الكرنفال: فرصة للتمتع بالحياة كما تشاء
مع حلول "يوم الاثنين الوردي" تشهد مدينة كولونيا المعروفة بكاتدرائيتها العريقة و بيرة الكولش ذروة الاحتفالات بكرنفالها السنوي المشهور على مستوى ألمانيا والعالم. ومن المعروف أن الاحتفالات تبدأ في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني في تمام الساعة الحادية عشرة و إحدى عشرة دقيقة وتنتهي بحلول عيد أول أيام الصوم الكبير أو ما يعرف بأربعاء الرماد.
وداعاً أيتها اللحوم
قليل من الذين يحتفلون بهذا الكرنفال يعرفون الخلفيات التاريخية لهذا الحدث التقليدي. وفي الوقت الذي تنشغل فيه الغالبية باحتفالاته يعتبره الكثيرون نتاج تعاظم دور الحياة المادية وزيادة الفراغ الروحي في أوروبا.
وحسب المراجع التاريخية تعود كلمة كرنفال إلى أصل لاتيني carnelevarium ومعناها "وداعًا أيها اللحم"، أو "استثناء اللحم" لأنها تسبق فترة الصيام المسيحي التي تبدأ مباشرة بعد الاحتفالات به. و يُرجع بعض الباحثين بدئها إلى ما يشبه بثورة النساء على سيطرة الرجال قبل نحو قرنين. وقد حدث ذلك في وقت ساد فيه هضم لحقوقهن.
ووداعاً لسيطرة الرجل
كتعبير عن زوال سيطرة الرجل التقليدية على المرأة يبدأ الكرنفال بتقليد معروف، إذ تقوم النسوة بقص ربطة العنق لازواجهن وللرجال الآخرين. وبعد إتمام التحضيرات يحتفلن في مجموعات خاصة بهن. وخلال ذلك يقمن بارتداء الملابس التنكرية وفقاً لخرافة قديمة تقول بأنها تطرد الأرواح الشريرة التي تمنع حلول فصل الربيع الذي يطول انتظاره بعد شتاء بارد.
الجدير بالذكر أن الكنيسة كانت في بداية الأمر من المعارضين لهذه الاحتفالات خاصة فيما يتعلق بالزي التنكري. وقد عللت ذلك على أساس أنه من غير الممكن بفضلها تحديد هوية من يقومون بأعمال خاطئة أو يُسيئون إلى الدين.
الأطفال وأحلامهم
يعد الكرنفال بالنسبة للعديدين من المواسم التي تجمع أفراد العائلة في أجواء المرح والسمر والمحبة. وطبيعي أن احتفال كهذا لا يقتصر على فئة الكبار، فهو يشمل الجميع من مختلف الأعمار والمشارب. و بينما يقضيه البعض في الإطار العائلي يجتمع الآخرون على الطرقات و في المطاعم و الحانات. وخلاله تبدو فرحة الأطفال العارمة بأزياء أبطال المسلسلات الكرتونية مثل النحلة أو رعاة البقر أو حتى بأزياء الأمراء والأميرات. كما ينشغلون بجمع الحلوى التي يلقي بها المحتفلون من ظهر الحافلات المزينة بالرسوم والألوان.
الكرنفال والسياسة
تمتزج في أجواء الاحتفالات المهيبة الموسيقى والرقص وفرح المشاركين وتناولهم لكميات كبيرة من الكحول. ويبالغ البعض في تناولها وخاصة الغرباء منهم. ويعكس ذلك جهلهم للطقوس التي ينبغي التقيد بها. والأمر الجيد أن قوات الشرطة تكون بالمرصاد لمن يسيء إلى المظاهر الاحتفالية. ولا يقتصر الكرنفال على مظاهر الفرح والشرب وإنما يمتد إلى القضايا السياسية. وفي هذا الإطار غالباً ما يتم استغلاله للتعبير عن المواقف تجاهها، ولكن بشكل ساخر.
طارق النتشة