الشباب المغربي يكتشف المشاريع المجتمعية
٢٧ مايو ٢٠١٥قد لا يختلف اثنان في المغرب على أن مشكلة البطالة أصبحت المشكلة المؤرقة بالنسبة للشباب بعد أن وصلت لنسب قياسية خصوصا في صفوف الأكاديميين. وإذا كان بعض الشباب قد قرر الاستسلام أمام هذه المشكلة أو الاحتجاج على الحكومة لإيجاد عمل حكومي، فقد اختار آخرون المشاريع الخاصة واعتمدوا على مبدأ المقاولات المجتمعية، التي تعود عليهم بالنفع الاقتصادي وتخدم المجتمع. منهم من اختار رفع تحدي القراءة في المجتمع المغربي وجعل منه نقطة قوة المشروع في الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن عزوف الشباب عن القراءة. هذا هو مثلاً حال مشروع "كتابي" لصاحبه سامي لمقدم (25 عاماً) الذي أكد في تصريحات لـ DW عربية أن "المشروع أثبت أن القراءة هي تجارة رابحة في المجتمع المغربي". وبنفس الروح الطموحة والمبدعة تحدث الشاب محمد أمين زريات، صاحب مشروع أكاديمية لتعليم كرة السلة، في بلد معروف عن شبابه جنونهم بكرة القدم "نجاح أي مشروع مرتبط بالأفكار الجديدة، التي يأتي بها وبقدرته على إقناع الناس بأهميتها".
الكتاب خير جليس
لم تعد مشكلة العزوف عن القراءة في صفوف الشباب المغربي مشكلة خافية، لأن كل الإحصائيات تشير إلى ضعف إقبال الشباب على القراءة. ولأن المميزين في المجتمع دائماً يبحثون عن حل لهذه المشاكل، فقد قرر سامي لمقدم أن يكون واحداً منهم بوضعه لمشروع "كتابي" الذي حاز على إعجاب خبراء البنك الدولي ومنحوه جائزة المشاريع المجتمعية المبدعة.
اختيار المؤسسة المالية الأكبر لم يكن اعتباطاً وإنما نظراً لأفكار المشروع الجديدة، والتي يلخصها سامي في ثلاثة أبعاد أسياسية: أولها خلق مشروع شبابي يكون قادرا على خلق فرص شغل لصالح الشباب، والثاني هو "دمقرطة" القراءة من خلال توفير الكتب حتى وإن كانت غالية لفائدة شريحة واسعة من الشباب، بينما يتجلى البعد الثالث في إشاعة ثقافة تبادل الكتب والقراءة في صفوف الشباب واليافعين.
والمشروع قائم على توزيع علب لجمع الكتب على الجامعات والمعاهد العليا في المغرب "هذه الصناديق مكتوب عليها تبرع بكتابك وستوضع في أماكن يشاهدها كل طلبة الجامعات ما سيمكننا من جمع مئات الآلاف من الكتب"، يقول سامي لمقدم لـ DW عربية بنبرة ملؤها التفاؤل.
وبعد جمع، فإن مشروع كتابي يقوم على إعادة تصنيفها بين كتب مدرسية وعلمية وروايات، ويقوم القائمون على المشروع بتقسيمها بين كتب سيتم التبرع بها للجمعيات التي تشجع على القراءة وأخرى لبيعها لتمويل المشروع، "كما أن أرباح المشروع سيخصص النصف فيها لإطلاق مبادرات للقراءة في مختلف المدن المغربية". وسيتمكن سامي بفضل هذا المشروع من توفير كتب للطلبة غير القادرين على شرائها "عندما كنت طالباً كنت أعرف معنى صعوبة شراء الكتب العلمية". ويخلص إلى القول: "الظروف غير موفرة للشباب من أجل القراءة، فلو وفرنا لهم المكتبات وأماكن القراءة والكتب ذات القيمة العلمية، فالأكيد أنهم سيقبلون عليها بنهم".
البيزنس الرياضي
السباحة عكس التيار والتخلص من الأفكار النمطية السائدة عن الشباب المغربي، كان أيضاً المحرك لمحمد أمين زريات الشاب ذي الـ 26 سنة، الذي قرر أن يغير صورة الشباب المغربي بأنه شباب لا يعرف من الرياضة إلا كرة القدم وبأن أي رياضة أخرى سيحكم عليها بالفشل في المغرب. "كنت لاعب كرة سلة محترفاً واكتشفت أن هناك الكثير من المواهب المغربية التي هي في حاجة لفرصة فقط"، يقول محمد أمين في حديثه معDW عربية.
خبرة أمين جعلته يفكر في إقامة مشروع أكاديمية لتعليم كرة السلة، انطلقت أشغالها منذ سنة 2011 أولا بالقيام بجولة في جميع الثانويات المغربية رفقة معدات كرة السلة وعدد من الأساتذة المغربيين والأمريكيين في كرة السلة لتعليم تلاميذ الثانويات "وهي الجولة التي استفاد منها إلى غاية السنة الماضية أكثر من 34 ألف شاب مغربي، وتم توزيع 8 آلاف كرة سلة. والهدف هو ترسيخ ثقافة كرة السلة في صفوف الشباب المغربي ونبين لهم أنه ليس هناك فقط كرة القدم للتركيز عليها" يقول أمين.
بعد ذلك سينطلق الشاب المغربي إلى مرحلة ثانية تمزج بين خدمة الشباب المغربي وبين إقامة مشروع بالمعنى التجاري للكلمة، ليطلق أكاديمية لتعلم كرة سلة. وستضم الأكاديمية صنفان من المنخرطين، أولهما من يدفع للعب والثاني هم شباب موهوبون يتدربون بالمجان قبل أن تقوم الأكاديمية باقتراحه على الفرق الوطنية لينضم إليها: "تصور أن تنقذ المئات من الشباب من البطالة والمخدرات وتقنعه بأن هناك طريقاً آخر للنجاح" يؤكد أمين.
ولأن هدف أمين هو أن يشغل الشباب المغربي عن الإدمان والإحباط، فقد قام باستقدام لاعبين من الدوري الأمريكي لكرة السلة "متخصصين في نمط جديد يدعى كرة السلة في الشارع. وأقوم بتعليم الشباب هذا النوع من الرياضة، وهدفي هو أن يلعب الشباب كرة السلة في الشارع كما يلعبون كرة القدم".
طموح الشاب المغربي لم يتوقف عند هذا الحد، فبعد حصوله على جائزة أفضل المشاريع الشبابية في المغرب، يخطط لإطلاق "المدرسة الأكاديمية" وهي فكرة إقامة مركز يحظى فيه الشاب بالتعليم المدرسي وفي الوقت نفسه يتدرب على كرة السلة "لأن العلم هو الهدف الأساسي ثم تأتي الرياضة"، يؤكد أمين، الذي عبر عن سعادته بأنه "جعل العديد من الشباب المغربي، الذي لم يكن واعياً بموهبته وتحول إلى لاعب محترف لكرة السلة".