الموقف الألماني من الأزمة السورية: متفرج أم ما باليد حيلة؟
١٢ سبتمبر ٢٠١٣"لقد ارتفع منسوب الأمل في حل سياسي في سوريا بعد الخطوات الأخيرة"، هذا ما قاله وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله. وكذلك المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أكدت دعمها مرة أخرى للمساعي الدبلوماسية التي بدأت تتخذ شكلا أوضح. كما أن سوريا مستعدة، وفق وزير خارجيتها وليد المعلم، للكشف عن ترسانتها من الأسلحة الكيماوية ووضعها تحت المراقبة الدولية، وبذلك الحيلولة – على الأقل في الوقت الحالي – دون توجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري. يأتي ذلك بعدما اقترحت روسيا وضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت المراقبة الدولية.
وقد أعرب السياسيون الألمان بمختلف انتماءاتهم الحزبية عن أملهم في حل سياسي للأزمة السورية. وهذا السيناريو يبدو الآن ممكنا لأن الصين، القوة الثانية إلى جانب روسيا التي تتمتع بحق الفيتو، وكانت تعيق فرض عقوبات على النظام السوري في مجلس الأمن الدولي، قد رحبت بالحل الدبلوماسي.
فاعل أم متفرج؟
الخارجية الألمانية بدورها ساهمت في الأيام الأخيرة في التوصل إلى هذا الاتفاق الدولي بشأن سوريا، على ما يقول راينر شتينر، عضو في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني عن الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي). ويضيف بأن ألمانيا قد ساهمت بشكل فعال في التوصل إلى هذا الحل من خلال الحوار المكثف مع روسيا. و"كان الهدف من وراء ذلك إقناع موسكو بألا تتورط مع نظام قد يكون استخدم الأسلحة الكيميائية"، على تعبير السياسي الألماني شتينر.
من جهته، يرى يان فان آكن، من حزب اليسار الألماني، دور ألمانيا إزاء الأزمة السورية من منظور مخالف، إذ يقول: "الحكومة الألمانية مجرد متفرّج – أو بالأحرى متفرّج سيء." ويوضح بأن "المستشارة الألمانية اتبعت سياسية متعرجة فيما يتعلق بالمأساة السورية. الحكومة الألمانية تفتقد للإرادة لفعل شيء في سوريا."
أما توماس ييغر، الأستاذ في السياسة الدولية والخارجية بجامعة كولونيا الألمانية، فيرى أن الـتأثير الألماني محدود جدا وأن الحكومة الألمانية لا تستطيع فعل الكثير لا في مجلس الأمن ولا في المفاوضات. "وبالتالي فإن الموقف الألماني (المتحفظ) يعكس إمكانيات الحكومة الألمانية (المحدودة)."
وبالرغم من أن ألمانيا نسقت سياستها إزاء الأزمة السورية بشكل كبير مع حلفائها الغربيين، إلا أنها في الوقت نفسه لم تتخذ موقفا محددا إزاء الخطوات اللاحقة في الشأن السوري. ولم تغير من مواقفها حتى عندما تعالت أصوات حلفائها الغربيين بضرورة توجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري بعد أحداث الغوطة في 21 أغسطس/ آب واتهامه باستخدام الأسلحة الكيماوية.
التركيز على المساعدات الإنسانية بدلا من العمليات العسكرية
ومن ضمن الأسباب وراء تحفظ السياسة الألمانية إزاء المسألة السورية هو ما حدث عام 2011 عندما عكر امتناع ألمانيا عن التصويت في مجلس الأمن الدولي حول التدخل العسكري في ليبيا صفو العلاقات مع حلفائها الغربيين. وقد وجدت ألمانيا نفسها آنذاك إلى جانب روسيا والصين اللتان امتنعتا عن التصويت. حينها كان رفضها المشاركة في الحرب في العراق عام 2003 لا يزال حاضرا في أذهان حلفائها الغربيين.
وفيما يتعلق بسياستها إزاء سوريا، ركزت ألمانيا على تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين. وفي هذا الإطار أعلنت المستشارة الألمانية في يونيو/ حزيران الماضي تخصيص نحو 200 مليون يورو كمساعدات للسوريين الذي فروا من ديارهم تحت وقع المعارك الضارية بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة. كما أبدت ألمانيا استعدادها استقبال خمسة آلاف لاجئ سوري وصلت الدفعة الأولى منهم الأربعاء (11سبتمبر/ أيلول) والبقية سيصلون خلال الأيام والأسابيع المقبلة.
أما فيما يتعلق بالوضع الحالي، فإن البروفسور ييغر يؤكد على ضرورة تنفيذ المساعي الدبلوماسية على أرض الواقع، بحيث يقول الخبير في الشؤون السياسية: "هنا يطرح السؤال إلى أي مدى ستلعب الحكومة الألمانية دورا محددا وما هي قدراتها والخدمات التي يمكنها تقديمها في هذا الإطار."
وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله كان عرض مشاركة ألمانية في التخلص من الأسلحة الكيماوية السورية. وفي هذا الإطار يشير أوليفر ماير، الخبير في مراقبة التسلح ونزع السلاح من المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن في برلين، أن لألمانيا تجربة في هذا المجال. ولكن البعض يعرب عن مخاوفه في أن يطول الأمر حتى في هذا الشأن قبل أن يتم البدء فيه فعليا.