اوتمار زيريش- متقاعد يكتشف متعة تبادل الخبرات في سوريا
٢٤ يناير ٢٠١١عندما جاء مصمم القوالب الألماني أوتمار زيريش إلى العاصمة السورية دمشق بهدف تقديم الاستثارة لإحدى الشركات السورية في تصميم قوالب بلاستيكية لأغراض منزلية، كان يتوقع أن يجد شركة خاصة تعاني من مشاكل في جودة الإنتاج. غير أن زيريش (57 عاما)، الذي كسب خبرة من خلال عمله لسنوات طويلة في عدد من الشركات الألمانية المتخصصة في هذا المجال، فوجئ بمستوى الأداء في تنظيم العمل وجودة المنتج. "اكتشفت من خلال اللقاءات والجلسات مع القائمين على الشركة أنني أمام أشخاص يتمتعون بخبرات لا تقل عن خبرتي"، وفق ما يقول زيريش في مقابلة مع دويتشه فيله. ويلفت إلى أن مناقشة الاقتراحات المتعلقة بتطوير العمل مع زملائه السوريين "تقود إلى أفكار جديدة قابلة للتطبيق في مجال تصاميم أفضل". ويضيف قائلا: "شعرت أحيانا بأنني في شركة ألمانية"، مشيرا إلى أن منتجات شركة "الرشيد والريم المتحدة للصناعة"، التي يعمل بها حاليا، تتمتع "بمستوى عالمي". ويوضح ذلك بأن الشركة السورية "تواكب أحدث التقنيات العالمية وتستقدم بشكل دوري خبرات عالمية بغية الاستفادة منها".
برنامج خبرة المتقاعدين الألمان
وانتسب زيريش عقب تقاعده إلى "برنامج خبرة المتقاعدين الألمان"، الذي تأسس في مدينة بون الألمانية عام 2003، والمتخصص في تقديم الخبرة والاستشارة للشركات والمؤسسات الإدارية الرسمية في الدول النامية من خلال هؤلاء المتقاعدين الذين يتطوعون للعمل مع البرنامج بأجور رمزية. زيريش، الذي درس في مدرسة متخصصة في تعليم تصميم وبناء القوالب، يقول إن انتسابه إلى برنامج "خبرة "بعد تقاعدي انتسبت إلى الجمعية وقمت من خلالها أو بشكل شخصي بزيارة عدد من دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية بهدف تقديم خبراتي لمؤسسات صناعية وخدمية هناك". ويضيف: "لم أقم بذلك من خلال تقديم الاستشارة وحسب، بل أيضا من خلال العمل المباشر على آلات وأجهزة في هذه المؤسسات لعدة أيام بغية اكتشاف نقاط ضعفها ووضع الاقتراحات اللازمة لتطويرها لاحقا".
ويقول زيريش إنه قد قدّم خبراته لمؤسسات ومصانع تعتمد على تقنيات قديمة، لافتا إلى أنه قد ساعد الكثير منها على تجاوز "معظم مشاكلها الحادة".
"تعلمت في سوريا أشياء جديدة"
أما عن زيارته إلى سوريا، فيقول زيريش إنها قد فندت ما يُشاع "بدون تمييز عن التأخر الصناعي وعدم مواكبة التكنولوجيات العصرية في بلدان نامية مثل سوريا". ويقول في هذا السياق: "رغم خبرتي الطويلة، فقد تعلمت الكثير في الشركة السورية التي جئت لمساعدتها". ويوضح قائلا: "لقد اكتسبت خبرة جديدة وتبادلنا الآراء والمعلومات مع الخبراء السوريين، لقد تعلم كل طرف من الآخر". ويضيف "معروف بأن ألمانيا من الدول المتقدمة صناعياً وخبرائها متميزين على مستوى العالم، غير أنه لا بد من النظر إلى النصف المملوء من الكأس بمعنى أنه حتى لو كانت دولة مثل سوريا نامية فهذا لا يعني أنها متأخرة صناعياً".
إعجاب بالحياة الاجتماعية في سوريا
وعندما ينتهي زيريش من عمله اليومي في الشركة السورية ينطلق مع زملائه السوريين إلى نزهة في أحياء دمشق القديمة أو إلى معلولا المجاورة أو جبل قاسيون لإلقاء نظرة على دمشق من أعلى الجبل. "اكتسبت معرفة ثقافية عن أقدم مدينة مأهولة في العالم، ووصلت إلى نتيجة مفادها أن بعض وسائل الإعلام تنقل وجهات نظر خاطئة عن حياة الشعوب الأخرى" كما يقول زيريش. ويضيف: "كم هو رائع أن يكسب الإنسان خبرات أخرى في حياته بحيث لا تنحصر خبرته في مجال عمله، ومن الخبرات التي اكتسبتها هنا على سبيل المثال التعرّف على فن العمارة الإسلامية القديمة". كما أعرب زيريش عن إعجابه بالعادات والحياة الاجتماعية في سوريا، إذ يقول: "نحن في ألمانيا نفتقد حقا لهذا الجو الاجتماعي، إذ نعمل بشكل عام كالآلات ولا نولي للحياة الاجتماعية الأهمية الكافية". ويعتقد زيريش أن المواطن السوري يتمتع بحياة اجتماعية يفتقد لها الكثيرون في أوروبا.
عفراء محمد - دمشق
مراجعة: شمس العياري