والأمن، يرى آخرون أن القرار على العكس سيساهم في تفاقم تلك المشكلات. القرار الذي أثار الجدل لا يزال حديث الشارع المصري سواء أصحاب المحال أو روادها فكيف يرون القرار وتأثيره عليهم؟تضرر
تضرر أصحاب المحلات
"القرار خاطيء تماما وسيتسبب في ضرر الكثير من الناس التي تعمل ليلاً"، يقول طلال أحمد، وهو طالب جامعي يعمل ليلاً بإحدى مقاهي القاهرة. ويرى أحمد في هذا القرار محاولة لتقليد الغرب، لكنه في رأيه لا يصلح للتطبيق في مصر. ويقول في هذا السياق لDW عربية: "في أوروبا عندما يحلو لأحد السهر يذهب إلى البارات والنوادي الليلية أما هنا في مجتمعنا الشرقي الناس تقصد المقاهي". ويضيف أحمد في حديثه لDW عربية: "وجود الناس في الشوارع وعلى المقاهي لوقت متأخر من الليل يساهم في الحفاظ على الأمن أما إذا أغلقت المحال فسينتشر "الشبيحة" وسيخاف الناس من الخروج ليلاً. ورغم تأكيد الوزير عابدين أن القرار لا رجعة فيه، يرى أحمد صعوبة تطبيقه.
"أنا أتمنى أن يطبقوا القرار"، يقول صاحب محل جاليري روكسي للأنتيكات إبراهيم الساعاتي لDW عربية. ويسترجع الساعاتي ذكرياته فيقول لDW عربية: "كان هذا النظام مطبقاً في السابق حين كنت صغيراً واعمل بأحد المحلات وكنا نغلق دائماً في السابعة عدا يومان في الإسبوع كنا نغلق فيهم في الثامنة". ويرى الساعاتي أن هذا النظام سيكون مريحاً له كثيراً ولكثير من التجار الذين دائماً ما يضطرون للسهر حيث يأتيهم الزبائن في ساعات متأخرة من الليل "قد تصل حتى الساعة الثانية صباحا". ويعرب الساعاتي عن عدم تخوفه من فقدان زبائنه نتيجة لذلك القرار قائلاً لDW عربية: "عندما يعلم الزبائن أنني سأغلق في العاشرة سيضطرون للقدوم مبكراً في الصباح وهذا أفضل لي".
أما أحمد حسني، وهو مسؤول إدارة أحد الأسواق التجارية، فيقول "هذا القرار سيفقد المحل على الأقل ثلث زبائنه". ويشرح حسني لDW عربية: "شغلنا يزداد دائماً بعد العاشرة مساء". ويرجع حسني ذلك لحاجة الناس لشراء مستلزمات إفطارهم وإفطار أولادهم "والتي يجب أن يجهزونها ليلاً فلا وقت بالصباح لشرائها". ومع ذلك لا يعتقد أن الضرر سيعود عليه هو وباقي زملائه العمال، بل على مالك المحل. ويقول حسني في هذا الصدد: "من مصلحتي ومصلحة العاملين هنا أن نغادر مبكراً إلى بيوتنا لكن صاحب المحل سيخسر كثيراً".
تقييد الحرية
وكان لDW عربية حديث أيضا مع بعض رواد تلك المحال فيقول محمد شعبان لDW عربية وهو يجلس بأحد المقاهي: "هذا القرار غير منطقي ولا يجب أن يطبق". ويرى شعبان عدم منطقية القرار في ظروف عمل المصريين وتفاصيل حياتهم اليومية فيقول: "الموظف يخرج إلى عمله مبكراً جداً في الصباح ويخرج منه قرابة الخامسة مساء ثم يستغرق الطريق في المتوسط ساعة ونصف حتى يصل إلى منزله". ويستمر شعبان في سرد وجهة نظره: "سيصل الموظف بيته في السادسة والنصف ليأخذ حماماً ويتغذى وينام قليلاً من التعب ثم يستيقظ قرابة الساعة التاسعة أو العاشرة. فمتى يقابل أصحابه أو يخرج قبل العاشرة؟"
وتطرق أحمد خيري إلى نظرة مختلفة تجاه القرار قائلاً لDW عربية: "القرار يقيد حرية الفرد ولا يحق للحكومة أن تقيد حريتنا خاصة بعد الثورة". ويعتبر خيري أن القرار يمثل شكلا مقاربا لفرض حظر التجوال على المواطنين. وعلى جانب آخر عبر خيري عن استياءه من استثناء المحال حاملي الرخص السياحية من القرار. ويقول لDW عربية في هذا الصدد: "حاملي الرخص السياحية إما مطاعم باهظة الأسعار أو بارات ونوادي ليلية، فأما الأولى فليست للفقراء ومحدودي الدخل والثانية لها نسبة ضئيلة جداً ترتادها من الشعب المصري نظراً لوجودنا بمجتمع شرقي".
وتوقف محمد عاطف عند المشكلات التي فندها وزير التنمية المحلية مسبباً بها اتخاذ القرار متوقعاً أن ينتج عن هذا القرار زيادة في تلك المشكلات وليس حلها. ويشرح عاطف وجهة نظره قائلاً: "المرور مشكلته ستتعقد ففيما نشعر ببعض الانفراج في حركة المرور ليلاً بعد ساعات من الزحام الشديد حتى السابعة مساء". ويضيف عاطف: "سوف يتواصل الشلل المروري في شوارع القاهرة حتى بعد العاشرة مساء نظراً لاحتياج الناس لشراء مستلزماتهم والعودة لمنازلهم في نفس الوقت". أما فيما يخص مشكلة الأمن فاتفق عاطف مع ما قاله طلال أحمد في أن إغلاق المحال والمقاهي مبكراً سيجعل من ظلام الشوارع وخلوها من المارة أرض خصبة لظهور المجرمين وقطاع الطرق. ويختتم عاطف حديثه لDW عربية قائلاً: "للأسف الحكومة لا زالت تتخبط في قراراتها ولازال يجب عليها أن تدرس خطواتها وقراراتها بشكل أفضل حتى تنال رضاء الشعب".