المرأة ... عنصر مهمش في النقاش الدائر حول المناخ
١٠ مارس ٢٠١١تسبب إعصار سيدر الذي ضرب سواحل بنغلاديش عام 2007 في مقتل أكثر من 3000 آلاف شخص، وآنذاك شكلت النساء النسبة الأكبر بين الضحايا. لكن هذا لم يحدث بمحض الصدفة، كما تعتقد شارميند نيلومي التي عملت في مجال تقصي آثار التغير المناخي على سكان الأرياف. فالنساء كن آخر من سمع بالإعصار الذي يقترب من سواحل البلاد، لأنهن يعشن في عزلة اجتماعية ولا يشاركن في الحياة العامة في القرية. وحتى بعد وقوع الإعصار وإنشاء الملاجئ لإيواء الناجين، فإن النساء لا يقمن باستخدامها لأسباب اجتماعية، إذ عادة ما تكون المراحيض في تلك الملاجئ مكشوفة، بحيث يصعب على النساء وبعكس الرجال استخدامها. ولو كانت الملاجئ مصممة بشكل مختلف كما تعتقد نيلومي، لكانت آلاف النساء على قيد الحياة الآن.
أثر التغير المناخي على النساء أكبر
وتسعى نيلومي البالغة من العمر 41 عاما منذ بعض الوقت، دفع السلطات إلى تصميم الملاجئ بشكل مختلف. وبالنسبة للناشطين في مجال حماية البيئة، فإن العنصر النسائي غائب تماما عن النقاش الدائر حول التغير المناخي، كما لا يتم وضع الاحتياجات الخاصة بالنساء في الاعتبار، لدى وضع الاستراتيجيات الخاصة بالتأقلم مع تبعات التغير المناخي. وقد خلصت الدراسة التي أجراها صندوق السكان التابع لمنظمة الأمم المتحدة (UNFPA) في عام 2009، إلى أن تبعات التغير المناخي في الدول النامية تؤثر على النساء بشكل أكبر من الرجال. إذ إن القسم الأكبر من عبء العمل في الحقول، يقع على عاتقهن، هذا بالإضافة إلى توليهن مهاما أخرى كتوفير الطعام والوقود.
لكن هذه المشكلة هي واحدة من مشاكل كثيرة ذكرتها الدراسة، فالنساء في الدول النامية يواجهن مشكلة توفير دخل مادي خاص بهن، كما أن ارتباطهن بالمنزل قوي. ويترتب على كل هذا، كما تستنتج الدراسة، حساسية أكبر حيال الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ.
قوى هامة من أجل التغيير
إلا أن الناشطين في مجال حماية البيئة يحذرون من النظر إلى النساء فقط باعتبارهن ضحايا للتغير المناخي، إذ إنهن يلعبن دورا فعالا عندما يتعلق الأمر بالتأقلم مع ظاهرة التغير المناخي، كما ترى أنجي دازه من فرع منظمة "كير CARE" في كندا. فالنساء خلاقات ومبدعات في مجال استخدام الموارد الطبيعية، لذا ينبغي تشجيعهن لتطبيق معارفهن وخبراتهن بشكل أكبر فعالية، كما ترى دازه. وهي تضيف بأن المنظمة التي تعمل بها "تخصصت في تنفيذ المشاريع الجماعية التي تضع خططها نساء، وهي، أي المشاريع، تصب في مصلحة النساء أيضا." وتنشط المنظمة حاليا بشكل خاص في غانا، وهناك تسعى إحدى مجموعات العمل على إسماع صوت النساء في النقاش الدائر حول التغير المناخي. وهناك مبادرات مشابهة في عدة بلدان أخرى، كما في الهند مثلا، حيث تم تأسيس كلية أطلق عليها "Barfuß" أو الأقدام الحافية. ويتم في تلك المؤسسة تدريب النساء على تركيب أنظمة الطاقة الشمسية. وفي ملاوي تعمل شركة ايرلندية على تدريب النساء في الريف على صنع مواقد حديثة تتميز بالفعالية في استهلاك الطاقة. إن استخدام تلك المواقد بدلا من المواقد التقليدية، يقلل من خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الناجمة عن تصاعد الأدخنة. كما أنه يقلل من الاعتماد على الحطب، وبالتالي يحمي الغابات من القطع الجائر.
النساء مستبعدات من عملية اتخاذ القرار
وبالرغم من هذه الجهود المتفرقة، إلا أن لعب النساء دورا في السياسة البيئية لم يصبح بعد أمرا بديهيا. وكما ترى غوتاليند ألبر من منظمة "Women for Climate Justice"، فإن العائق الأكبر يتمثل في عدم توفر الوعي الكافي بهذه المشكلة، وأيضا في غياب العدالة في البنى الاجتماعية. وكما تقول"عند اتخاذ القرار في أمر يتعلق بالتغير المناخي، فإن النساء غير ممثلات على كافة المستويات، ومعظم الناس يفتقرون إلى الحساسية الكافية حيال ما أصبح يعرف بالعدالة المناخية."
لكن ربما تمثل بنغلاديش استثناء في هذا الخصوص، حيث تعتبر شارميند نولومي أن الإستراتيجية الوطنية لمواجهة التغير المناخي وخطة الحكومة في هذا الصدد، تشكل مثالا على وضع اعتبار متزايد للنساء. إن الإستراتيجية الحكومية هناك تنص بوضوح على وضع اعتبار خاص لموضوع الجندر وما يترتب على ذلك من خصوصية، سواء في الخطط التي تنفذ بدعم خاص أو بدعم حكومي. وتصف نولومي هذا التطور بأنه خطوة كبيرة إلى الأمام.
سونيا فلانيكار/ نهلة طاهر
مراجعة: طارق أنكاي