بحر متلاطم من المشيعين في جنازة البابا يوحنا بولس الثاني اليوم

تتحول أنظار العالم اليوم إلى روما حيث تقام جنازة البابا يوحنا بولس الثاني، وقد فاق حجم المناسبة كل التوقعات إذ يُقدر عدد الذين يشاركون في الجنازة بمليوني شخص. واحتشد الرؤساء وأعضاء الأسر المالكة وملايين الزائرين في روما اليوم لحضور الجنازة في أكبر تجمع للساسة والمواطنين في العصر الحديث. وقد أعلن الفاتيكان الأمس الخميس أن أكثر من 3500 صحافي من جميع أنحاء العالم قد اعتُمدوا في الفاتيكان لنقل وقائع تشييع البابا يوحنا بولس الثاني اليوم. ويتضمن هذا الرقم فقط الصحافيين المعتمدين لدى الفاتيكان ولا يشكلون جميع الصحافيين الموجودين في روما لنقل وقائع التشييع.

وأقيمت قرية إعلامية مزودة بهوائيات وخيم تلفزيونية في قصر الملاك المقدس قرب الفاتيكان. وأمام ساحة القديس بطرس أقيمت منصة للكاميرات والمصورين فيما استأجرت وسائل أعلام منذ اشهر شققا وشرفات مطلة على الفاتيكان بأسعار خيالية. ويشارك مندوبون عن أكثر من مائة بلد في القداس، ومن المتوقع أن يتدفق في شوارع روما مليونا شخص على الأقل، فيما يتابع مئات ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم التشييع عبر أجهزة التلفزيون. وتتنقل شبكات التلفزيون الأمريكية والأوروبية والآسيوية والبلدان العربية، مباشرة وقائع التشييع التي ستكون واحدة من اكبر عمليات التغطية الإعلامية في التاريخ، على غرار ما حصل لدى نقل وقائع اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر أو جنازة الأميرة ديانا.

مراسم الدفن

تقام مراسم دفن يوحنا بولس الثاني "بحسب التقاليد" المعتمدة بالنسبة إلى دفن البابوات، كونه لم يترك وصية خاصة في هذا الشأن، مع تجديد وحيد يتمثل بتغطية وجه البابا الراحل لدى دفنه بمنديل من الحرير الأبيض. وتبدأ مراسم الجنازة الساعة العاشرة صباحاً خارج كاتدرائية القديس بطرس، وسيحييها الكرادلة وبطاركة الكنائس الشرقية التابعة للفاتيكان ويترأسها عميد مجمع الكرادلة الكاردينال جوزف راتسينغر. ويدفن يوحنا بولس الثاني في نهاية القداس والجنازة في مدفن البابوات تحت كاتدرائية القديس بطرس. وبالاستناد إلى جنازة البابا السابق يوحنا بولس الأول، يفترض أن تتم المراسم على أربع مراحل تستغرق ثلاث ساعات على النحو التالي: يحمل نعش البابا المصنوع من خشب السرو من داخل الكاتدرائية الى الخارج، وسط ترانيم جوقة الكنيسة سكستينا. ويوضع كتاب الأناجيل على النعش الذي يستقر أمام المذبح المعد للقداس. ويقف المحتفلون في الوسط، بينما الجوقة إلى اليسار والوفود الرسمية إلى اليمين. بعدها يفتتح القداس بصلوات ومزامير، ثم يُقرأ القسم الأول من القداس (ليتورجية الكلمة) يتلو بعده الكاردينال راتسينغر العظة. ثم يتلو النائب الأسقفي على روما الكاردينال كاميلو رويني صلاة الوداع.

بعد ذلك يعاد النعش إلى داخل الكاتدرائية وسط الترانيم. ويتم إدخاله إلى كنيسة القديسة مرتا حيث يوضع في تابوت ثان من الزنك، ثم في ثالث من خشب السنديان. ثم ينقل إلى مدفن البابوات حيث يدفن في حضور الكرادلة والعائلة والمقربين من البابا. وقد أعلن المسئول عن المراسم المونسنيور بييرو ماريني الثلاثاء أن البابا يوحنا بولس الثاني سيدفن في الأرض مكان البابا يوحنا الثالث والعشرين في مدفن البابوات تحت كاتدرائية القديس بطرس. وقال المتحدث باسم الفاتيكان جواكين نافارو فالس إن "الأب الأقدس أراد أن يدفن في الأرض"، موضحا انه لم يترك أي وصية مكتوبة تتعلق بجنازته. يذكر أن مدفن يوحنا الثالث والعشرين الذي توفي في 1963 بقي فارغا حتى الآن، بعد أن أعلن يوحنا بولس الثاني تطويبه ونقلت رفاته على الأثر إلى كنيسة سان جيروم داخل كاتدرائية القديس بطرس. وتم حفر حفرة بسيطة في الأرض ستغطى بلوحة كبيرة من الرخام الأبيض بعد وضع التابوت المختوم فيها.

تراب من بولندا ورؤساء من العالم

اختار البابا يوحنا بولس الثاني أن يرقد جثمانه في الفاتيكان بعيدا عن موطنه بولندا، غير أن سكان فادوفيتشي مسقط رأسه قرروا أن بولندا ستأتي إليه فقدموا إلى الفاتيكان حاملين ترابا من مدينتهم الصغيرة. وقاموا برحلة طويلة استغرقت عشرين ساعة للوصول إلى روما حاملين معهم تراباً من أحد عشر موقعا مختلفا من فادوفيتشي على ارتباط بقداسة البابا، مثل منزل عائلة فويتيلا (عائلة البابا) وكنيسة مريم العذراء ومواقع كان البابا يتردد إليها. وأعرب سكان فادوفيتشي عن أملهم في أن ينثر هذا التراب اقرب ما يمكن من مرقد البابا في مدفن البابوات، غير أنهم لم يحصلوا حتى الآن على موافقة من الفاتيكان على هذه المبادرة المستوحاة من تقليد بولندي.

ومن بين الملوك والملكات والساسة الذين يحضرون الجنازة الرئيس الأمريكي جورج بوش والرئيسين السابقين بيل كلينتون وجورج بوش الأب. وقال بوش الأب "كان مختلفا معنا بشأن عاصفة الصحراء عام 1991... كان قلقا من مدة الحرب وفقد الأبرياء". ومن الزعماء الآخرين الذين يحضرون الجنازة التي تبدأ الساعة العاشرة صباحا الرئيس الايراني محمد خاتمي ورئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع والرئيس الألماني هورست كولر والمستشار الألماني غيرهارد شرودر وزعماء بريطانيا وفرنسا واليابان إلى جانب ملك وملكة أسبانيا. ونشرت ايطاليا صواريخ مضادة للطائرات وسفينة حربية قبالة الساحل وآلافا من قوات الأمن لحماية المدينة. وسيحظر سير كل السيارات وستغلق المصالح العامة والمدارس والكثير من المتاجر للسماح بتدفق الزائرين الذين سيتجمعون قرب ساحة القديس بطرس غدا. كما تم الإعلان عن أن حلف شمال الأطلسي سيرسل طائرة استطلاع من نوع اواكس إلى روما لحماية المجال الجوي الإيطالي أثناء الجنازة. وأحصت وكالة الأنباء الفرنسية عدد قوات الأمن المكلفة بتأمين الجنازة بأربعين ألف فرد.