1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انتخابات سكسونيا وتورينغن: قلق ومخاوف في صفوف المهاجرين

٣٠ أغسطس ٢٠٢٤

تبدو فرصة حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني في أن يصبح القوة الأكبر في انتخابات ولايتي سكسونيا وتورينغن كبيرة. الفوز يعني كابوسا بالنسبة للعديد من المهاجرين، لكن ليس للجميع ، فما السر؟

https://p.dw.com/p/4k3ez
مظاهرة مناوئة للبديل في مدينة هالة في ولاية سكسونيا - إنهالت، بتاريخ 18.04.2024
مظاهرة مناوئة للبديل في مدينة هالة في ولاية سكسونيا - إنهالت صورة من: dpa

خلال فحص تذاكر القطار، تطلب الجابية من جميع الركاب إظهار تذاكرهم. فقط من نور الزعبي طُلِبَ منها إظهار هويتها بجانب التذكرة. وإلا، هددت الجابية بأنها ستستدعي الشرطة على الفور. مواقف كهذه تتكرر في الآونة الأخيرة وأصبحت عادية بالنسبة للسورية الأصل، التي تعمل كمستشارة في مجلس اللاجئين في تورينغن. وفي حديثها مع DW تقول: "هناك هذه العنصرية اليومية"، وتضيف "بعد ست سنوات في مدينة غيرا، تعودتُ على ذلك وأعرف كيف أتعامل مع  هذا الموقف في الغالب".

الانتقال ليس خيارا بالنسبة للزعبي، حتى لو فاز حزب البديل من أجل ألمانيا في انتخابات ولاية تورينغن  ، الحزب الذي صنفه مكتب حماية الدستور بأنه حالة اشتباه في  التطرف اليميني تورينغن هي موطني، تشرح الأخصائية الاجتماعية التي حصلت في عام 2020 على جائزة الاندماج في مدينة غيرا، التي يبلغ عدد سكانها 95 ألف نسمة، لمشروع صحفي مع اللاجئين.

الترحيب والكراهية

بعد الحادثة في القطار، شجعتها امرأتان مسنتان على البقاء، ربما لهذا السبب تشعر بالقوة للبقاء. "عدد ناخبي حزب البديل من أجل ألمانيا قد زاد، لكن بنفس القدر زاد عدد الألمان الذين يناصرون ثقافة الترحيب".

بيورن هوكه مرشح حزب البديل في ولاية تورينغن، بتاريخ 24 يونيو/ حزيران 2024
بيورن هوكه مرشح حزب البديل في تورينغن ومن أبرز أوجه التطرف في ألمانيا صورة من: endrik Schmidt/dpa/picture alliance

نور الزعبي تعرف كذلك أشخاصا يفكرون في مغادرة تورينغن إذا فاز حزب البديل من أجل ألمانيا في الانتخابات. "لكن ليس كل المهاجرين في تورينغن لديهم الفرصة لذلك. اللاجئون وطالبو اللجوء ملزمون بسبب قيود مكان الإقامة بالبقاء في تورينغن لمدة ثلاث سنوات"، كما تقول.

في هذه الأثناء، أصبح الخطاب تجاه المهاجرين أكثر حدة، ويبدو أن الهجوم بالسكين في زولينغن الذي أودى بحياة ثلاثة أشخاص سيؤجج الوضع أكثر. بالنسبة للزعبي، يعني ذلك توخي الحذر، بعدما دعا  رئيس حزب البديل  من أجل ألمانيا في تورينغن بيورن هوكه في كانون الأول/ ديسمبر 2023 جمهوره في غيرا إلى ترديد شعارات نازية، أو عندما تُنظّم كل يوم اثنين مسيرة احتجاجية في المدينة الصغيرة ضد الهجرة.

الخشية من حدوث انزياح حاد نحو اليمين؟

"سنواجه المزيد من العنصرية في الأماكن العامة، وعلى مستوى أعلى. لن يتوقف الأمر عند الشتائم فقط، بل سيصل إلى العنف الجسدي. هذا ما أخافه، خاصة عندما نسمع ما حدث مؤخرًا في ساوثبورت، بريطانيا."، تقول الزعبي.

هناك خوف بين المهاجرين من فوز  حزب البديل من أجل ألمانيا  والزعبي ليست الوحيدة التي تشعر بالتشاؤم تجاه المستقبل، فعلى مسافة 150 كيلومترا إلى الشرق، يعبر إسماعيل دافول في دريسدن عن مخاوف مماثلة. وُلِدَ إسماعيل في تركيا وجاء إلى سكسونيا في عام 2006 للدراسة، ويعمل منذ حوالي أحد عشر عاما في مجلس الأجانب في المدينة. يركز دافول على مساعدة الشباب من المهاجرين، لكنه يستمع كذلك إلى مخاوف الآباء خلال اللقاء معهم. "بعض الناس سألوني إلى أين تتجه الأمور هنا في سكسونيا؟ ماذا يعني ذلك إذا فاز حزب البديل من أجل ألمانيا؟ هل ستتغير ظروف حياتنا؟ الحالة واضحة: الناس يشعرون بالخوف".

شعبية شولتس وحزبه الاشتراكي تتراجع شرق ألمانيا

كما يسمع دافول كثيرًا عن التفكير في مغادرة دريسدن في حال فاز حزب البديل من أجل ألمانيا في انتخابات ولاية سكسونيا. يحاول هو وفريقه تهدئة الناس على أساس أن الأحزاب الديمقراطية في المجلس البلدي ستكافح ضد اليمين المتطرف، وأن الوضع لن يتغير بين عشية وضحاها، وأن مجلس الأجانب والعديد من المنظمات المجتمعية موجودة. لكن الواقع المحزن في المدينة هو أن الهيئة تتلقى بشكل متزايد تقارير عن هجمات ضد المهاجرين، كما يقول الأخصائي الاجتماعي لـ DW .

ويضيف: "في الماضي، كانت تلك حالات فردية نادرة عندما يُهاجم مهاجر. آنذاك، كان هناك اهتمام إعلامي أكبر بكثير على أن مثل هذه الأمور لا ينبغي أن تحدث. اليوم، تشير التقارير التي تصلنا إلى أنه يوميا يتعرض مهاجر أو مهاجرة للهجوم، أو التحرش، أو البصق عليه. بسبب المظهر، أو لون البشرة، أو اللهجة. في الشارع، أصبح هذا للأسف تقريبًا أمرًا طبيعيًا."

غير أنه وفي الوقت الذي يشعر فيه العديد من المهاجرين بالقلق الشديد إزاء احتمال فوز حزب البديل من أجل ألمانيا في تورينغن   وسكسونيا، هناك آخرون يعتزمون بالتأكيد التصويت لهذا الحزب اليميني. الحزب الذي يهاجم اللاجئين بشكل متكرر وجعل مصطلح "إعادة المهاجرين" إلى أوطانهم أمرًا مقبولا أو متداولا على الصعيدين السياسي والاجتماعي.

 كيف يتفق هذا التناقض؟

 يوضح أوزغور أوزفاتان، عالم الاجتماع السياسي في جامعة هومبولت ببرلين، في حديثه لـ DW، أن حزب البديل من أجل ألمانيا يستهدف بشكل خاص الناخبين من أصول تركية الذين يدعمون أردوغان، كما يضع نصب أعينه الألمان من أصول روسية.

ويوضح: "الرسالة هي في البداية جذب الناس عبر فخرهم الوطني، وأنه لا خطأ في امتلاك هذا الفخر. فيديو مؤيد لأردوغان، على سبيل المثال، يجذب ذوي الأصول التركية عاطفيا.  وبالنسبة للألمان من أصول روسية، هناك السردية التي تقول بأنهم "اضطروا للتخلي عن لغتهم، وقد طُلب منهم أن يتحدثوا الألمانية بطلاقة في أقرب وقت ممكن، وأنهم ما زالوا خارج دائرة الاهتمام الرسمي هنا وأنهم اضطروا للتخلي عن كل شيء قبل 30 عامًا".

ويخاطب حزب البديل من أجل ألمانيا الناخبين من أصول مهاجرة بالقول: "أنتم اضطررتم إلى الكفاح من أجل كل شيء في ذلك الوقت، بينما يحصل اللاجئون الجدد على كل شيء مجانًا"، يقول أوزفاتان إن هذه الرسالة لا تصمد أمام الحقائق، لكنها تلبي "الحقائق المُتصورة" في الأذهان. وخاصة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، هناك يقوم حزب البديل من أجل ألمانيا بحملة نشطة لكسب أصوات الشباب من أصول مهاجرة عبر صرف الكثير من الأموال وبمساعدة مؤثرين مهاجرين. الحسبة بسيطة: فقط بأصوات الناس ذوي الخلفية المهاجرة يمكن للحزب أن يصبح حزبًا شعبيًا، وفقًا للخبير السياسي.

ويشرح : "تعلم حزب البديل من أجل ألمانيا كيفية التواصل المستهدف مع الفئات المختلفة على المنصات الجديدة لوسائل التواصل الاجتماعي. وقد فهم جيدًا أن خوارزمية التوصية تسمح بنشر مواقف متناقضة تقريبا في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة أن هناك ميزة تنافسية للأحزاب المعادية للديمقراطية وتتمثل هذه الميزة في أن "المحتويات المختصرة والخاطئة لديها قدرة أعلى على الانتشار".

أعده للعربية: عباس الخشالي