اليونان - أزمة خانقة وفقر مدقع ...وأمل في غد أفضل
بعد كر وفر ومفاوضات تلو الأخرى، توصلت الحكومة اليونانية إلى اتفاق مع دائنيها يقيها شر الخروج من منطقة اليورو و من إعلان الإفلاس مقابل المضي في "طريق طويل وصعب" من الإصلاحات. اليونانيون سئموا التقشف، فهل من أمل؟
تنفس اليونانيون الصعداء بعدما توصلت حكومتهم عقب مفاوضات ماراثونية وعسيرة مع المؤسسات الدائنة إلى اتفاق يتم بموجبه المضي قدما في خطة تقديم قرض مالي جديد لإنقاذ اليونان التي تعاني منذ سنوات من أزمة ديون خانقة.
الاتفاق الجديد الذي توصلت إليه أثينا مع الشركاء الأوروبيين يقضي أيضا ببقاء اليونان عضوا في منطقة اليورو بعدما نوقشت في أوروبا سيناريوهات محتملة لخروج اليونان من منطقة اليورو - ولو بصفة مؤقتة..
الاتفاق الجديد لم ينقذ اليونان من خطر الإفلاس فقط، وإنما أنقذ أيضا رئيس الحكومة ألكسيس تسيبراس الذي يواجه ضغوطات من الداخل والخارج للحصول على سيولة لخزينة بلاده الفارغة.
حتى وإن كان الاتفاق يقضي بتنفيذ اليونان لحزمة من الإجراءات القاسية، إلا أنه قد يعطي بصيصا من الأمل للكثير من اليونانيين الذين فقدوا جراء الأزمة الاقتصادية وظائفهم ووجدوا أنفسهم عاجزين عن توفير حتى لقمة العيش.
البعض الآخر وجد في موائد الطعام التي توفرها الكنائس والمنظمات الخيرية ملاذه الأخير لسد رمقه بعدما عجزت الدولة في اليونان عن توفير الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم لمواطنيها الذين كانوا أولى ضحايا الأزمة الاقتصادية في البلاد.
أصبحت مثل هذه المشاهد خلال السنوات الأخيرة في شوارع اليونان، البلد العضو في الاتحاد الأوروبي، من المشاهد المعتادة بعدما عصفت به أزمة اقتصادية ومالية هي الأشد في تاريخه.
الأزمة المالية الخانقة دفعت باليونان إلى تقليص المصاريف إلى درجة إغلاق المستشفيات الحكومية. الأمر الذي دفع بالكثيرين من المرضى العاجزين عن دفع رسوم مستشفيات خاصة إلى اللجوء إلى منظمات إنسانية مثل "أطباء بلا حدود" للحصول على العلاج وبعض الدواء.
قد يطال المقص معاشات المتقاعدين مرة أخرى في إطار حزمة الإجراءات التي يطالب بها دائنو اليونان أثينا. ومن المفارقات أن هذه المعاشات تكاد لا تكفي لسد حاجيات المتقاعدين الذين وجدوا أنفسهم بعد سنوات من الكد والجد على عتبة الفقر.
تضاعفت معدلات البطالة في صفوف الشباب لترتفع إلى نحو 27 بالمائة، فيما تجازوت 50 بالمائة في صفوف خرجي الجامعات دون 25 عاما. البعض اختار الاحتجاج الغاضب للتعبير عن وضعيته، فيما اختار الكثيرون الرحيل في أسوأ هجرة للأدمغة تشهدها البلاد.
الغضب والاحتجاج أصبح من المشاهد المعتادة في شوارع اليونان التي وجدت نفسها مجبرة على شطب نسبة كبيرة من الوظائف الحكومية. وهي من الإجراءات التي يطالب بها دائنو اليونان لإصلاح اقتصاد بلد يشغل أكثر من 800 ألف موظف.
من المفارقات في اليونان أن الأثرياء بالكاد يدفعون الضرائب. كما أن المحسوبية والفساد من الظواهر المتفشية في أجهزة الدولة. وسيكون الإصلاح الضريبي ومكافحة الفساد من المهام الصعبة التي يتعين على حكومة تسيبراس مواجهتها خلال السنوات القادمة.
من المهمات المنوطة بعهدة أثينا للخروج من الركود الاقتصادي العمل على تنويع الاقتصاد الذي يرتكز بالأساس على السياحة وتشغيل الموانئ. ويرى خبراء أن غياب الاستثمار في قطاعات مهمة جعل الاقتصاد اليوناني هشا يفتقر لأرضية صلبة.
يعلق اليونانيون آمالا عريضة للخروج من أزمة خانقة جعلت منهم "عبيدا لدائني بلادهم"، حسب ما قال وزير المالية السابق يانس فاروفاكس. فهل يعود الفخر إلى أقدم حضارة أوروبية، مهد الديمقراطية؟