انتقادات لقرار السلطات المصرية بمصادرة عدد خاص من مجلة دير شبيجل
٣ أبريل ٢٠٠٨أمرت السلطات المصرية بحجز عدد خاص من مجلة "دير شبيجل" الألمانية معتبرة انه يحتوي على اساءة للاسلام وللنبي محمد. وقال وزير الاعلام المصري انس الفقي ان هذا القرار "يأتي في اطار الدفاع عن القيم الاسلامية والوقوف بشدة ضد من يحاول الاساءة الى الرسول والدين الاسلامي والاديان عامة".
وأوضحت صحيفة الجمهورية التابعة للحكومة ان العدد الخاص للمجلة الألمانية الصادر بتاريخ 25 آذار/مارس يشير إلى الإسلام "كمذهب مسيحي". كما تضمن العدد صورا وعبارات تسيء للرسول (..) وفقرات من وصف احد المستشرقين الالمان للاسلام بأنه دين يدعو إلى العنف والارهاب، بحسب المجلة.
انتقادات لمؤسسة دير شبيجل
العدد مثار الخلاف يحمل عنوان "الله في الغرب - الاسلام والمانيا"، ويتناول وضع الإسلام وحياة المسلمين في ألمانيا، والذي يبلغ عددهم حسب المجلة 3 ملايين مسلم. وتناول العدد ثلاث محاور رئيسية هي الهوية والاندماج، والدين والتقاليد، والتسامح والعنف. ولم يتسنَ لنا العثور على العبارات المسيئة للرسول أو للإسلام في العدد، لكننا نعتقد أن الخلاف يتعلق بالصورة المنشورة برفقة المقال المتعلق بالطائفة العلوية في ألمانيا. والصورة هي منمنمة من القرن الثامن عشر وتُظهر نبي الإسلام محمد بصحبة ابنته فاطمة وزوجها علي ابن أبي طالب وطفليهما الحسن والحسين. معروف أن المذهبين العلوي والشيعي لا يحرمان تصوير نبي الإسلام.
موقعنا حاول دون جدوى معرفة رد فعل مؤسسة دير شبيجل على قرار الحكومة المصرية . لكن بعيدا عن العدد مثار الخلاف فإن المؤسسة الصحفية قد تعرضت إلى انتقادات مؤخرا في ألمانيا بسبب موادها المتعلقة بالإسلام، حيث اعتبرها البعض متحيزة ولا تقدم الصورة كاملة. الدكتور كاي حافظ استاذ علم تحليل أنظمة الإعلام في جامعة ارفورت، يشاطر هذه الانتقادات، لكنه في الوقت نفسه يرفض قرار المصادرة المصرية بشكل قاطع، ويرى أنها تنم عن ضيق نظر. ويرى كاي أن مؤسسة دير شبيجل تتبنى خطاب "صراع الحضارات"، وتسلط الضوء على الجوانب السلبية للاسلام مثل الارهاب والتطرف. لكن من حين إلى آخر يقرأ المرء تحقيقا صحفيا جيدا في دير شبيجل حول الحياة اليومية للمسلمين في ألمانيا، كما يقول حافظ.
مكاسب سياسية؟
قرار الحكومة المصرية ليس سابقة من نوعها بالطبع، فقد سبق وأن صادرت السلطات في القاهرة اعداد أربع صحف دولية منها صحيفتي "فرانكفورته الجماينه تسايتونج" و"دي فيلت" الألمانيتين و"ذي اوبسرفر" البريطانية و"ول ستريت جورنال" الأمريكية، وذلك بسبب نشرها رسوما وُصفت بالمسيئة للنبي محمد. سيد محمود الصحفي في جريدة الأهرام يرى أن قرار الحكومة المصرية يهدف في الأساس لتحقيق مكاسب سياسية، فهو يأتي على خلفية قرب موعد انتخابات المجالس المحلية في مصر، وهي الانتخابات التي تشهد حضورا مكثفا لحركة الاخوان المسلمين أكبر كتل المعارضة في مصر، لذلك تسعى الحكومة إلى تحقيق مكاسب انتخابية عن طريق لعب ورقة الدين. جدير بالذكر أن السلطات المصرية قامت مؤخرا بالقبض على عدد كبير من كوادر الحركة، وهو ما فسرته الحركة بأنها محاولة من الحكومة لإضعاف الاخوان في الانتخابات.
من ناحية أخرى يرى الصحفي سيد محمود أن القرار امتداد لعقلية النظام المصري التي تعتبر أن المصادرة هي الشكل الأمثل لحسم أي نقاش سياسي داخلي أو خارجي. مضيفا أن موقف الحكومة تجاه حرية التعبير سواء في أوروبا أو مصر واحد، فالحكومة عاجزة عن تفهم حق الفنان أو الصحفي في العمل بحرية، كما أنها غير قادرة على تمييز الاختلافات في المواقف والتيارات، وتتعامل مع الغرب على أنه كتلة واحدة. وتوقع محمود أن تشهد الأيام القادمة تشنجا في وسائل الإعلام الرسمية حول هذه القضية، كما لم يستبعد أن تحفل خطبة يوم الجمعة بردود أفعال غاضبة.