ال "ويبلوغز" شوكة في حلق حكومات الدول العربية
تعتبر المدونات الشخصية المعروفة باسم "ويبلوغز" شوكة في حلق حكومات الشرق الأوسط وكثير من حكومات الدول غير الديمقراطية، فرغم السجن والتعذيب إلا أنه من الصعب التصدي للأفواه الناطقة عبر الانترنت. ففي المملكة العربية السعودية أجبر صاحب مدونة المطاواة (Muttawa) على وقف كتاباته في شهر آب/أغسطس الماضي التي تنتقد تصرفات الحكومة السعودية اللامنطقية وكذلك تصرفات رجال الشرطة الدينيين يوميا وبلغة إنجليزية جيدة. ويعتبر الموقع الذي يحمل اسم "رجل البوليس الديني" ليس وحيدا في صفحات الويبلوغين العربية، إذ يشاركه موقع "محمود" والمعروف أيضا خارج بلاده البحرين، حيث كان هذا الويبلوغر قد عمل على إيقاف مدونته التي صممها في شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 2004، وذلك بعد اعتقال عبد الهادي الخواجا، الكاتب النشيط في مجال حقوق الإنسان، الأمر الذي أثار الذعر في نفس صاحب موقع "محمود". وبما أن إجراءات الحكومة لمكافحة الإرهاب تركت بصماتها، لم يتجرأ "محمود" على الكتابة إلا بعد إصدار العفو الملكي، وذلك بشرط أن لا يسير القراء على خطى عبد الهادي الخواجا الذي ألقي القبض عليه.
تعذيب وأحكام بالسجن
يتوجه مواطنو البلاد ذات حرية الصحافة المحدوة غالبا إلى الانترنت للتعبير عن آرائهم، إلا أن المشكلة في هذه البلاد تكمن في ارتفاع تكاليف استخدام الانترنت بالنسبة للمواطن العادي. وبما أن تصميم الويبلوغز سهل ولا يمكن التحكم بمحتواها أو باتساع انتشارها، أصبح الأمر صعبا لدى الحكومات لاحتوائها أو السيطرة عليها. وملاحقة المدونات لا يقتصر على البلاد العربية فحسبن فالحال لا يختلف عنه في إيران، حيث يصعب الآن فتح المدونات المعروفة بأسماء (Orkut) و (Blogspot) و
(Perianblog) من داخل الدولة الإسلامية، هذا إلى جانب توارد التقارير حول أعمال الاعتقال والتعذيب للقائمين على الويبلوغرز داخل إيران. وكانت "لجنة حماية الويبلوغرز" قد أكدت على الاعتداء على الكثير من الكتاب والمعتقلين في إيران. أما في سوريا فقد حاولت الحكومة تكميم أفواه الويبلوغرز عن طريق إصدار أحكام صارمة بحق المسؤولين عنها، إذ أصدرت السلطات السورية حكما بالسجن لمدة تتراوح بين سنتين وأربع سنوات على كل من الأخوين محمد وهيثم القطيش إضافة إلى يحيى الأوس، وذلك لإرسالهم بعض التقارير الناقدة للحكومة السورية إلى إحدى المجلات الالكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ورغم كل إجراءات الرقابة على الويبلوغز والانترنت إلا أنه من الصعب التحكم في الكم الهائل من المدونات التي بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة في البلاد العربية والإسلامية. وعادة تكتشف الحكومات والسلطات العليا في هذه البلاد الويبلوغز في فترة متأخرة وذلك لكثرة كتابها وسرعة تقنيتها العالية. أما المدونات الإنجليزية فإنها تدخل إلى البلاد العربية بطريقة سهلة ومريحة جدا، وخاصة وكما يبدو أن عملاء المخابرات العربية ليس لديهم الإلمام الكافي باللغات الأخرى. وكانت السلطات السورية قد سمحت لعمار عبد الحميد بمواصلة كتاباته، على الرغم من أنها ناقدة للحكومة. ويقوم عبد الحميد بالترويج إلى الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي في سوريا عبر صفحته مشروع الثروة (Tharwa-Projekt) باللغة الإنجليزية.
الحماية عن طريق الشهرة
يعتبر تمارا كوفمان نفسه محميا من ملاحقة رجال الحكومة نظرا لشهرته، حيث ينظر إلى انتمائه لمركز "صبان" لدراسات الشرق الأوسط، كحماية لنفسه ولكتاباته، خاصة وأن كلا من غيليز كيبيل من مؤسسة العلوم السياسية في باريس ومؤسسة هاينرش بول الألمانية تدعمان الصفحة التي يديرها كوفمان. ولهذا بدأ الكثير من الويبلوغرز بمحاولة حماية أنفسهم عن طريق التوجه إلى الرأي العام، ولذا قامت ولأول مرة جمعية البلوغ (Blog-Community) بفتح أول عنوان لها في السعودية، حيث يمكن عن طريق هذه الصفحة الوصول إلى 30 ويبلوغز، هذا إلى جانب بعض الويبلوغرز السعوديين الذين يقيم جزء منهم في الولايات المتحدة وأوروبا. وعن طريق هذه الصفحة يمكن الكشف عما إذا كانت الحكومة قد أغلقت بعض هذه الويبلوغز أم لا. من جانب آخر يمكن اعتبار ملاحقة الويبلوغر في السعودية والعديد من الدول الإسلامية في بعض الأحيان أمرا جانبيا نظرا لكون المشاكل في هذه البلاد تتعدى السياسة في غالب الأحيان.
مسابقة دويتشه فيله
تعمل مؤسسة دويتشه فيله عبر صفحتها الالكترونية إلى جانب محطة التلفزيون والإذاعة على دعم حرية الرأي ليس فقط في البلاد العربية والإسلامية، وإنما أيضا في العديد من دول العالم التي تعاني من كبت الحريات. وتقوم المؤسسة في هذا العام وبالتعاون مع منظمة "مراسلون بدون حدود" على تنظيم مسابقة عالمية لدعم حرية الكلمة والتعبير عن الرأي، وذلك عن طريق الويبلوغز. وسيتم في هذه المرة اختيار أفضل ويبلوغ لعام 2005 لتسع لغات. وتحمل هذه المنافسة العالمية اسم "ويبلوغ ودورها في حرية الصحافة". من جانبها تمنح منظمة "مراسلون بلا حدود" سنويا جائزة "ويبلوغ" العالمية. وبإمكان زوار موقعنا على الانترنت (www.thebobs.com) المشاركة أيضا في هذه المسابقة. وستقوم لجنة التحكيم المكونة من سخصيات وصحفية باختيار أفضل ويبلوغ لهذا العام من بين تسع لغات هي الألمانية، والفرنسية، والإنجليزية، والروسية، والبرتغالية، والأسبانية، والفارسية، والصينية، والعربية.
تقرير: زاهي علاوي